مكاري: لا يُبنى بلدٌ من دون مصالحة وكلنا مسؤولون عن أزمة النازحين السوريين

22 : 51

نظمت جمعية "محاربون من أجل السلام" جولة على الخط الأخضر عصر اليوم الإثنين برعاية وحضور وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال زياد مكاري في مناسبة الذكرى التاسعة والأربعين على 13نيسان 1975.


شملت الجولة المتحف الوطنيّ والكنيسة الأرثوذكسيّة وبناية البريمو والمدافن الإنجيليّة التي كانت خطّ تماس أثناء الحرب الأهليّة في لبنان حيث حضر نسيم أسعد، مسؤول المحور الغربيّ، وأنطوان الاشقر، مسؤول المحور الشرقي من العاصمة بيروت.


ودعوا إلى "الحفاظ على الخط الأخضر بين الشطرين لكي لا تتكرر المأساة والمعاناة والقتل والدمار التي سادت في الحرب الأهلية".


واختتمت الجولة في مؤتمر عقد في مبنى بيت بيروت - السوديكو شارك فيه إضافة إلى الوزير مكاري، النائب ابراهيم منيمنة، محافظ بيروت مروان عبود، ممثل نقابة المحامين لبيب حرفوش، رئيس جمعية محاربون من أجل السلام زياد صعب، وعدد من أعضاء الجمعية وعدد من المحاربين القدامى. وقدمت الإعلامية زينة باسيل اللقاء.


وزير الإعلام

ألقى وزير الإعلام زياد مكاري كلمة بالمناسبة قال فيها: "انا من جيل الحرب الأهلية وأتذكر تفاصيلها من قتل وخطف وخطوط تماس وعنف ودمار لوطننا لبنان، الذي كان درة الشرق. وللاسف كانت الحرب طويلة. ومرّ على لبنان أزمات وعواصف كبيرة خلالها في بلد كان من أجمل البلدان في العالم، واصبحت الهجرة هي الطاغية للعائلات والشباب إلى الخارج".


أضاف: "الان ما زال لبنان يتخبط من مشاكل كثيرة، وأزمات... وما زلنا حتى اليوم نخرب بيتنا بأيدينا".


وشدّد على "الدور الكبير لوسائل الإعلام في نقل الاخبار الحقيقية وليست المزيّفة والتي باتت وسائل التواصل الاجتماعي تشكل خطراً كبيراً إذ أصبح كل شخص محطة إذاعية واخبارية. وثمة البعض ينقل أخبارا زائفة وأيضاً خطاب الكراهية وحتّى الفتنة ما يخلق حالة من القلق والتوتر. ولبنان بلد ضعيف ليس لديه مناعة، ولا يبنى بلد من دون مصالحة ومحاورة".


وتابع: "معظم السياسيين لدينا هرعوا نحو مصالحهم وسلطتهم، ولا أحد فكر ببناء بلد يرتكز على النهوض والتنمية والازدهار والقانون وهي من مقوّمات أي دولة. وأما بالنسبة إلى النازحين السوريين فالجميع مسؤول عن الأزمة. ويجب تطبيق القوانين على النازحين. واليوم خلال اللقاء التشاوري اتخذت إجراءات قانونية وللأسف لا أحد يتحرك الا في أعقاب الجرائم في حق اهلنا وبلدنا".


وشكر مكاري لجمعية "محاربون من أجل السلام"، الجولة واللقاء، داعياً إلى بناء "السلام والمحبة والتلاقي بين أبناء الوطن الواحد، ونبذ الفرقة والعنف والفتنة. ولنحمي بلدنا ونعطي أملاً لأولادنا أن يحلموا بوطن السلام والتعايش في بلد معافى ومزدهر".


عبود

ومن ثم ألقى محافظ مدينة بيروت مروان عبود كلمة عاد فيها بذاكرته الى بدايات الحرب الاهلية اللبنانية، حيث إن أهله، "شأنهم كشأن معظم اللبنانيين اعتبروها نزهة وبأنها ستنتهي خلال أيام أو أسابيع كحد أقصى، إلا أن الشيطان عندما يتفلت من عقاله فإنه من الصعب إعادة حبسه".


وأسف عبود لأن تكون "العقلية نفسها ما زالت سائدة، بعد مرور 50 عاماً على بداية الحرب. وفي كل مناسبة يسعى البعض ممّن شاركوا في إشعال تلك الحرب ولا يزالون أحياء اليوم، إلى إعادة إطلاق سراح الشيطان، الذي يصعب لاحقاً لجمه".


واعتبر أننا "منذ أيام كنا سنشهد لحظة مشابهة لما شهدناه منذ 50 عاماً لولا تدخل العناية الإلهية، وبأن لسان حال اللبنانيين اليوم يأمل في إبعاد الكأس المرة عنا كي لا تتكرر تجربة تلك الحرب".


وأكد أن "دخول الحرب أمر سهل، إلا أن الخروج من أتونها أمر بالغ الصعوبة وموجع للغاية"، مشيراً الى ان "الظروف اليوم أصعب من العام 1975 بكثير فيما لو اندلعت الحرب. إذ انه حينها لم يكن هناك الكثير من وسائل الإعلام التي تلعب على الوتر الطائفي والمذهبي وتوتر الأجواء".


وتابع: "في ذلك الوقت لم تكن وسائل التكنولوجيا المسهلة للتواصل الاجتماعي متوافرة كما الحال اليوم، وبالتالي نشر الإشاعات والأخبار الكاذبة التي قد تشعل الفتنة حتى قبل التحقق من صحتها".


ودعا عبود الى "الابقاء على الأمل حيا وعدم الركون الى الاحداث اليومية التي لا تلبث ان تنتهي مفاعيلها مع كل إشراقة شمس"، مستغرباً "كيف أن البعض يريد ادخالنا في حرب جديدة في حين أن ذيول حرب العام 75 لم تنته بعد، لاسيما بعد استمرار قضية آلاف المخفيين قسرا خلال تلك الحرب، الذين لم يعرف مصيرهم حتى اليوم".


وسأل: "هل تريدون منا اليوم أن نفتح ملفات جديدة لأشخاص كهؤلاء في حال اندلعت الحرب؟".


أضاف عبود: "بعد انتهاء الحرب نحن لم نبن دولة، واغرقنا بلدنا بأكثر من 150 مليار دولار دين وسرقنا أموال المودعين في المصارف، في ظل غياب الكهرباء واهتراء اقتصادنا وطرقاتنا وبنانا التحتية".


وتطرّق الى مسألة النزوح السوري، فقال: "كما ان وضع اللبنانيين رثّ بالمجمل، كذلك حال النازح السوري الذي جاء الى لبنان هرباً من الحرب في بلده، وعلينا أن نتروى وألّا ندخل في مواجهات مع السوريين، وأن نفكر ملياً بالأمور بحكمة من أجل إيجاد الحلول بطريقة هادئة وسلمية".


ودعا عبود زعماء الطوائف إلى "الابتعاد عن الخطاب الطائفي والغرائزي لأنهم بذلك يؤسسون لنهايتهم لان الناس اليوم يريدون الخبز والتعليم والاستشفاء والطبابة".


وتوجه الى اللبنانيين قائلا: "إبحثوا عن اليد الاسرائيلية خلف كل مؤامرة او عملية خطف أو قتل. هناك عدو يتربص بنا لتدمير بلدنا، فيما نحن نفتح له المجال ليستغلَّ خلافاتنا".


وختم: "في الماضي كانت بيروت عاصمة النور في العالم العربي، واليوم أصبحت مظلمة ومعذبة، وما من دولة من دول العالم مهتمّة بنا أو مشغول بالها علينا. فإذا نحن لم نهتمّ ببلدنا وبأنفسنا فإنّ أحداً لن يهتم بنا".


منيمنة

ومن ثم ألقى النائب ابراهيم منيمنة كلمةً شدّد فيها على "تطبيق الدّستور والقانون والتمسُّك ببلدنا ولبنانيتنا".


وتحدث عن تجربته وعائلته أثناء الحرب الأهلية، حيث كانت العاصمة بيروت الحاضنة لكل الأفكار والإبداع والتعايش والتطور وغيرها. والحرب اوصلتنا إلى الهاوية من خلال استقطاب طائفي ومذهبي وحزبي. وما زالت القوى نفسها هي الحاكمة الفعلية للبلد، في حين أن الشعب يرفض الانجرار إلى العنف، وهو سباق لقياداته السياسية ولديه وعي أكبر".


وختم: "نحلم بعاصمة تحتضن الجميع وتحقق أحلامهم لان لبنان منبع الابداع وحرية التعبير والفكر والثقافة وهو ما زال منارة لكل المنطقة"، داعياً الى نبذ العنف والفتنة ولننتقل الى مساحات مشتركة لنكبرها ونوسعها بهدف السلام والأمن والاستقرار والرفاهية.