باتريسيا جلاد

في المرفأ مصالح غير شرعية لسياسيين وأمنيين... وإذا كان الخط باسم "المقاومة" لا يُفتح الـكونتينر!

الحاج: مع تصنيف الودائع بين مشروعة وغير مشروعة... ومع مسؤولية المصرفيين حتى بأموالهم الخاصة

26 شباط 2024

02 : 00

  • تحديد المسؤوليات بالدرجة الأولى ثم تحديد الديون والخسائر وتوزيعها على الأطراف المعنية
  • التوزيع المطلوب سيكون بين الدولة والمصرف المركزي ومن جهة أخرى القطاع المصرفي
  • لإعادة هيكلة الدين الخارجي أولاً كي لا تكون قيمة سندات الـ«يوروبوندز» أعلى من الناتج
  • التهرّب الضريبي على المرفأ يفوق الـ80% والتهرّب من الـTVA هو 51%... هنا كلّ المشكلة
  • نشدّد على استثمار أصول الدولة غير المستثمرة ليس لردّ أموال المودعين أولاً بل لتعزيز مالية الدولة
  • سياسيون اشتروا «يوروبوندز» بـ7 سنتات ويريدون بيعها بـ35 وهنا لبّ المعركة
  • الدولة نفسها تعترف بأن إيراداتها مسروقة فالتهرّب الضريبي والجمركي لا يقلّ عن 50%
  • هدفنا الحفاظ على الودائع ضمن رؤية واضحة تبدأ أولاً بتحويل الأزمة من خسائر إلى أزمة سيولة
  • مصارف تسعى لاستقطاب السيولة من خلال دفع فوائد تصل إلى الـ25% نتيجة «تنشيف» الليرة
  • المشتركون في كهرباء جبل لبنان يدفعون بين 85 و93% وفي محافظة النبطية نسبة 13% فقط.
  • يمكن مضاعفة الإيرادات لتصبح 6 مليارات دولار بالقوانين القائمة من دون زيادات ضرائبية
  • ما تريد ان تمرّره الإدارة السياسية يتمّ من خلال وزير المالية الذي لا يردّ على أي هجوم يشنّ عليه


سعر صرف سحوبات الدولار المصرفي والفساد المستشري في إدارات ومرافق الدولة والطعن الذي قدّمته كتلة الجمهورية القوية أمام المجلس الدستوري في الموازنة، والحلول المترتّبة لأزماتنا النقدية والمالية والإقتصادية وغيرها، محاور ناقشتها «نداء الوطن» مع النائب والخبير الإقتصادي رازي الحاج. فجاء هذا الحوار:


- كان من المنتظر أن يعلن وزير المالية خلال الأسبوع المنصرم عن سعر صرف دولار السحوبات المصرفية، التي كثرت التأويلات حول ما اذا كان سيصبح بقيمة 25 ألف ليرة أو 89500 ليرة. ماذا حصل وأي سعر هو الأوفر حظّاً لاعتماده؟

سعر صرف الدولار ليس وجهة نظر وإنما هو معادلة علمية يعكسها سوق القطع من خلال العرض والطلب الكفيلان بتحديد سعره إزاء الليرة. ولا يزال قانون النقد والتسليف يربط سعر الصرف بالذهب، لكن تلك المادة غير مطبقة، لذلك تلقى تلك المهمة على وزير المالية بالتعاون مع مصرف لبنان.

ولكن ليس هذا ما نريده، عندما استلم نائب الحاكم واصبح حاكماً بالإنابة وقبل انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان السابق، كان هناك خطة بناء عليها تمّت المطالبة بـ 1,200 مليار دولار لفترة 6 اشهر لضبط سعر الصرف وتمويل الدولة. وقتها تصدّينا لتلك المسألة في لجنة الإدارة والعدل وأعلنا أننا لن نسمح بالمساس بما تبقى من أموال المودعين في الإحتياطي الإلزامي الذي انخفض عن نسبة 14% الالزامية، رغم التهويل الذي كانت الحكومة تقوم به بأن الخزينة ستنهار اذا لم يتمّ الحصول على هذا المبلغ من الإحتياطي وقيمة الليرة ستنهار... موقفنا جاء لثقتنا أن نواب حاكم مصرف لبنان، قادرون من خلال سياسة نقدية بحتة على لجم سعر صرف الدولار وإنشاء منصّة تعكس سوق القطع.

وفعلاً ما حصل أننا لم نسمح بالسحب من الإحتياطي الإلزامي وحاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري استطاع تهدئة الوضع بأدوات نقدية. فلجم كتلة النقد بالتداول والتي تخطّت بفترة من الوقت الـ80 ألف مليار ليرة وتبلغ اليوم نحو 50 ألف مليار ليرة. فالسياسة النقدية لا تموّل او تتدخّل بالسياسة المالية، بل تسيران بالتوازي، ومهمة مصرف لبنان ليس تمويل الدولة.

وهنا وصلنا الى مرحلة اخرى في ما يتعلق بسعر الصرف وحاولوا استخدام وجع الناس بموضوع الودائع للقول إنه يجب رفع سعر الصرف على السحوبات المصرفية من 15 ألفاً الى 25 ألف ليرة.

وهذا الأمر طرحه احد النواب في الجلسة الأخيرة في الموازنة قبل مغادرة النواب القاعة، اذ طالب برفع سعر السحوبات المصرفية الى 25 ألف ليرة. فتصدّيت لهذا الطرح وتوجهت الى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بالقول إنها ليست من مهام مجلس النواب. فالسعر الفعلي أو الرسمي يجب أن يكون 89500 ليرة. لأن المواطنين فعلياً لا يستطيعون تسديد الضريبة على 89500 ليرة وسحب ودائعهم المصرفية على دولار 15 ألفاً أو 25 الف ليرة، فذلك يعتبر «هيركات» وشطب مقنّع للودائع.

- لماذا يريدون تحميل وزير المالية هذا العبء؟

اليوم يحاولون تمرير سعر الـ25 ألف ليرة من خلال وزير المالية يوسف الخليل. كل ما تريد ان تمرّره الإدارة السياسية يتمّ من خلال وزير المالية الذي لا يردّ على أي هجوم يشنّ عليه، وبالتالي يتعرض بالشخصي لمواقف لا تعكس قناعاته، فلماذا يتحمّل هذا الحمل اذا لم يكن صاحب الفكرة وغير مقتنع بقراره.

إن الهدف الأساسي من شطب الودائع بعد خطة التعافي، أن يتحرّك حملة الـ»يوروبوندز». وكأن القطاع المصرفي هو «قجةّ» وهو ليس كذلك. القطاع المصرفي لديه دور تمويل الإقتصاد. وبالتالي كتكتّل هدفنا الحفاظ على الودائع ضمن رؤية واضحة تبدأ أولاً بتحويل الأزمة من أزمة خسائر الى أزمة سيولة، باعتبار أن القطاع المصرفي ليس بحوزته كل الودائع. وهذا ينطبق على الأنظمة المصرفية العالمية التي يكون لديها عادة سيولة تتراوح نسبتها بين 8 و 10% من ودائعها والأموال المتبقية تستثمر ويتمّ إقراضها. غالبية السياسيين اشتروا «يوروبوندز» بقيمة 6 و 7 سنتات للدولار ويريدون اليوم بيعها بقيمة 33 و 35 سنتاً، وهنا لبّ المعركة.

- كيف ترتّب الأولويات بين الإنفاق الإجتماعي والإستثماري وديون قديمة وجديدة تريد ان تردّها وودائع؟

الموازنة اليوم لا تعكس حقيقة إيرادات ونفقات الدولة، نعتبر أن الدولة تملك الكثير من الإيرادات غير المحقّقة بسبب التهرّب الضريبي على المرفأ الذي يفوق الـ80%، والتهرّب من الـTVA هو 51%. وبالتالي عدم الادارة بشكل صحيح يجعل من مالية الدولة ضعيفة. نشدّد على استثمار أصول الدولة غير المستثمرة أولاً ليس لردّ أموال المودعين بل لتعزيز مالية الدولة بغض النظر عما اذا أنشأنا صندوق إعادة الودائع.

من هنا علينا تحديد المسؤوليات بالدرجة الأولى، ثم تحديد الديون والخسائر وتوزيعها على الأطراف المعنية من جهة الدولة والمصرف المركزي ومن جهة أخرى القطاع المصرفي...

جزء من الأموال اقترضتها الدولة ووفقاً للمعايير العالمية فهي غير قادرة على إعادة كل الديون، وليس المطلوب أن تردّ كل ديونها. وصندوق النقد الدولي تناول معيار الدين العام الى الناتج المحلي الإجمالي الذي يجب أن يبقى بحدود الـ100%.

لن تردّ الدولة فوراً ولكن على فترة تتراوح بين 10 و 15 سنة الأمر الذي يجب أن يدرج في موازنة الدولة السنوية.

لذلك لا بد من البدء أولاً بإعادة هيكلة الدين العام الخارجي كي لا تكون سندات الـ»يوروبوندز» البالغة قيمتها 36 مليار دولار اليوم أعلى من الناتج المحلي الإجمالي. حتى اليوم لا يوجد سياسة او خطة لانتظام مالية الدولة على مستوى الدين العام الداخلي والدين العام الخارجي.

وعلى صعيد القطاع المصرفي، يجب فعلياً اعادة الثقة بالقطاع المصرفي ككل بدءاً من سياسة المصرف المركزي كمراقب للبنوك وليس كشريك لها بل يسائلها ويحاسبها.

اليوم، هناك مصارف تسعى لاستقطاب السيولة بالليرة من خلال دفع فوائد تصل الى الـ25% نتيجة «تنشيف» الليرة. لذلك يجب القيام بانتظام كامل يبدأ بعدم التهرب من المسؤوليات. وخطة التعافي ليست كرة نار ترميها الحكومة الى مجلس النواب. فالحكومة هي السلطة الإجرائية والتنفيذية وتملك الأرقام الموجودة في المصارف وأبرزها السيولة.

- الكلام نفسه عن الحلول نسمعه منذ الأزمة وليس هناك من التزام فعلي. ما هو الحلّ العملاني حالياً؟

الإستمرار في خوض معارك تصبّ كلها بالإطار نفسه: أولاً وقف استخدام الإحتياطي، وربحنا تلك المعركة بلجنة الإدارة والعدل، إذ منعنا التصرف بما تبقى من الإحتياطي الذي ارتفع اليوم.

- مواجهة الهيركات. فمن خلال التعميم 166 سيتم شطب القيمة المسحوبة 150 دولاراً وليس أكثر.

- إستمرار التحسّن التدريجي في اموال مصرف لبنان بسبب إقدامه على شراء الدولارات، ويجب أن يبقى مستمراً على هذا النهج وهذه مسؤوليته للوصول الى 14% من حجم الودائع بالدولار البالغة اليوم 88 مليار دولار.

سعر الصرف المعتمد اليوم 89500 ليس السعر الحقيقي ولكن توقف العداد عند هذا الرقم.

فعلياً يجب أن يكون إنفاق الدولة من إيرادات لا تحقّقها. فهي حددت ايراداتها بكميات قليلة ولا تريد الإستعانة بالمصرف المركزي لاقراضها، فعلى على قدر ما تجبي الدولة اموالاً من السوق يعطيها مصرف لبنان في المقابل.

في كلّ مرّة تزيد الدولة إيراداتها يمكنها أن ترفع نفقاتها من دون أن يؤثّر ذلك على السياسة النقدية. لكن الدولة تتقاعس عن القيام بالإصلاحات واعادة هيكلة القطاع العام واعتماد التحوّل الرقمي وضبط التهريب والتهرّب الضريبي والجمركي في مرافق الدولة.

- ما هي المافيا التي تسيطر على المرافق مثل المرفأ والجمارك، وهل لها علاقة بالسلاح؟

لها علاقة بسياسيين وأمنيين وبالسلاح. فإذا كان الخط للمقاومة لا نفتح الـ»كونتينر». الإدارة الجمركية ليس لديها لا العتاد ولا العتيد، وبالتالي نحتاج الى أموال لضبط المرافق. رئيس لجة الأشغال النائب سجيع عطية نزل الى المرفأ وتبين له أن هناك كاميرات تبين أن البضاعة هي ليمون فيما الواقع غير ذلك.

ويعتبر تكتّل الجمهورية القوية من أكثر الكتل التي أضاءت على ضرورة ضبط التهريب والتهرّب، وقدّمنا إخبارات ولكن فعلياً القرار بيد الإدارة السياسية التي هي السلطة التنفيذية. فماذا يمنع وزير المال ضبط المرفأ؟ فنسبة الحد الدنى للتهرب الضريبي في لبنان من الرسوم الجمركية والـTVA إستناداً الى وزارة المالية لا تقلّ عن 50%. هذا اعتراف من الدولة أن نصف إيراداتها مسروقة، وبالتالي اذا لديها ايرادات تفوق الـ3 مليارات دولار، يمكن أن تصبح 6 مليارات دولار بالقوانين القائمة من دون زيادات ضرائبية.

في لجنة المال والموازنة وضعنا معايير وقلنا لا لاستحداث رسوم وضرائب جديدة مع معيار زيادة الرسوم القديمة 46 ضعفاً كحد أقصى، وصححنا الشطور.

- أين ديون الضمان الاجتماعي على الدولة التي لم تذكر في الموازنة؟

لا يمكن للمجلس النيابي إستناداً الى قانون المحاسبة العمومية أن يزيد اعتمادات بالموازنة وإنما نقل اعتماد فقط. حجم الموازنة كان 3,3 مليارات دولار يجب العمل ضمنها. يجب إعطاء الأولوية للحسابات التي تشكّل شبكة أمان إجتماعي، مثل أموال الضمان، نقابات المهندسين والأطباء والمتقاعدين والعسكر.

توازياً هناك إصلاحات يجب أن تحصل بالتوازي، فالضمان الإجتماعي لا يمكن أن يعتمد فقط على القطاع الشرعي.

من هنا يجب اتخاذ قرار بموضوع القطاع غير الشرعي، فتجمع صناعيي قضاء المتن على سبيل المثال تتم منافستهم من القطاع غير الشرعي، أي أرباب العمل الذين لايصرّحون عن موظفيهم ولا يدفعون TVA ولا يسدّدون مستحقاتهم للضمان ولا يأخذ براءة ذمّة من أحد، وبالتالي هناك مناطق من عدة ألوان طائفية فيها تهرب ضريبي.

هناك مناطق الجباية فيها بالأرقام تختلف كلياً عن الجباية في مناطق أخرى. فالمشتركون في الكهرباء في مناطق جبل لبنان يدفعون بين 85 و 93% فواتير الكهرباء في حين ان محافظة النبطية تسدّد نسبة 13% فقط. وبالسياسة لا تستطيع مؤسسة الكهرباء أن تقطع عنهم الكهرباء. لماذا لا نذهب الى لامركزية الكهرباء، فنوفّر التغذية الكهربائية على قدر الجباية؟ اذا زاد استهلاك الكهرباء سيدفع المستهلك اكثر.

هناك اقتصاد شرعي موجود بغالبيته في بيروت وجبل لبنان يتحمّل على ظهره الإنفاق الذي يحصل بكلّ لبنان.

- هل صحيح أن المسيحيين يدفعون ضرائب أكثر من سواهم؟ليس المسيحيون فقط بل اللبنانيون من كل الطوائف الموجودة في بيروت المتنوعة طائفياً، تدفع 60 مرة زيادة عن قضاء آخر.

فلا حلّ الا اذا بدأنا باللامركزية الضريبية. مثلاً لا يمكنني أن أسدد اعلى فاتورة كهرباء لأنني أريد إضاءة كل لبنان من جيبي. لذلك تبرز ضرورة الإصلاحات الأساسية.

- تحسين إدارة أصول الدولة شعار رفعته كتلة «الجمهورية القوية»، كيف تضمن عدم زيادة الرسوم والضرائب؟

قدّمنا اقتراح قانون لإدارة اصول الدولة. وليس بالضرورة زيادة الضرائب، نتكلّم ايضاً عن مرافق الدولة غير المستغلة بشكل صحيح. إدارة المرفأ على سبيل المثال لا تعطي الدولة حصّتها، فقيمة الواردات 19 مليار دولار، اما الايرادات من ذلك اقل مما يجب بكثير.

- هل المرفأ محمي سياسياً أو طائفياً؟

محمي سياسياً لأن الإدارة السياسية متنوعة، فإنفجار المرفأ سببه الأساسي الإهمال واللامسؤولية الموجودة لأنه محمية.

هناك أصول في الدولة يمكن استثمارها ووقف السرقة، فتزيد الإيرادات من دون زيادة الضرائب والرسوم.

هناك عائدات تذهب الى جيوب المافيا. على سبيل المثال اليوم من يسدّد الأموال المترتبة عن التعديات على الأملاك النهرية في لبنان والمستخدمة من قبل الناس؟ أين الإصلاحات في القطاع العام، وفوائض الأساتذة في التعليم.

فتكلفة تشغيل الإدارة العامة مرتفعة، يمكن تحويل هذه الأزمة الى فرصة لترتيب قطاعنا العام، يمكن صرف من لا يعمل ومن يستحق البقاء في وظيفته نحافظ عليه. خسرنا الكفاءات بسبب الرواتب المنخفضة والتي لا تكفي معيشتهم، وبقي من لا يعمل وهذا أمر مؤسف.

نريد سياسة مالية مبنية على فكرة الإصلاح لتعزيز إيرادات الدولة، والقيام بأفضل إدارة لهذه الأصول.

مثال: في قطاع الإنترنت هناك 1,161 مليون مشترك في الشبكة، 750 ألفاً منهم بالقطاع غير الشرعي. وفي كل مرة تريد وزارة الإتصالات تشكيل الهيئة الناظمة للإتصالات، تتمّ عرقلتها، علماً أن قوانين الطاقة والإتصالات هي من أفضل القوانين ولكن تتم عرقلة تشكيل الهيئات الناظمة لوزارتي الطاقة والإتصالات.

وبالتالي المشكلة هي بالإرادة السياسية. يجب نزع يدهم عن الدولة ووقف اعتبارها مكاناً للزبائنية وتوظيف أزلامهم وتمويل سياستهم.

- قدمت كتلة «الجمهورية القوية» طعناً بـ5 مواد في موازنة 2024، ما تأثير ذلك على الموازنة؟

قدمنا طعناً بفرسان الموازنة وقطع الحساب، ووضعنا هذه المواد كأمثلة فعلّقها المجلس الدستوري. على سبيل المثال البند المتعلق بتحديد سقف الرسوم البلدية هو من فرسان الموازنة، ولكن هناك مواد اخرى سينظر فيها المجلس الدستوري. المجلس الدستوري لا يعلق الموازنة كموازنة وانما يعلق بعض المواد التي تتضمن إشكالية، هكذا سرت العادة سابقاً والموازنة سارية في سائر بنودها.

وهنا أشير الى أن المادتين 93 و94 والمتعلقتين بإخضاع الأرباح التي نتجت عن عمليات صيرفة والمبالغ الناتجة عن سياسة الدعم، لضريبة، طرحهما النائب جورج عدوان لمحاسبة المخالفين الذين استفادوا من الدعم واستخدموا منصة صيرفة للمضاربة على الليرة.

لكن ما حصل في موازنة 2024 أنه تمّ إدراج مادتين في الموازنة لا يمكن تفسيرهما وكأن اللبنانيين جميعاً سرقوا ووضع ضريبة على السرقة، وإبراء ذمّة السارق الحقيقي، مع غياب أو عدم قدرة القضاء على المحاسبة وتطبيق سياسة فصل سلطات. يجب التمييز وعدم المساواة بين شركة الأدوية على سبيل المثال التي حصلت على الدعم لشراء دواء مدعوم وباعته بسعر مدعوم وفق تسعيرة وزارة الصحة، وبين من هرّب نفطاً الى سوريا أو مواشي.

منصة «صيرفة» كانت عملية نصب وسرقة ومضاربة على الليرة وتحقيق أرباح طائلة لـ3 أو 4 شركات أصبحت هي القطاع المصرفي البديل في لبنان.

نحن مع ضريبة الـ windfull tax التي تفرض عادة عندما تكون هناك أرباح إستثنائية تم جنيها في فترة إستثنائية. وفي السياق سنعمل كتكتل على تقديم اقتراح قانون متابع للمحاسبة ولكن بطريقة علمية موضوعية وليس بطريقة عفا الله عما مضى. وكذلك تمّ الطعن بفرض غرامات على مخالفة مبدأ الولوج الى الشواطئ ومخالفة المراسيم التنظيمية. فلماذا يكون الرسم بالدولار على الشواطئ؟ الدولة تريد ان تستسهل. المؤسسات السياحية لا يمكن دفعها بالدولار بل بالليرة وطبقاً القانون.

- هل التكتّل مؤيد لتصنيف الودائع بالمؤهلة وغير المؤهلة أو يفضّل تصنيف الأموال بالشرعية وغير الشرعية؟

نحن مع تصنيف الأموال الشرعية وغير الشرعية. مع اموال مبرّرة حققها مثلاً عاملون في القطاع العام، على أن تشطب في حال عدم التمكّن من تبريرها. لست ضد أي مودع مقيم أو غير مقيم في لبنان اي مغترب جنى 300 ألف دولار على سبيل المثال بتعبه واودعها في المصارف اللبنانية. فبدل أن تتهم الحكومة والدولة وتتمّ محاسبتهما، أصبح المودع هو المتّهم ويبرر لحظة بلحظة مصدر أمواله.

- البعض يقول إن «القوات اللبنانية» أصبحت من حلفاء الـ»أوليغارشية» أي التجار والمصارف. ماذا تقول عن ذلك؟

«القوات» حليفة الناس التي أعطتها الثقة، وهذا الجمهور هو مودع ويموت على ابواب المستشفيات ويواجه صعوبات تعليمية ولا تصل اليه الكهرباء والمياه والإنترنت وهو الذي لا يجد وظيفة وملتزم ضريبياً. دفاعنا نحن هو عن القطاع الشرعي في لبنان. نحن اول من حمّل حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة المسؤولية. طالبنا التدقيق بكل ما يحصل في مصرف لبنان. هناك فارق بين مصرفيين خالفوا ونافذين في المصارف حققوا أرباحاً غير مشروعة من خلال صيرفة... وبين قطاع مصرفي يجب أن يلعب دوره الطبيعي.

فنحن مع استرداد الأموال من المصرفيين حتى ولو كان من أموالهم الخاصة. ولكن لسنا مع تعطيل أداء القطاع المصرفي، فماذا يحلّ مكانه؟ إقتصاد الكاش أو الـ»كاش ايكونومي».

يجب البقاء قدر المستطاع الى جانب الإقتصاد الشرعي ومع قطاع مصرفي حقيقي يموّل الإقتصاد ولا يقوم بالريع و»ضبّ» الأموال.

MISS 3