جورج العاقوري

حرّروا 1 آب من 1 نيسان

30 تموز 2020

02 : 00

ككلّ عام، يُطلّ علينا الأول من آب، حاملاً معه عيد الجيش اللبناني المُفعم بعواطف المواطنين الصادقة، ولكن المُترافق أيضاً مع مزايدات بعضهم وتكاذبه.

في الأساس، لا يُمكن فصل عيش المواطنة والإنتماء للوطن عن احترام قواه العسكرية والّا نُصاب بالانفصام.

عندنا في لبنان، هناك من لا يؤمن بالوطن، أو من يعتبره جزءاً من مشروعه، أو أداة لخدمة طرحه. كذلك هناك من يُغالي في حبّه الى حدّ ضرب مفاهيمه، فيبلغ به الأمر حد "تأليه" الجيش و"عبادة" الرينجر والمُناداة بحكم العسكر. هذا وذاك يُشكّلان عِبئاً ثقيلاً على المؤسسة العسكرية.

حبّ الجيش من حبّ الوطن، وكرامته من كرامة أبنائه، ولكنّ الكمال لله، ولو أنّ ذلك ينطبق على الجيوش في العالم لَمَا وجدنا أجهزة رقابية داخلية، من شرطة عسكرية وأمن عسكري ومحاكم عسكرية.

هيبة الجيش جزء لا يتجزّأ من سيادة الوطن، وكل مسّ بها جرس إنذار من دنوّ الإنفجار. هذا ما جرى في مواجهات تشرين 1969 التي أفضت الى اتفاقية القاهرة، وفي مواجهات أيار 1973 واتفاق "ملكارت" وصولاً الى انفجار 1975. ولكن بين الهيبة والجنوح الى العسكريتاريا والقبضة الأمنية، شعرة.

75 عاماً على ولادة الجيش اللبناني، ومسيرة تحمل في طياتها مسيرة لبنان التعدّدي بمئويته الأولى كدولة، وكذلك نظرة المكوّنات الطائفية المجتمعية للوطن، الذي ما زال يدفع ثمناً كبيراً جرّاء سعيه كي تتصالح هذه المكوّنات معه.

واليوم، في العام 2020 نحن بأمسّ الحاجة الى أن نُحرّر جيشنا من الموروثات التاريخية التي نكنّها تجاهه، ومن التكاذب الآني، وكذلك جيشنا بحاجة الى أن يُحصّن ذاته من الترهّل الذي يعيشه لبنان الدولة والمؤسسات، ومن "الأنا" التي تُصيب بعض افراده.

فلسفة، أنّ "الجيش اللبناني" شكّلت نواته الأولى تحت قيادة الأمير فخر الدين الثاني المعني في وقت مُبكر من القرن 17 في عهد إمارة لبنان، مما دفع الى وضع تمثال له عند مدخل وزارة الدفاع، أو أوهام بعض المسيحيين، أنّ الجيش وُجد لحمايتهم، او إدّعاءات بعض المسلمين انّه يحمل في طياته بذور "الصليبية" هلوسات تخطّاها الزمن.

رفع شعار "الجيش هو الحل" غير قابل للحياة في نظام ديموقراطي، كما أن تجربة جنرالات سابقين تبوّأوا رئاسة الجمهورية في آخر ثلاثة عهود سقطت بفِعل الممارسة.

الأول، كان انعكاساً للنظام الامني اللبناني – السوري مع كلّ الممارسات والخطايا التي لطّخت صورة الجيش.

الثاني، حاول السير بين الألغام منذ اختفائه عن السمع صباح ذاك الـ23 من كانون، فكان لعهده إنجاز نظري هو "إعلان بعبدا"، ولكن بالرغم من اختلافه مع فريق الثلاثية التي وصفها بـ"الخشبية"، انتهى عهده للأسف بتكريس قبضة الدويلة على الدولة.

أما الثالث، فسيُسجّل التاريخ أنّ في زمنه جاع الشعب اللبناني وعاش الذلّ، وانهار ما تبقّى من دولة.

أما مقولة "من في اليرزة عينه دوماً على بعبدا" فيجب كبحها.

في الأول من آب، نحتفل بعيد الجيش، وككلّ عام تتسلّل الى العواطف الصادقة تجاهه مواقف خبيثة.

مَن يدّعي حبّ الجيش ويرتضي وجود شريك له في السلاح، كاذب.

من يُزايد في ولائه للبدلة المُرقّطة فيما هو يتلوّن عند كلّ محطة، فيستخفّ مرّة بقدرات الجيش، ويؤدّي الطاعة مِراراً للميليشيا ويروّج لطروحاتها ويؤيّد مُقاسمتها الجيش الشرعية، دجّال.

من يسرق بسالة عناصر وضبّاط جيشنا ودماء شهدائه في "نهر البارد"، عبر وضع خطّ أحمر في البداية، وتهريب شاكر العبسي في النهاية، أو في عرسال عبر إخراج الدواعش مُعزّزين مُكرّمين في باصات مكيّفة، مُنافِق.

صرختنا من القلب والضمير، أوقفوا الكذب والدجل والنِفاق، حرّروا 1 آب من 1 نيسان.


MISS 3