تقنية عالية لمسح القلب تمنع النوبات القلبية

02 : 00

بدأ التصوير المقطعي المحوسَب للقلب يزداد شيوعاً بوتيرة سريعة باعتباره طريقة فاعلة لتشخيص مرض القلب التاجي.

إذا شعرتَ باعتصار أو انزعاج عابر في صدرك أثناء ممارسة التمارين الجسدية أو في الظروف العصيبة، قد يتعلق سبب محتمل بخلل في تدفق الدم نحو القلب. تُعرَف هذه الحالة باسم الذبحة الصدرية المستقرة وتنشأ حين يكون الفرد مصاباً بمرض في القلب ومعرّضاً للنوبات القلبية.

قد يستعمل الأطباء عدداً من الاختبارات المختلفة لتشخيص اختلال تدفق الدم نحو عضلة القلب أو استبعاده. تقضي الخطوة الأولى عموماً بإجراء نوع من اختبار الإجهاد للتأكد من النشاط الكهربائي في القلب أو وظيفة عضلته أو أنماط تدفق الدم حين يتعرض القلب للإجهاد بسبب التمارين الجسدية أو الأدوية. تستطيع اختبارات الإجهاد أن تُحدد المناطق التي يتراجع فيها تدفق الدم، ما يشير إلى تضيّق الشريان الذي يغذي ذلك الجزء من القلب.

لكن يقول الدكتور رون بلانكستاين، اختصاصي في تصوير القلب والأوعية الدموية في مستشفى "بريغهام" للنساء التابع لجامعة "هارفارد": "تبيّن أن معظم النوبات القلبية لا تشتق من الشرايين المتضيّقة التي ترصدها اختبارات الإجهاد، بل إنها تنجم على الأرجح عن رواسب دهنية غير انسدادية تعيق أقل من نصف القطر الداخلي للشريان. هذه الصفائح غير الانسدادية تكون عرضة للتمزق وتفريغ المواد الكيماوية المسؤولة عن تشكّل الجلطات الدموية. لا تستطيع اختبارات الإجهاد أن ترصد الصفائح غير الانسدادية. أما التصوير المقطعي المحوسَب للقلب فينجح في رصدها. هذا الاختبار غير الغازي موجود منذ 15 سنة تقريباً، لكنه غير مُستعمل على نطاق واسع بعد. قد يتغير هذا الوضع قريباً بفضل أحدث النتائج التي تكشف أن هذه التقنية قد تُحسّن قدرة الأطباء على رصد ومعالجة مرض القلب التاجي.

تفاصيل التقنية

يستعمل التصوير المقطعي المحوسَب للقلب أشعة سينية عالية السرعة لتصوير الأوعية الدموية وهياكل قلبية أخرى بتقنية ثلاثية الأبعاد. قبل الفحص، يتلقى المريض حقنة من مادة التباين في ذراعه أو يده "لإضاءة" الأوعية الدموية. أو قد يأخذ أدوية محددة لإبطاء إيقاع ضربات القلب وتوسيع الأوعية الدموية. أثناء مسح القلب، يتمدد المريض على طاولة تدخل في فتحة مثقوبة داخل الماسحة الضوئية. خلال بضع ثوانٍ، تلتقط الماسحة صوراً متعددة ثم يتم دمجها لطرح صورة مفصّلة عن شرايين القلب.

في العام 2015، اكتشفت دراسة كبيرة أن التصوير المقطعي المحوسَب للقلب فاعل بقدر اختبارات الإجهاد للوقاية من النوبات القلبية وحالات الوفاة المرتبطة بأمراض القلب. ثم في العام 2018، قارنت دراسة أخرى اسمها "سكوت هارت" بين مفعول الرعاية النموذجية وحدها (تشمل في العادة اختبار الإجهاد وأدوية موصى بها) والرعاية نفسها إلى جانب تقنية التصوير المقطعي المحوسَب للقلب. بعد مرور خمس سنوات تقريباً، تراجع احتمال الوفاة بسبب مرض القلب التاجي أو التعرض لنوبة قلبية غير قاتلة بنسبة 40% تقريباً، لدى من خضعوا للتصوير المقطعي مقارنةً بمن اكتفوا بتلقي رعاية طبية نموذجية.

إذا لم يكشف التصوير المقطعي المحوسَب للقلب عن أي أثر للصفائح في الشرايين، تكون المؤشرات قوية على عدم إصابة الفرد بمرض القلب التاجي وتراجع احتمال تعرّضه لنوبة قلبية مستقبلية. هذه النتيجة ليست مضمونة بالضرورة عبر اختبار الإجهاد. يوضح بلانكستاين: "غالباً ما يتذكر الناس أنهم سمعوا شخصاً أجرى اختبار الإجهاد وجاءت نتيجته "طبيعية"، ما يعني عدم وجود أي انسدادات، لكنه يعود ويتعرض لنوبة قلبية بعد مرور بضعة أشهر".

وإذا كشف التصوير المقطعي المحوسَب للقلب أن المريض يحمل صفائح ضارة، قد يستفيد من علاجات وقائية مثل أدوية الستاتين المُخفّضة للكولسترول وأدوية ضغط الدم، تزامناً مع تحسين الحمية الغذائية والعادات الرياضية طبعاً. قد تُفسّر طريقة رصد الصفائح المتطورة والتوصيات اللاحقة حول العلاجات الوقائية المشددة تحسّن نسبة نجاة المرضى في دراسة "سكوت هارت".

لكن لن يكون التصوير المقطعي المحوسَب للقلب مناسباً لجميع الحالات. إذا كان الفرد يعرف أصلاً أنه مصاب بمرض القلب التاجي مثلاً وخضع سابقاً لعملية زرع دعامة لفتح شرايينه أو لإعادة تحويل مجرى الشرايين، من الأفضل أن يلجأ إلى اختبار الإجهاد.

أخيراً، يبقى التصوير المقطعي المحوسَب للقلب أسرع وأسهل وأقل خطورة على المرضى من تقنية تصوير الأوعية التاجية التقليدية التي تشمل إدخال أنبوب رفيع من أحد شرايين الساق أو الذراع صعوداً نحو القلب وحَقْن صبغة في الشرايين التاجية مباشرةً. إذا رصد الاختبار شرياناً مسدوداً بنسبة تفوق السبعين في المئة، يستطيع طبيب القلب أن يدسّ دعامة لفتح ذلك الشريان خلال العملية نفسها. لكن تثبت أدلة متزايدة أن الأدوية قادرة على منع النوبات القلبية بقدر دعامة القلب لدى المصابين بذبحة صدرية مستقرة.


MISS 3