جوزيف حبيب

أوكرانيا تطمح إلى مساواتها بإسرائيل!

19 نيسان 2024

02 : 00

كييف تُعاني «شحّ ذخيرة» يتسبّب بخسائر بشرية ومادية يُمكن تلافيها (أ ف ب)

تتعرّض أوكرانيا لضربات روسية موجعة بالصواريخ والطائرات بلا طيّار، تطال منشآت الطاقة وبنى تحتية حيوية ومصانع ومواقع ومقارّ عسكرية، وحتّى مجمّعات سكنية. هذه الهجمات ليست جديدة على أوكرانيا التي تشهد غزواً روسيّاً منذ 24 شباط 2022، إلّا أنّ قسوتها تشتدّ أخيراً مع «شحّ ذخيرة» كييف المخصّصة لدفاعاتها الجوّية غير الكافية أصلاً، ما يتسبّب بخسائر بشرية ومادية يُمكن تلافيها بأن يرفد الغرب أوكرانيا بما تحتاج إليه للدفاع عن نفسها.

تمكّنت إسرائيل بمساعدة حلفائها وعلى رأسهم الولايات المتحدة، من التصدّي للهجوم الإيراني الكبير بمئات الصواريخ والطائرات المسيّرة، بأقلّ قدر مُمكن من الأضرار عليها. إنّ إنكباب الغرب بقوّة على إفشال هذا الهجوم، كان له وقعه في أوكرانيا المعرّضة للاعتداءات الجوّية الروسية شبه اليومية. تتساءل دوائر صنع القرار في كييف: لماذا سارع الغرب للدفاع عن إسرائيل وإحباط الهجوم الإيراني في الشرق الأوسط، بينما أصبح «يبخل» علينا بذخائر للدفاع عن أنفسنا ضدّ الروس في قلب أوروبا؟

تضامنت أوكرانيا مع إسرائيل ودانت الهجوم الإيراني، فيما طالبت بردّ حازم وموحّد ضدّ النظامَين الروسي والإيراني اللذَين يتعاونان لنشر الرعب. وذكّرت كييف حلفاءها بأنّ المسيّرات التي استخدمتها طهران في هجومها هي ذاتها التي تستخدمها موسكو لترهيب الأوكرانيين ومحاولة اخضاعهم. لم يوفّر المسؤولون الأوكرانيون أي مناسبة للتعبير عن استيائهم من الغرب لتراجع مساعداته العسكرية لكييف في شكل ملحوظ خلال الأشهر الأخيرة، بيد أنّ سخطهم ازداد بعد مقارنة وضعيّتهم في نظر الغرب بتلك الخاصة بإسرائيل.

أليس من مصلحة واشنطن الاستمرار في سياسة «احتواء» روسيا و»تطويقها»؟ وتالياً، ألا يُساهم دعم الولايات المتحدة أوكرانيا في تحقيق هذه الغاية؟ قد تكون إسرائيل أكثر أهمية من أوكرانيا بالنسبة إلى أميركا، لكن ماذا عن أوروبا؟ لماذا لا تنخرط القوى الأوروبّية أكثر للدفاع عن دولة جارة هي ضمن قارّتهم المُهدّدة بأخطار الحروب مستقبلاً، وحماية سمائها من الضربات الروسية، خصوصاً أنّ أوكرانيا غدت «خطّ الدفاع الأوّل» عن أمن أوروبا؟ كلّ هذه التساؤلات يطرحها الأوكرانيون، متأملين إجابتهم عنها بالأفعال المؤثّرة عوض الأقوال العاطفية.

يُطالب خبراء أمنيون ومسؤولون أوروبّيون بفرض «منطقة حظر جوّي» فوق أوكرانيا أو قسم منها، أو أقلّه بتوفير نوع من «مظلّة دفاعية جوّية» غايتها فقط تحييد الهجمات الصاروخية والمسيّرة فوق البلاد، لكن على الرغم من مشروعية الكثير من هذه المطالب التي تُساهم في مؤازرة دولة تتعرّض لعدوان من جارٍ عملاق لديه «طموحات إمبراطورية» توسعية، إلّا أنّ البيئة الأمنية في شرق أوروبا تختلف عن تلك الشرق أوسطية، فضلاً عن أنّ روسيا «دولة نووية» دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، في حين أنّ الجمهورية الإسلامية قوّة إقليمية لا تملك سلاحاً ذريّاً حتّى الساعة، علماً أنّ الدولة العبرية مسلّحة نوويّاً.

تترقّب كييف نتيجة تصويت مجلس النواب الأميركي غداً السبت على مشروع قانون تقديم مساعدات ضخمة لأوكرانيا بقيمة حوالى 61 مليار دولار، هي في أمسّ الحاجة إليها، بعدما حزم رئيس المجلس الجمهوري مايك جونسون أمره وطرح مشروع القانون الخاص بأوكرانيا بشكل منفصل عن مشاريع قوانين أخرى، بينها ما هو مسخّر لدعم إسرائيل وتايوان. وإذا استطاع داعمو كييف من الحزبَين داخل مجلس النواب اعتماد مشروع القانون، فيكون الأخير قد تخطّى العقبة الأصعب ليُنقل إلى مجلس الشيوخ ذي الغالبية الديموقراطية للموافقة عليه، ويصل في محطّته النهائية إلى مكتب الرئيس جو بايدن ليُوقّعه فوراً.

تطمح أوكرانيا إلى أن يُعاملها الغرب كما يتعامل مع إسرائيل. وإن لم تنجح كييف في كسب مساواتها بإسرائيل، فإنّها تسعى بالحدّ الأدنى إلى تأمين الوسائل الدفاعية اللازمة لحماية أجوائها ووقف التقدّم الميداني لروسيا، التي عزّزت ترسانتها العسكريّة بدعم من الصين وكوريا الشمالية وإيران، تمهيداً لجلوسها إلى طاولة المفاوضات عندما تحين ساعتها من موقع تكون فيه قادرة على «كباش» موسكو لصوغ اتفاق سلام يقبله الطرفان.

MISS 3