Fatal Affair... مصيره النسيان

02 : 00

التربص من أخطر الجرائم وأكثرها شيوعاً! ما لم تُعالَج هذه المشكلة، يسهل أن تتفاقم وتنتج تداعيات كبرى وتؤثر على جميع الأشخاص في حياة الضحية. إنها ظاهرة مخيفة وقد تطارد الفرد طوال حياته، حتى لو تلاشى التهديد المباشر الذي يواجهه. ونظراً إلى المشاعر القوية المرتبطة بهذه الجريمة الشائعة، أصبح التربص موضوعاً واعداً في عدد كبير من أعمال دراما الجريمة. يُركّز فيلم Fatal Affair (علاقة غرامية قاتلة) المعروض على شبكة "نتفلكس" على هذه الفكرة تحديداً. هو يتمحور حول المخاوف التي تتملك الشخص حين يكتشف أنه يتعرض للمطاردة من دون علمه. لكن رغم قوة الموضوع المطروح، لا ينجح الفيلم في جذب المشاهدين إلى القصة أو الشخصيات. هو يدخل في خانة أفلام التشويق النفسية، لكننا لن نشعر بأنه مطابق لمواصفات هذه الأعمال على مر 90 دقيقة من مدة عرضه.

بدأت حياة "إيلي" تتغير نحو الأفضل. بعدما عملت في إحدى الشركات لوقتٍ طويل، قررت تقديم استقالتها وتأسيس شركتها الخاصة. يرتبط هذا القرار أيضاً بانتقالها إلى خارج المدينة واستقرارها في إحدى الضواحي الهادئة حيث وجدت هي وزوجها "ماركوس" منزلاً يناسبهما. لكنّ المشكلة الوحيدة في حياة "إيلي" تتعلق ببرودة علاقتها الزوجية. لقد تلاشت مشاعر الشغف والحماسة التي كانت تُميّز علاقتهما، وسرعان ما توسّعت المسافة الفاصلة بين الزوجَين بعد مرور 20 سنة على بدء علاقتهما.

فيما تغرق "إيلي" في دوامة من العواطف المتضاربة، يتقاطع طريقها مع "ديفيد". كانا صديقَين في الجامعة ولم يتقابلا منذ أكثر من عشرين سنة. يشكّل هذا اللقاء مع صديق قديم تجربة منعشة في حياة "إيلي" وسرعان ما تعترف أمام "ديفيد" بفشل زواجها بعد تناولهما بضعة مشروبات معاً. يكشف لها "ديفيد" بدوره أنه خاض تجربة الطلاق منذ فترة قصيرة. وبعد تناول مشروبات إضافية، يتقربان من بعضهما لكنّ "إيلي" تمنع نفسها من خيانة زوجها قبل أن يخرج الوضع عن السيطرة. ما لا تعرفه "إيلي" هو أن "ديفيد" وقع في حبها بجنون. وبعدما يعرف أنها عالقة في زواج تعيس، يقرر أن يبذل قصارى جهده لإخراجها من تلك العلاقة.





لا تُعتبر القصص التي تشمل عشاقاً مصابين باضطرابات نفسية ومستعدين للتورط في أعمال سيئة من أجل أحبائهم جديدة على المشاهدين. على مر السنين، صدر عدد كبير من الأفلام المشابهة في هوليوود وتتكرر الأحداث المتلاحقة نفسها فيها، ولا يختلف Fatal Affair عن هذه الأجواء. بالتالي، لا يقدّم هذا الفيلم أي أفكار جديدة للمشاهدين. بل يسهل أن نتوقع التطورات كلها بعد عرض المشاهد الأولى، وتتماشى الحبكة مع مختلف النظريات التي نفترضها عن مسار الأحداث اللاحقة.

إذا كنا نتوقع أن نشاهد مظاهر العذاب النفسي وأعلى درجات التشويق، لن نحصل على ما نريده. يبقى الفيلم سطحياً ولا يحاول في أي لحظة أن يُصَعّد إيقاعه. حتى أنه لا يشجّع المشاهدين على التعمق في نفسية المتربص وضحيته، بل يبقيهم على مسافة من الأحداث والتطورات، وكأنهم مشاهدون صامتون يعجزون عن التواصل مع الشخصيات حتى لو أرادوا ذلك.

لكن لا يعني ذلك أن الممثلين لا يحاولون جذب اهتمام الجمهور والتواصل معه. بل يسهل أن يُعجَب المشاهدون بشخصية "إيلي" لأنها امرأة قوية وليست مستعدة للاستسلام بسهولة لمجرّد أن الممثلة نيا لونغ تبرع في نقل تلك الثقة إلى الشخصية التي تجسّدها. مع ذلك، لا مفر من أن نتساءل أحياناً عن السبب الذي يمنع "إيلي"، المحامية الشجاعة، من طلب المساعدة من إحدى وكالات إنفاذ القانون.

يطرح الفيلم هذا السؤال عليها في أحد المشاهد عن طريق زوجها الذي يسألها: كيف تستطيع التكلم مع هيئة المحلفين التي تشمل مجموعة من الغرباء وتُقنعهم بتصديق موكّلها لكنها تعجز عن التكلم مع زوجها منذ عشرين سنة عن هذا الوضع الصعب الذي تمرّ به في حياتها؟ يحمل أشخاص آخرون في محيطها المشاعر نفسها، لا سيما صديقتها المقرّبة، لكنّ هذه الأسئلة تجعل المشاهدين يخسرون اهتمامهم بتطورات القصة.

في النهاية، لا يستحق Fatal Affair أن نُهدِر الوقت لمشاهدته، مع أن أوقات فراغنا كثيرة اليوم. كان يمكن أن يكون الفيلم أفضل بكثير مما هو عليه لو حاول أن يلتزم بطبيعة الشخصيات التي يقدمها. لكنه يقع في دوامة من الأفكار المبتذلة التي نشاهدها في جميع الأفلام المتعلقة بالحبيب المهووس ولا يتعامل مع الحبكة بأسلوب مختلف. بل إنه يعرض بكل بساطة قصة مألوفة تحاول الاستفادة من نوعٍ سينمائي يجذب الجمهور بفضل نجاحات الأفلام السابقة التي تدخل في هذه الخانة نفسها.