رماح هاشم

عودة الدوائر العقارية إلى العمل... على 1500 ليرة للدولار!

من الارشيف (تصوير فضل عيتاني)

عادت الدوائر العقارية التي توقّفت لأشهر طويلة إلى العمل منذ حوالى الأسبوعيْن وبدأت بإنجاز المعاملات الكثيرة والمتراكمة من دون فتح باب إستقبال معاملات جديدة بإنتظار الإنتهاء من الموجود لديها. اللافت أن إستيفاء أغلبية الرسوم عن هذه المعاملات القديمة لا يزال على سعر الـ 1500 ل.ل. للدولار. فكيف تسير وتيرة العمل داخل هذه الدوائر؟ ومتى يُمكنها إستقبال معاملات جديدة؟



المدير العام للشؤون العقارية ومدير عام المالية بالتكليف جورج معراوي



المعاملات المتراكمة أوّلاً... دون استقبال المواطنين

المدير العام للشؤون العقارية ومدير عام المالية بالتكليف جورج معراوي، يؤكّد أن «الموظفين يُنجزون المعاملات المتأخرّة، ويُسلّمون كل يوم جمعة سندات الملكية المُنجزة وأحياناً العقود المنجزة أيضاً، وتدريجياً سيتمكنون ربما من إنجاز أو إستلام معاملات أخرى من المواطنين. وفي الوقت نفسه نؤمن الإفادات العقارية عبر نقابات المهندسين والمحامين والطوبوغرافيين. نقوم بجهدنا لإنجاز كل المعاملات المتراكمة»، مشيراً إلى أنّ كل أمانات السجل في جبل لبنان فتحت أبوابها وتعمل بشكل يومي لكن دون إستقبال المواطنين».

المواطن الخاسر الأكبر

وعن الإيرادات التي تؤمنها هذه المعاملات للدولة، يجيب المعراوي خلال حديثٍ مع صحيفة «نداء الوطن»: «يوم الجمعة الماضي بدأنا بتسليم أوامر القبض للمواطنين، وبنتيجتها ستدخل رسوم إلى خزينة الدولة. لكن الرسوم بمعظمها ما زالت تُدفع على سعر صرف الـ1500 ل ل. للدولار».

ورداً على سؤال، يلفت المعراوي إلى أن «الدولة تكبدت خسائر كبيرة جراء الإقفال لكن الخسارة الأكبر تحمّلها المواطن الذي توقفت معاملاته وأشغاله خلال هذه الفترة».

النشاط يعود تدريجيّاً

وعن الوقت الذي تحتاجه الدوائر لتعود إلى عملها بشكل طبيعي، يقول: «بعد العيد، في حال إستمر العمل على هذا المنوال، ستعاود أمانات السجل نشاطها المعتاد وتستقبل المعاملات، لكن ليس كلها في الوقت عينه، لأن الأمور رهن بإنجاز المعاملات، وكل دائرة تنتهي من التراكمات ستبدأ بإستقبال المعاملات الجديدة من المواطنين. وتدريجياً، ستستعيد كل الدوائر نشاطها الطبيعي».



أمين سرّ نقابة المطوّرين العقاريين مسعد فارس



عقارية بيروت متقدّمة

وأما أمين سرّ نقابة المطوّرين العقاريين مسعد فارس فيُعطي لمحة عن سيْر العمل في أغلبيّة الدوائر العقارية وأيّ منها إستطاعت أن تُنجز أكبر عدد من المعاملات، وقال: «العمل في عقارية بيروت أصبح متقدماً جداً، ولم يعد هناك معاملات متراكمة، لأن الموظفين التزموا بالعمل منذ تموز الماضي، منذ أن اتُخذ القرار بالفتح. الموظفون يداومون أيام الثلاثاء والاربعاء والخميس، ويتسلّم المواطن معاملته في مهلة أسبوع، رغم ان في مكتب بيروت رئيسَين فقط وأحدهما أمين سجل معاون. في المقابل، يمكن للمواطن المستعجل على إنجاز معاملته تسريع توقيعها، كما يعلم الجميع، لقاء بدل يتم تحديده وفقا لمعايير محددة، مَن هو صاحب المعاملة ومساحة الشقة، وهذا الأمر لم يكن يحصل سابقاً. لكن في النهاية المواطن المستعجل يدفع لأنه يريد الإنتهاء من الموضوع».

ويضيف فارس خلال حديث مع «نداء الوطن»: «أما على صعيد المحتسبية، فهم لا يستقبلون إلا يوماً واحداً في الاسبوع للقيمة التأجيرية، لكن هذا العام لم تصدر أي قيمة تأجيرية بعد، ويصار فقط الى إنجاز معاملات قدمها أصحابها منذ العام الماضي، والسبب أنهم لم يفهموا كيفية التخمين في موازنة العام 2024، وكل مراقب لديه معاملة عليه ان يراجع رئيس الدائرة ليخمّنها بنفسه، ليُنجِز على ضوئها عمله».

ويتابع فارس: «على صعيد الإنتقال، تجري المعاملات بطريقة سلسة، علماً أنهم يخصصون يوماً واحداً لمعاملات الانتقال ويوما آخر للقيمة التأجيرية. الأيام المتبقية من الاسبوع يعملون لكنهم لا يستقبلون معاملات المواطنين، لأنهم لا يريدون تكديس المعاملات، كي لا تتراكم ولا يتمكن الموظف عندها من إنجاز القيم التأجيرية، خاصة وان في بيروت لا يتم الأخذ بإفادة البلدية، بل يذهبون للكشف بأنفسهم. وفي حال كانت هناك ثلاث شقق تقدمت لدى اي مراقب، فهو يقضي وقته خارج المكتب يكشف، ولا يعمل. لكن إجمالاً العمل في بيروت يسير على ما يرام، والمواطن يحصل على سند الملكية».

الجنوب الأسرع

ويستكمل: «أما في الجنوب فيمكن إنجاز المعاملة خلال أسبوع، خاصة في النبطية وصيدا. ولا أعلم السبب في سرعة إنجاز المعاملات، وهل أن الأمر يعود بأن ليس لديهم تراكمات، أم أن أحداً ما يحثهم على إنجازها كي تكون هذه الدائرة أفضل من غيرها، أو أنهم نشيطون أكثر من غيرهم؟ لا أعلم، علماً ان في كل الدوائر هناك من يُنجِز «تحت الطاولة». تُسجَّل بعض التعديات لكن العمل يُنجَز».

«مصيبة المصائب» بعبدا

ويشير فارس الى ان «مصيبة المصائب هي في بعبدا، هناك عمل كثير متراكم. على صعيد القيم التأجيرية، الموظفون يداومون يومين في الأسبوع، لكنهم ينجزون العمل، ليس لديهم قيم تأجيرية عالقة. لكن النظام لا يلبيهم. على صعيد العقارية، تتحرك لكن ببطء كبير. يحاول الموظفون العمل قدر المستطاع لإنجاز المعاملات المضمومة وإصدار السندات وتسليمها لأصحابها. وهناك عقود تقدمت دون القيمة التأجيرية ولم تنتهِ نتيجة الضغط الذي حصل في الدوائر العقارية في بعبدا، فتم أخذ القرار بتوجيه من وزير المال، ينص على أن في حال كانت هناك إعفاءات سابقة من القيمة التأجيرية ولم يتمكن المواطن من تسديدها في حينه، بأن يتم التعامل معها وكأنها حصلت في وقتها وعدم طلب قيمة تأجيرية، لأن لا ذنب للمواطن بالتأخير، وبالتالي تسيير المعاملة. وهذا امر جيد، لأنه يسمح بإنجاز المعاملات بطريقة أسرع. لأن المطلوب إنجاز المعاملات لأنها تُدخل ايرادات للدولة». ويعتبر فارس أنّه «في حال لم تتم محاسبة المدير المخالف ومراقبة عمل الموظفين فستكون النتيجة سيئة وسيتلاعب الموظف وسيبتز المواطنين من جديد من خلال عرقلة معاملته، خاصة أولئك الذين تسببوا بمشكلة في جبل لبنان».

خسائر فادحة... وتراكم كبير للمعاملات

وعن الخسائر الناجمة عن الإقفال، فيؤكد أنها «فادحة، خاصة مع إنهيار الليرة، لأن المعاملة التي كانت تكلف 14 مليون ليرة لبنانية اي ما قيمته نحو 10 آلاف دولار، اليوم أصبحت تكلفتها نحو 200 دولار، لأنه يتم إحتساب الدولار على قيمة الـ1500 ليرة، علماً ان هناك نحو 82 ألف معاملة متوقفة في بعبدا فقط. والنتيجة، لم تتم محاسبة الموظفين ولا رؤساء وأمناء السجل، بل عادوا إلى وظائفهم وأقوى من الأول».