طوني أبي نجم

لا حلّ قبل التحرير والتحرّر!

3 آب 2020

02 : 00

لا يُمكن توصيف الوضع في لبنان بغير أنّنا بلد تحت الإحتلال الإيراني مُمثّلاً بـ"حزب الله". أي توصيف آخر لا يعكس دقّة الوضع وحراجته. وهذا الوضع يُفسّر كل ما يجري وما لا يجري على مساحة الـ10452 كيلومتراً مربعاً.

ولعلّ الأهم اليوم يكمن في ما لا يجري، بِدءاً من العجز التامّ لحكومة حسان دياب عن فعل أي شيء على الإطلاق لمحاولة مواجهة الإنهيار. فالحكومة الحالية هي حكومة "حزب الله" بامتياز، وبالتالي فإن المطلوب منها نقل لبنان بالكامل إلى قلب مِحور المُمانعة، مع ما يعني ذلك من تدمير منهجي للإقتصاد الوطني والوضع المالي والقطاعات الحيوية في البلد، ليتماهى عندها لبنان مع دول هذا المِحور، من إيران إلى فنزويلا.

هكذا كان القرار المالي الوحيد الذي اتّخذته حكومة حسان دياب بعد نيلها الثقة، هو عدم دفع استحقاق السندات السيادية للبنان للمرة الأولى في تاريخه، وذلك من دون إعداد أي خطّة بديلة، ومن دون خوض مفاوضات مع الدائنين، وهذا ما وضع لبنان على اللائحة السوداء للدول المُتعثّرة. كما أنّ حكومة حسان دياب خاضت بالنيابة عن "حزب الله" ومعه، معركة "داحس والغبراء" ضدّ مصرف لبنان وحاكمه، وضدّ القطاع المصرفي اللبناني، لمحاولة تحقيق هدف وحيد وهو تأمين مصالح "الحزب" وضخّ الدولارات في السوق اللبنانية لسحبها إلى الخارج.

ولا عجب بعد ذلك أن تفشل المفاوضات مع صندوق النقد، خصوصاً وأنّ "حزب الله" رعى منع تنفيذ أي إصلاح في الحكومات السابقة، وهو يرفض بشكل مباشر تنفيذ الإصلاحات الأساسية المطلوبة من هذه الحكومة، لأنّه معنيّ بالإستفادة المباشرة من الفلتان عبر مرفأ بيروت، ومطار الرئيس رفيق الحريري، والمعابر غير الشرعية على طول الحدود اللبنانية - السورية. كما أنّ "الحزب" يحصل على الغطاء السياسي الداخلي المطلوب، وخصوصاً مسيحياً، عبر غضّ النظر عن فساد حلفائه في قطاعات أساسية، كالكهرباء والنفط.

والأخطر مما تقدّم، هو أن "حزب الله" الذي يحتلّ لبنان بحكومته ومؤسساته لمصلحة إيران، أخرجه بالكامل من الحضنين العربي والدولي، وأمعن في مُعاداة العرب والغرب، فلم يتردّد رئيس حكومة "الحزب" حسان دياب في إطلاق النار سياسياً على المسؤول الأوروبي الوحيد الذي زار بيروت وقبِل بزيارة السراي، وهو وزير الخارجية الفرنسي.

مما تقدّم، يتّضح أنّ لا حل مُمكِناً في لبنان قبل تحريره بالكامل من الإحتلال الإيراني، وتنفيذ القرار 1559، وقيام دولة فعلية بسلطة واحدة وجيش واحد وسلاح واحد. قبل ذلك، من العبث البحث عن حلول اقتصادية أو مالية، والخيارات في لبنان باتت محدودة: إما التحرير والتحرّر الفعلي من هيمنة "حزب الله" وسطوة سلاحه، وإما الغرق إلى ما بعد بعد الإنهيار الكامل!