رمال جوني

حولا شيّعت أبناءها الثلاثة: صامدون

7 آذار 2024

02 : 00

تدمير في حولا جرّاء القصف

ما كادت بلدة حولا تستوعب ارتدادات المجزرة الإسرائيلية قبل شهر تقريباً، واستهداف مسجد البلدة وسقوط اثنين من أبنائها وجرح أربعة أطفال، حتى نفّذت إسرائيل مجزرة ثانية قضى بنتيجتها ثلاثة من عائلة واحدة بعد استهداف منزلهم. ما زال أهالي حولا تحت وقع الصدمة، البلدة الحدودية التي تقع قبالة مواقع المطلة والعبّاد والمنارة في مواجهة مستعمرة مارغليوت، تتعرّض يومياً للاعتداءات والقصف المباشر والتدمير الذي طال عدداً كبيراً من منازلها.

عدد لا بأس به من أبنائها ما زال صامداً فيها، حسن حسين المزارع العنيد رفض مغادرتها، بقي مع عائلته، يزرع أرضه ويرعى ماشيته، ولطالما ردّد كلمته «منموت بالأرض اللي عشنا فيها». تعلُّق حسين بأرضه كان كبيراً، أسوة بكل مزارعي حولا الصامدين، وبالأمس دفع ضريبة صموده في بلدته بأنْ قضى مع عائلته في الغارة التي استهدفت منزله، وحوّلت أجسادهم أشلاء تناثرت في المكان. كان حسين يُطعم ماشيته حين أغار الطيران على منزله، فيما كانت زوجته رويدة مصطفى وابنه حسن في الداخل، لم يكن يعلم أن تحرّكه لإطعام أبقاره سيدفع بإسرائيل لقصفه بأسلحة فتّاكة لا تدمّر فحسب، بل تذيب الحجر والبشر، على حدٍ سواء.

لا يستغرب رئيس بلدية حولا شكيب قطيش «إجرام العدو»، بل يقول «هذا طبعه، نرى ما يفعله في غزّة، ويتبع النهج نفسه في حولا وكل الجنوب، يريد إبادة ما أمكن». ويضيف «الحاج حسين دفع وعائلته ثمن بقائهم». لا يستطيع قطيش إحصاء عدد المجازر في حق حولا، إذ يقول « كل مرة نصل إلى عدد، ثم تضاف مجزرة جديدة، مجازر ليست في حقّ البشر، بل في حق الإنسانية كلّها».

في الحرب الحالية إرتكبت إسرائيل 3 مجازر في حقّ أبناء حولا وسقط نتيجتها 8 مدنيين، ومع ذلك لم تدفع هذه المجازر ولا الاعتداءات المتواصلة على البلدة الى تهجير من قرّر الصمود، بحسب ما يقول قطيش، مؤكداً «أنّ أبناء حولا يدفعون ضريبة الصمود، فالعدو لا يتقبّل فكرة أنّ سكان البلدة يمارسون حياتهم بشكل طبيعي، فيما مستوطنو مستعمرة مرغليوت المقابلة للبلدة، وغيرها من المستعمرات مهجورة»، ويردّد «من الطبيعي أن يستخدم العدو قساوته حتى يخيف الأهالي، ولكنه لن ينال مبتغاه، مع كل مجزرة يتمسّك أبناء حولا بصمودهم أكثر».

معظم أبناء حولا يعيشون من الزراعة، وبعض الحرف البسيطة إلى جانب الوظيفة، ومن قرّر الصمود يرى أن النزوح يعني التخلّي عن الأرض، وهو أمر «يدفع الأهالي للبقاء رغم كل الخطر القائم».

بعد التحرير وتحديد «الخط الأزرق»، خسر جزء كبير من أبناء حولا أراضيهم الواقعة داخل الخط المتداخل مع أراضي القرى السبع اللبنانية، أي قرى هونين وأخواتها، ويرى قطيش «أن المعركة اليوم هي معركة استعادة الأرض، وكل الدم الذي يقدّم هو على طريق هذا الهدف، فجزء من أرض حولا محتلّ ونطمح لتحريره ليتمكّن أصحابها من العودة لزراعتها كالسابق».

MISS 3