كان يُحضِّر عملا مسرحياً على الكرسي المتحرّك...

فادي ابراهيم غادرَنا في عزّ عطائه

02 : 02

fadi-ibrahim1

هبّت العاصفة مرّة أخيرة أمس حاملةً معها الممثل فادي ابراهيم (67 عاماً) الى مثواه الأخير، بعد مسيرة فنية استمرت أكثر من أربعة عقود طُبعت أدواره خلالها في ذاكرة المشاهدين في لبنان والعالم العربي، ودخل كل بيت بإبداعه ووسامته؛ هو الذي لُقّب بـ«دون جوان الشاشة الفضية» لاعتباره من أكثر الممثلين وسامةً بين العرب.



في الأيام الأخيرة، شغلت صحة النجم الراحل الأوساط الفنية وشبكات التواصل الاجتماعي بعد بتر ساقه نتيجة مضاعفات إصابته بداء السكري، ونشأت موجة تعاطف شعبية وفنية واسعة معه، تجلّت في إقبال كبير على المساهمة في حملة لجمع التبرعات أطلقتها نقابة «ممثلي المسرح والسينما والإذاعة والتلفزيون في لبنان» لإكمال علاجه المكلف. وقبل ايام قليلة أعلنت عائلته أنه تم نقله إلى العناية المركزة قبل أن يتوفى أمس بعدما ارتفع ضغطه قليلاً ما سبّب نزيفاً في الرأس وأفقده وعيه، على حدّ قول نقيب الممثلين نعمة بدوي»، مضيفاً: «كان وضعه مستقرّاً في الـ 48 ساعة التي مضت، إلّا أنّ الموت غدره».





مسيرة زاخرة

انطلق الراحل في رحلته الفنية بفرقة الكشافة المدرسية، وأصبح عضواً في «فرقة ناصر مخّول الفولكلورية» عام 1979 مشاركاً في شانسونييه «والخير لقدام» لوليد خاطر، ثمّ في مسرحية للأطفال «حكاية ستي أم فؤاد». في 1987 قدم مسرحية «مطبقة لا مارتين»، وشارك في العام نفسه الفنان الراحل ايلي صنيفر في مسلسل «الوحش»، الّا أن المحطة الأبرز في مسيرته كانت من خلال مسلسل «العاصفة تهب مرتين» الذي شكّل علامة فارقة في الدراما اللبنانية في منتصف التسعينات وامتد على أكثر من 170 حلقة. ولا تزال شخصيته «نادر صباغ»، والثنائية التي شكّلها مع الممثلة رولا حمادة بشخصية «جمال سالم» في هذا العمل راسخة في أذهان المشاهدين. وقد تكرّرت هذه الثنائية في مسلسل «نساء في العاصفة» أواخر التسعينات. بعدها كرت السبحة، وخلال العقود الأربعة الماضية شارك في الكثير من المسلسلات اللبنانية والعربية المشتركة، بينها «كل الحب كل الغرام»، «بين بيروت ودبي»، «ثورة الفلاحين»، «التحدي السر»، «للموت2» «الزمن الضائع»، «بارانويا»، «خرزة زرقا «، «رصيف الغرباء»، «عروس بيروت»، «ذات ليلة»، «بنت الشهبندر»، «قصة حب»، «لأنك حبيبي»، «ورود ممزقة»، «ابني»، «الطائر المكسور»، «الفاتحون»، «حكايتي»...

في مصر، طبع بصمته الخاصة وحظي بشهرة واسعة لمشاركته في عدد من الأعمال المصرية، على رأسها مسلسل «فرقة ناجي عطالله» بطولة عادل إمام، «كيد النساء» بطولة فيفي عبده وسمية الخشاب و»تحت الأرض» بطولة أمير كرارة وغيرها...





لمع في المسرح من خلال المسرحية الشهيرة «نادر مش قادر» لمروان نجار، وعلى الخشبة أبدع ايضاً من خلال اعمال اخرى مثل «لعب الفار بعب الست»، «عمتي نجيبة»، عقد ايلين». حضر اسمه في السينما أيضاً فشارك بأفلام كثيرة منها «راشد ورجب»، «القربان»، «الجزيرة المحرمة»، «فتيات للقتل»، «الانتفاضة»، «ليلة الذئاب».

وحتى في عالم الرسوم المتحركة، كان لصوته «دوبلاج» شخصيات أحبها الكبار كما الصغار كـ»بيل وسباستيان»، «حكمة الأقزام»، «وادي الأمان»، كليمونتين» و»سفينة المحبة».

وما لا يعرفه الكثيرون عن الراحل أنه تعلّم فنَ الإلقاء وضبط مخارج الحروف على يد المخرج والممثل الراحل رشيد علامة، الذي أسند إليه دور البطولة في مسلسل «وأمطرت ذات صيف»، 1982، كما عمل مترجماً لأفلام وثائقية عبر تلفزيون لبنان، ومارس مهنة الماكياج الفني للأعمال التلفزيونية.





قالوا فيه 



يُحتفل بصلاة الجنازة الساعة الثانية والنصف من بعد ظهر يوم الخميس 29 الجاري في الكنيسة الإنجيليّة في بيروت (مقابل السراي الحكومي) ويوارى في الثرى في مدافن الإنجيليّة – رأس النبع. تُقبل التعازي اليوم الثلثاء 27 وغداً الأربعاء 28 الجاري ابتداءً من الساعة الواحدة بعد الظهر لغاية السادسة مساءً، ويوم الخميس 29 الجاري ابتداءً من العاشرة صباحاً لغاية موعد الجنازة. وإثر انتشار خبر وفاته، نعاه زملاؤه النجوم عبر «نداء الوطن»، وعبر الشبكات الاجتماعية التي ضجت برسائل حب كثيرة أشادوا من خلالها بالنجم الراحل:

النقيب نعمه بدوي نعاه قائلاً: «افتقدنا نجماً كبيراً، زميلاً عزيزاً وغالياً، أثرى الدراما اللبنانيّة والعربيّة بالكثير من الأعمال. ترك بصمةً فريدةً، وفي فترة من الفترات كان نجم النجوم في الشرق الأوسط. فادي إبراهيم ليس فقط ممثلاً، بل فناناً وإنساناً أيضاً، وأباً لستيفاني وعمر. نوّع في أدواره من العاشق والحبيب إلى الأدوار الشريرة على مستوى المسرح والسينما والتلفزيون. شارك بأعمال كبيرة لفنّانين عرب وأجانب كعادل الإمام. كما عاصر الأجيال القديمة من رشيد علامة، إلى عبد المجيد مجذوب، وسمير شمص...»، كاشفاً أنّ «الأسبوع الماضي كان مصمّماً على اعتلاء خشبة المسرح بدور على الكرسي المتحرّك، فشغفه بالفنّ كان عظيماً».





بدوره قال أمين الإعلام في نقابة «الفنانين المحترفين» طوني كيوان: «كنت أزوره كلّ أسبوع أو أسبوعين، وكانت معنوياته عالية جدّاً. لم نشعر بأننا نزور مريضاً منهكاً كما يظنّ الناس، بل كانت عيونه مليئة بالحياة. كان يضحك دائماً والابتسامة لم تفارق وجهه، كما نراه على الشاشة، يريحك عندما تنظر إليه، عكس ما يشعر هو في قلبه. كان مميّزاً على الشاشة ومع الأصدقاء على حدّ سواء».

أمّا نقيب الفنانين جورج شلهوب فأشار الى «الصداقة المهنية التي ربطته به»، واصفاً اياه بالانسان المحب.

وبغصة واضحة عبّر الممثل أسعد رشدان قائلاً: «خسرت صديقاً وإنساناً بعمر الشباب، فأنا أكبره بثلاث سنوات. يصعب عليّ كثيراً تقبّل رحيل أعزّ الأصدقاء وخيرة الناس. في الحقيقة، لا أعلم إذا كان يجب أن أفرح له وأحسده أو أن أحزن عليه. زرته قبل ثلاثة أيام، كان بخير وكنّا نضحك. لا أعلم ما حصل».

أمّا أحمد الزين فلم يتمكّن من الحديث من كثر تأثره.

وقالت الممثّلة بياريت قطريب: «تجمعني به ذكريات جميلة. عملت معه للمرّة الأولى في مسلسل «عبدو وعبدو» عام 2003. بعدها تكرّرت التجارب وعملنا سويّاً في «خيوط في الهواء» و»روبي»، عدا كلّ اللقاءات الفنّيّة التي جمعتنا»، مضيفةً: «وجوده كان دائماً محبّباً في التصوير، حيث يضفي طاقة جميلة. كان متواضعاً ومحبّاً للجميع. غيابه سيترك فراغاً هائلاً. هو نجم كبير، والنجوم مكانها في السماء».

بدوره، قال الممثّل شادي ريشا: «فادي نجم بأخلاقه قبل فنّه. كان نجماً بتصرّفاته مع زملائه أثناء التصوير. كانت تليق به الحياة لأنّه يحبّها، وصنع إرثاً لا ينتهي. مهما قلنا يبقى قليلاً، ولا كلام قادر أن يعبّر».

أمّا الممثل شادي مارون فنعاه مشيراً الى أنه «كان دائماً متكابراً على وجعه، إذ لم يكن يحبّ أن يظهر ضعيفاً أمام ضيوفه. البسمة لم تفارق وجهه، وكان دائماً يسأل عن أحوال ضيوفه»، مضيفاً: «قمنا بزيارته الأحد الفائت مع أحمد الزين، صديقه منذ أكثر من أربعين سنة، وقال لي: الاثنين 26 عيد ميلادي يا شادي. وشاءت الظروف أن يرحل يوم عيد ميلاده».

بدورها، قالت رلى حمادة: «فادي إبراهيم، بصمتك في الدراما اللبنانية لا تمحى. بغيابك فقد لبنان ممثلاً كبيراً وقامة فنيّة لا تعوّض. يا زميلي وصديقي وشريك النجاحات، حزني عليك وسع المدى».





وكتبت النجمة اليسا عبر منصة «أكس»: «يقولون إنّ الحياة مهزلة، ورغم ذلك، من الصعب أن نضحك ونرقص على الأحزان. الممثل فادي إبراهيم يوجعنا رحيلك كثيراً، لكنّ وجعك انتهى الآن، لك الراحة الأبديّة».

أمّا كارول سماحة فقالت: «وجودك على الشاشة جعل هذا الزمن جميلاً، ستبقى دائماً في ذاكرتنا وذكرياتنا».

وعلقت الممثلة ستيفاني عطاالله قائلةً: «ستحظى دائماً بمكان في قلبي. أحببت الحياة بكلّ لحظاتها، أحببت الضحك والغناء. عشت الحياة على طريقتك يا فادي».

وكتب الاعلامي يزبك وهبه: «لن تهبّ العاصفة مرّة ثالثة... نجم الشاشة اللبنانيّة يترجّل عن صهوة جواده في عزّ عطائه».

أمّا كارمن لبّس فخانتها الكلمات فاكتفت بهذه الجملة: «ما قادرة اكتب وعبّر، صعبة كتير...».

واعتبرت ماغي بو غصن أنّ «الخسارة كبيرة، لكنّه سيبقى في القلب والذاكرة».

بدورها علّقت دانييلا رحمه كاتبةً: «برحيله خسرنا أباً وأستاذاً، وخسرت الدراما اللبنانيّة ركناً أساسيّاً من أركانها لا يعوّض».

وقال النجم مروان خوري: «ولا مرّة التقيت بك إلّا وكانت الابتسامة على وجهك وكلّك إيجابيّة وحياة! فادي إبراهيم خسارة كبيرة فنّيّة وإنسانيّة».

وعلّق جوزيف عطيّة كاتباً: «فادي إبراهيم نجم شاشاتنا وقلوبنا. فنان في عطائه العظيم، كبير في إنسانيّته».

MISS 3