طوني فرنسيس

فرنسا وأميركا وفرصة لبنان

27 شباط 2024

02 : 00

تبذل فرنسا جهوداً ربما تكون الأبرز من أجل إنجاز تسوية في لبنان. في الشهور السابقة كان تركيزها على حلّ مسألة رئاسة الجمهورية، ودخلت في اقتراحات ومشاريع اصطدمت برؤى مختلفة فتراجعت ولكنّها لم تستسلم.

قبل وقوع واقعة الفراغ الرئاسي، ومنذ تفجير المرفأ تحديداً، نشطت على خط إنجاز حكومة إصلاح ومصلحين، لإيجاد حلول للأزمات المتتالية التي قادت إلى انتفاضة 17 تشرين 2019 لكنها اصطدمت بالعوائق نفسها وفشلت... ولم تستسلم. مرّت أربع سنوات ونيف منذ الاندفاعة الفرنسية التي أعقبت أزمة تشرين ثم انفجار بيروت ولم تتقدم المساعي الفرنسية بوصة واحدة.

الآن دخلت نقطة جديدة على جدول أعمال باريس اللبناني. هذه النقطة فرضها تدخّل «حزب الله» في المعركة الجارية في غزة واحتمالات تدحرجها إلى حرب شاملة على لبنان تمارسها إسرائيل يومياً وتهدّد بتوسيعها لتشمل الحجر والبشر في كل الأنحاء. بات جدول الأعمال الفرنسي مثقلاً. من حكومة الإصلاحات إلى انتخاب الرئيس إلى ضبط الحدود الجنوبية، وفي العمل لحلّ عقد المسائل الثلاث لا تجد فرنسا في الداخل من يعاونها، وليس في الأمر سرّ. فالطرف الذي يتحكّم بمسألة تشكيل الحكومة هو نفسه من يمسك بمفتاح الرئاسة وهو أيضاً من يتولّى حرب الحدود وتداعياتها الخطيرة.

تطوّرات الجنوب المرتبطة بحرب غزة جعلت السياسة الفرنسية في لبنان تزداد حاجة واقتراباً من السياسة الأميركية العامة تجاه المنطقة بما فيها لبنان. وإذا كان لبنان يحتل مرتبة خاصة لدى الفرنسيين، فهو ليس في المرتبة نفسها بالأهمية والأولوية لدى الأميركيين.

الآن تأمل باريس التي تشعر بالحاجة أكثر إلى تنسيق مع واشنطن، أن تضمن «الوساطة التي تقوم بها أميركا» في غزة، فتح الباب أمام «دبلوماسية أوسع نطاقاً في المنطقة». وهي ترى على حدّ قول سيلين أويسال الدبلوماسية الفرنسية في تحليل لـ»معهد واشنطن» إنّه «على المدى القصير بإمكان فرنسا وأميركا تنسيق جهودهما بشأن لبنان بشكل مفيد للغاية... وبناء على ذلك سعت إلى تسوية مؤقتة على الحدود، تتضمّن انسحاب «حزب الله»، وبعض الترتيبات المرتبطة بالأراضي بين لبنان وإسرائيل، والجهود المبذولة لتعزيز دور قوات الأمم المتحدة والجيش اللبناني».

رهان فرنسا التي تتحمّل مسؤولية قضايا لبنان في مجلس الأمن الدولي هو على أن تستغلّ النخب الحاكمة في بيروت الوساطة التي تقودها أميركا «لملء الفراغ الرئاسي» بدلاً من تقديم ذريعة أخرى لتبرير المأزق الراهن، تقول المسؤولة الفرنسية وتختم في تحذير صريح: «إنّها فرصة ستضيع إذا سئمت واشنطن من الخدع السياسية في بيروت وقررت إنفاق طاقتها حصرياً على اتفاق حدودي».

MISS 3