أسعد بشارة

الأردن في مواجهة الخطر الإيراني

3 نيسان 2024

02 : 00

لم تكتف إيران بلبنان والعراق وسوريا واليمن. ها هي تتطلع إلى الأردن، والهدف استحداث جبهة مساندة أخرى لغزة عبر نهر الأردن. كل ذلك بحماية معادلة الصبر الاستراتيجي، التي تبيح فيها طهران لنفسها، أن تنأى عن أيّ مواجهة مع اسرائيل واميركا، في وقت كلف بالوكالة، من ارتضوا بدفع ضريبة الدم والخراب لبلدانهم، بالتفاوض بالنار نيابة عنها، فيما هي تجلس هانئة على مقاعد الحوار مع الولايات المتحدة الأميركية في عمان.

الخطر الإيراني الذي يهدد سيادة الأردن ودولته، سابق لعملية «طوفان الأقصى». حاولت إيران عبر وكلائها في سوريا، أن تغرق الأردن بالكبتاغون، وأن تجعل منه ممراً للتصدير، كما حاولت مراراً استباحة حدوده بتهريب السلاح، طموحاً لتشكيل بنية ممانعة في البلد الآمن.

يقول سفير أردني سابق في طهران إنّ نظام الملالي طلب فتح الأردن لزيارات الحج الى أماكن يعتبرها الشيعة مقدسة، وشرح المقاصد الإيرانية بوضوح: يريدون تحت ستار السياحة الدينية، تكرار تجربة استباحة سوريا، وتأسيس بنية أمنية وربما عسكرية، تمهيداً للانتقال إلى وضع آخر أكثر خطورة.

منذ عملية «طوفان الأقصى»، بدا الأردن هدفاً لإيران التي تحاول عبر التعبئة التي تقوم بها، والتي تستند فيها إلى بعض قوى الإسلام السياسي، أن تهز استقرار هذا البلد، الذي حفظ استقراره وحمى نفسه من المغامرات المجنونة، طوال مرحلة الصراع العربي الإسرائيلي، باستثناء حرب الأيام الستة التي خسر فيها الضفة الغربية، بعدما انضوى تحت قيادة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر.

تدفع إيران «حزب الله» إلى فتح حرب مساندة من لبنان، لحفظ ماء وجهها تجاه «حماس»، ثم تعود إلى لجم «حزب الله» الذي تُقتل كوادره كل يوم، لأنها لا تريد المخاطرة بحرب قد تودي بنظام الملالي. تدفع إيران الحشد الشعبي إلى استهداف القواعد الأميركية، ثم توفد قاآني للتهدئة واللجم، بعدما سقط ثلاثة جنود أميركيين قتلى، وكاد الأمر أن يصل إلى توجيه ضربة أميركية لإيران نفسها. تدفع إيران الحوثيين إلى تهديد الملاحة العالمية في البحر الأحمر، ثم تفاوض على رأسهم في عمان.

حمّست إيران «حماس» على القيام بعملية «طوفان الأقصى»، ثم تنصلت منها، وتركتها تذبح وحيدة، على وقع التمسك بالصبر الاستراتيجي. وها هي تُحمّس بعض التيارات الأردنية، التي لا تتقن إلا فن الحماس، على التحرك بما يضرب استقرار الأردن، وبما يهدد بإدخاله في متاهة لن يخرج منها، إذا ما تمكن هؤلاء من تحقيق هدفهم. هل سألت هذه التيارات الأردنية نفسها، ما تجاهله عمداً «حزب الله» والحوثي والحشد، عن سبب عدم إقفال إيران مضيق هرمز كتعبير عن اضطلاعه بمسؤولية مساندة غزة؟

بالتأكيد لم يسأل أحد منهم هذا السؤال، لكن في الإجابة عليه، تكمن كل خطورة المشروع الإيراني، على دول المنطقة. الملالي يستعملون دماء الشعوب العربية، كمادة للتفاوض مع من يستطيع التسليم لهم بالنفوذ الإقليمي، أي أميركا. أثبتت التجربة أن لا عزاء لمن يصدق ملالي طهران.

MISS 3