"مجزرة الجوعى" تهزّ غزّة والعالم... وبايدن يستبعد وقفاً للنار الإثنين

02 : 00

من ضحايا المجزرة التي أدمت غزة فجر أمس (أ ف ب)

هزّت «مجزرة الجوعى» شارع الرشيد قرب دوّار النابلسي جنوب غرب غزة فجر الخميس ومعه المنطقة والعالم بأسره، بعدما فتحت القوات الإسرائيلية نيران أسلحتها ومدفعيّتها وطائراتها المسيّرة على حشد من «الجوعى» الذين كانوا ينتظرون منذ ساعات وصول شاحنات المساعدات، وتدفقوا بكثافة نحوها لكي يحصلوا ولو على «فتات» طعام يُنقذهم من الموت جوعاً، فكان مصيرهم الموت قتلاً أو الإصابة.

وسرعان ما عمّت الفوضى في المكان، فحصلت عمليات تدافع وهرج ومرج وسط جثث القتلى وأجساد المصابين. ووثّق «المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان» إطلاق الدبابات الإسرائيلية النيران «بشكل مباشر» في اتجاه «آلاف المدنيين الجياع»، واصفاً ما حدث بأنه «مجزرة دامية». وتحدّث عن استهداف العشرات وهم يحملون كيس طحين أو كرتونة معلّبات لإطعام أفراد أسرهم الذين أنهكهم الجوع.

وأفادت «قناة الأقصى» عن سقوط أكثر من 100 قتيل ونحو 1000 مصاب، في حين تخطّى عدّاد القتلى في القطاع 30 ألف شخص. كما ذكر وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال جلسة استماع أمام لجنة القوات المسلّحة التابعة لمجلس النواب أن أكثر من 25 ألف إمرأة وطفل قُتلوا في الحملة العسكرية التي تشنّها إسرائيل في القطاع منذ السابع من تشرين الأوّل.

وبحسب ما روى شاهد عيان لوكالة «فرانس برس»، فإنّ الشاحنات اقتربت من بعض دبابات الجيش الإسرائيلي التي كانت في المنطقة واندفعت الحشود نحو الشاحنات، فأطلق الجنود النار على الحشود عندما اقترب الناس من الدبابات، فيما زعم المتحدّث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري أن «آلاف السكان في غزة تدافعوا على شاحنات المساعدات، ما أدّى إلى مقتل وإصابة العشرات دهساً».

وأكد هاغاري أن «جيشنا كان موجوداً في موقع الحادث لتأمين قافلة المساعدات»، مشيراً إلى أنّه «حينما حدث التدافع في غزة أطلق جنودنا النار في الهواء لإعادة النظام». وادّعى انسحاب القوات الإسرائيلية من موقع الحادث عندما خرجت الأمور عن السيطرة، بينما ندّدت حركة «حماس» بقصف إسرائيلي استهدف مدنيين كانوا ينتظرون وصول مساعدات إنسانية، معتبرةً أن ما حدث «مجزرة بشعة، تُضاف لسلسلة المجازر الطويلة»، التي يقترفها الجيش الإسرائيلي، «غير مكترث بعواقب أفعاله الإرهابية».

ودعت الحركة جامعة الدول العربية، ومجلس الأمن الدولي، للانعقاد العاجل، لاتخاذ قرارات تُلزم إسرائيل بـ»وقف القتل الجماعي والتطهير العرقي في غزة، ووقف كلّ انتهاكاتها للقوانين الدولية، وانتهاكها لمقرّرات محكمة العدل الدولية التي طالبتها بوقف جريمة الإبادة والتطهير العرقي»، فيما عقد مجلس الأمن اجتماعاً طارئاً خلف أبواب مُغلقة بطلب من الجزائر.

ووصف البيت الأبيض الحادث بأنه «خطر»، مقدّماً تعازيه «لفقدان أرواح الأبرياء». وأقرّ بـ»الوضع الإنساني السيّئ في غزة، حيث يُحاول الفلسطينيون الأبرياء إطعام أسرهم»، معتبراً أن «هذا يُسلّط الضوء على أهمّية توسيع تدفّق المساعدات الإنسانية إلى غزة وتواصلها، بما في ذلك من خلال وقف موَقت محتمل لإطلاق النار».

ولاحقاً، طلبت واشنطن من إسرائيل تقديم أجوبة وضمان توصيل الإغاثة الإنسانية بشكل آمن. وقال المتحدّث باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر: «نحن على تواصل مع الحكومة الإسرائيلية منذ وقت مبكر من هذا الصباح وعلمنا أن التحقيق جار. وسنُتابع هذا التحقيق من كثب ونضغط للحصول على أجوبة».

وتوالت الإدانات الأممية والدولية والعربية للمجزرة. وأعربت الخارجية السعودية عن «إدانة واستنكار المملكة الشديدَين استهداف المدنيين العزّل شمال قطاع غزة»، مؤكدةً «رفض المملكة القاطع لانتهاكات القانون الدولي الإنساني من أي طرف وتحت أي ذريعة»، كما طالبت مجدّداً المجتمع الدولي بـ»اتخاذ موقفٍ حازم بإلزام إسرائيل باحترام القانون الدولي الإنساني».

في السياق، حذّر منسّق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث من أنّ «الحياة في غزة تلفظ أنفاسها الأخيرة بسرعة تبعث على الرعب»، معلّقاً على المجزرة، بينما أكد مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك أن الهجوم البرّي على مدينة رفح «سيُخالف» قرار محكمة العدل الدولية.

في الغضون، استبعد الرئيس الأميركي جو بايدن وقفاً لإطلاق النار بحلول الإثنين، الموعد الذي كان قد توقعه في وقت سابق هذا الأسبوع. وأكد أن «الأمل لا ينضب». وتحدّث بايدن مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال اتصالين منفصلين، حول اتفاق محتمل لوقف نار «فوري ومستدام» في غزة لمدّة 6 أسابيع على الأقلّ مقابل إطلاق سراح رهائن، وفق البيت الأبيض الذي أوضح أن بايدن ناقش مع الزعيمين الحادث «المأسوي والمثير للقلق» أثناء تسليم مساعدات في شمال غزة.

وقال بايدن للصحافيين لدى سؤاله عن الحادث: «نتحقّق من الأمر حاليّاً. هناك روايتان متضاربتان عمّا حدث ولا جواب لدي حتّى اللحظة». ولدى سؤاله عمّا إذا كان يعتقد بأن الحادث سيُعقّد المفاوضات الرامية لوقف إطلاق النار، ردّ بايدن بالقول: «أعرف أنه سيتسبّب بذلك»، بينما عاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ليُشدّد على مواقفه السابقة خلال مؤتمر صحافي، إذ أكد أن «هدف العملية السياسية هو منح العملية العسكرية الوقت لتحقيق الانتصار الحاسم»، مشدّداً على أنّه «سنقضي على «حماس» ونُعيد جميع مخطوفينا».

وقال نتنياهو: «نعمل من أجل مواصلة الحرب وتحقيق أهدافها رغم تزايد الضغوط الدولية علينا»، مؤكداً أنّه «لن نرضخ لطلبات «حماس» وسنواصل الحرب حتّى تحقيق الانتصار الحاسم». وأوضح أنّه «من المبكر القول إن كنّا سنتوصّل إلى صفقة قريباً».

وفي شمال الضفة الغربية، قُتل إسرائيليان بالرصاص في هجوم قرب مستوطنة عيلي. وذكر الجيش أن مسلّحاً «وصل إلى محطة وقود عيلي وأطلق النار» قبل أن يتمّ «تحييده».