حسان الزين

إقتراح عمل للاحتجاج والاعتراض

6 نيسان 2024

02 : 03

تواجه حالات الاحتجاج وقوى الاعتراض خمسة قيود (أساسية)، لا بد من أن تشرع في التحرّر منها، إذا ما أرادت بناء معارضة، وهي:

1. العقائد والخطابات القديمة.

2. الانقسام المذهبي- الإقليمي- الدولي.

3. التشتت.

4. الشارع.

5. الانتخابات النيابية والبلدية.

يتجلّى القيد الأول في تكرار حالات الاحتجاج وقوى الاعتراض مفاهيم ومصطلحات وشعارات أُنتِجَت أو تُرجمت قبل الحرب في لبنان وبعدها (تحت تأثير العقائد والخطابات التي انتشرت في النصف الثاني من القرن العشرين، وقد أُضيفت إليها «الثقافة المدنية» التي انتشرت في ظل العولمة وأحادية القطب). ويحصل ذلك من دون مراجعة تلك العقائد والخطابات والمفاهيم والمصطلحات والشعارات، وتجاربها ونتائجها ومآلاتها، ومن دون مقاربة جديدة للواقع اللبناني السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي وللمتغيّرات الإقليمية والدولية.

يتجلى القيد الثاني في تأثر حالات الاحتجاج وقوى الاعتراض بالانقسام المذهبي- الإقليمي- الدولي وخطاباته (8 و14 آذار).

يتجلى القيد الثالث في توزّع حالات الاحتجاج وقوى الاعتراض وتمترسها خلف هويّاتها وخطاباتها وأطرها، من دون إجراء حوار ديمقراطي، فكري وسياسي وتنظيمي.

يتجلى القيد الرابع في ارتباط حالات الاحتجاج وقوى الاعتراض بالشارع الذي لا تمتلك قدرة تحريكه وإدارته. وفي حين تنفعل تلك الحالات والقوى مع الشارع، باتت انتظارية له. وبينما تأمل هي تحركه بات هو المعيار الرئيس لوجودها ونجاحها.

ويتجلّى القيد الخامس في التسارع إلى المشاركة في الانتخابات برصيد الاحتجاج والاعتراض وخطاباتهما، وعلى نحو شخصي ومجموعاتي، من دون برامج مؤسَّسة على مشروع فكري وبرنامج سياسي.

وفيما تترابط القيود الخمسة هذه، يبدو التحرر من القيدين الأول والثاني ذا أولوية ويُسهم في التحرر من القيود الثلاثة الأخرى. إذ لا يمكن تجاوز التشتت والتبعية للشارع والمشاركة الارتجالية في الانتخابات، من دون التحرر من تلك العقائد والخطابات والمفاهيم والمصطلحات والشعارات، ومن الانقسام المذهبي- الإقليمي- الدولي وخطاباته. وذلك عبر إنتاج مشروع فكري (رؤية للبنان دولة واقتصاداً ومجتمعاً وسياسة داخلية وخارجية) وبرنامج سياسي (أهداف ومطالب وخريطة طريق). فإنتاج مشروع فكري وبرنامج سياسي يسهم في بناء إطار تنظيمي (أو أكثر)، ومن دون ذلك ستكون أي «وحدة» ولو شملت الجميع مسرحية وهشّة. وعملية إنتاج المشروع الفكري والبرنامج السياسي، وبالتالي تجاوز التشتت، لا بد أن تقوم بالتشارك مع المجتمع، في مساحات ديمقراطية تتسع لفئات معينة نقابية وجمعياتية وثقافية ومواطنين ومواطنات. ومن دون هذه الشراكة ومساحاتها لن يكون «المنتج» الفكري والسياسي والتنظيمي تعبيراً عن نبض المجتمع وأهداف الشعب ومصالحه، وستبقى حالات الاحتجاج وقوى الاعتراض رهينة الشارع (المجهول) الذي لا تملك قدرة تحريكه وإدارته، وستنغمس المشاركة في الانتخابات أكثر في اللعبة اللبنانية التقليدية.

أحد الطرق لذلك: المبادرة إلى بناء آلية إنتاج تتألف من لجنة تنسيق وأطر حوار (في المناطق والقطاعات والمغتربات) وخلايا عمل اختصاصية. وفيما ينطلق الحوار في الأطر، تتألف الخلايا الاختصاصية وتُفوَّض بتنفيذ المهمات الآتية:

• صوغ مبادئ، بناءً على ما يُجمع من أطر الحوار ومصادر أخرى؛

• إعداد برنامج سياسي واقتصادي والاجتماعي؛

• إقتراح صيغة عمل جماعية موحّدة.

يترافق ذلك مع تنظيم أنشطة ثقافية حوارية يشارك فيها اختصاصيّون وخبراء (سياسة، اقتصاد، مجتمع، قانون، حقوق... إلخ)، وتكون مادتها جزءاً من الرأسمال المعلوماتي والفكري الذي تعتمد عليه خلايا العمل الاختصاصية في صوغ منتجاتها.

بعد ذلك، تُعرض المنتجات في أطر الحوار، ويمكن أن تُقدّم إعلامياً للبنانيين واللبنانيات. وإثر الأخذ بالآراء والملاحظات وإنجاز التعديلات وإقرارها في الأطر، يُصار إلى التعاقد الحر على الصيغ النهائية لما يمكن أن يُعتبر المشروع الفكري والبرنامج السياسي والإطار التنظيمي... وتُوضع قيد التنفيذ.

MISS 3