ما زالت تداعيات عملية «طوفان الأقصى» تأخذ مداها في الداخل الفلسطيني والمنطقة والعالم، وكان آخر «ضحاياها» الحكومة الفلسطينية برئاسة محمد اشتية التي قدّمت استقالتها للرئيس محمود عباس الذي قَبِلها، في وقت تتكثّف فيه الاتصالات الديبلوماسية خلف الكواليس حول مسألة إجراء إصلاح في السلطة الفلسطينية، ضروري لمواكبة مرحلة ما بعد حرب غزة.
وأوضح بيان للرئاسة أن عباس أصدر مرسوماً بقبول استقالة اشتية، و»تكليفه وحكومته بتسيير أعمال الحكومة موَقتاً، إلى حين تشكيل حكومة جديدة»، فيما أشار اشتية في مستهلّ الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء إلى أن هذه الخطوة تأتي «على ضوء المستجدّات السياسية والأمنية والاقتصادية المتعلّقة بالعدوان على قطاع غزة والتصعيد غير المسبوق في الضفة الغربية والقدس».
ورأى اشتية أن «المرحلة المقبلة وتحدّياتها تحتاج إلى ترتيبات حكومية وسياسية جديدة تأخذ بالاعتبار الواقع المستجدّ في قطاع غزة ومحادثات الوحدة الوطنية والحاجة الملحّة إلى توافق فلسطيني - فلسطيني مستند إلى أساس وطني، ومشاركة واسعة، ووحدة الصف، وإلى بسط سلطة السلطة على كامل أرض فلسطين».
ورجّحت وسائل إعلام فلسطينية اسم وزير الاقتصاد السابق محمد مصطفى كمرشّح لخلافة اشتية في تشكيل «حكومة تكنوقراط». وشغل مصطفى أيضاً منصب نائب رئيس حكومة التوافق الوطني الفلسطيني التي شكّلها رامي الحمدلله في حزيران من العام 2014. ويترأّس مصطفى صندوق الاستثمار الفلسطيني منذ العام 2005.
في غضون ذلك، اعتبر رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية خلال لقاء مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في الدوحة أن إسرائيل تُماطل في مسار المفاوضات للتوصّل إلى اتفاق هدنة وتبادل الأسرى والرهائن، بحسب «وكالة أنباء العالم العربي».
وقال هنية: «العدو الصهيوني يُماطل وهو ما لن تقبله الحركة بأي حال من الأحوال، ولن يكون الوقت مفتوحاً أمام ذلك»، مشيراً إلى أن الحركة «استجابت لجهود الإخوة الوسطاء، ووافقت على مسار المفاوضات حول وقف العدوان، وأبدت جدّية ومرونة عاليتَين».
توازياً، كانت حرب غزة ومعاناة سكّانها محور الاهتمامات أمس في اليوم الأوّل من الدورة الـ55 لمجلس حقوق الإنسان في جنيف. وفي كلمته الافتتاحية للاجتماع، حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن هجوماً إسرائيليّاً على رفح سيوجّه ضربة قاضية إلى برامج المساعدات في غزة، حيث لا تزال المساعدات الإنسانية «غير كافية على الإطلاق».
وأعرب غوتيريش عن أسفه لأنه رغم دعواته الملحّة فشل مجلس الأمن الدولي في التحرّك من أجل اتخاذ كلّ التدابير اللازمة «لوقف إراقة الدماء في غزة ومنع التصعيد»، فيما أكد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان رفض المملكة ازدواجية المعايير بالتعامل مع الحرب في غزة، داعياً إلى وقف فوري لإطلاق النار في القطاع وتحمّل المجتمع الدولي مسؤولياته.
وإذ اعتبر بن فرحان أن سكّان غزة يتعرّضون لأبشع انتهاكات حقوق الإنسان، حذّر من التبعات الكارثية لأي هجوم إسرائيلي على رفح، في وقت وصف فيه ممثل جامعة الدول العربية عبد الحكيم الرفاعي، الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، بأنه «إهانة للعدالة الدولية»، معتبراً أمام محكمة العدل الدولية أن الفشل في إنهائه يرقى إلى مستوى «الإبادة الجماعية».
من جهة أخرى، توفّي جندي في سلاح الجو الأميركي بعدما أضرم النار في نفسه خارج مقرّ السفارة الإسرائيلية في واشنطن احتجاجاً على الحرب في غزة. وفي تسجيل مصوّر تمّت مشاركته على وسائل التواصل الاجتماعي، ظهر الرجل الذي كان يرتدي زيّاً عسكريّاً وهو يُعلن أنه «لن يكون متواطئاً في إبادة جماعية»، قبل أن يسكب على نفسه سائلاً، ثمّ يُضرم النار في نفسه وهو يصرخ «الحريّة لفلسطين!»، إلى أن سقط أرضاً.