نقل التعاطف عبر التفاعلات الاجتماعية ممكن

02 : 00

يعني التعاطف الشعور بعواطف الآخرين وتخيّل أحاسيسهم، لكن تفتقر أجزاء كبيرة من العالم اليوم إلى هذه الميزة.



من الناحية الإيجابية، يبدو أننا نستطيع نشر التعاطف عن طريق التفاعل الاجتماعي. إنه الاستنتاج الذي توصلت إليه دراسة جديدة أشرف عليها فريق دولي من الباحثين بعد إجراء أربع تجارب منفصلة لقياس التحولات الحاصلة على مستوى التعاطف، بناءً على تصرفات أكثر من خمسين متطوعاً.

إرتكزت تقييمات مستويات التعاطف لدى المشاركين في التجارب على الشهادات الشخصية والمسوحات الدماغية وكانت تميل إلى التغيّر بعد مراقبة ردود أفعال الآخرين، ما يعني إمكانية نشر النزعة إلى الاعتناء بالناس والاهتمام بهم بين المجتمعات إذا تحلى عدد كافٍ من الناس بهذه الميزة. لكن تكشف الدراسة أيضاً أن قلة التعاطف هي ظاهرة «مُعدِية» بالقدر نفسه.

تقول عالِمة الأعصاب غريت هاين من جامعة «فورتسبورغ» في ألمانيا: «كانت مستويات التعاطف تزيد أو تتراجع، بحسب طبيعة ردود الأفعال التي تحمل مؤشرات التعاطف أو تخلو منها».

في التجارب الأربع، خضعت مستويات التعاطف الفردية للقياس في البداية بعدما شاهد المشاركون فيديو يتلقى فيه أحد المتظاهرين تحفيزاً مؤلماً في يده. ثم ظهر أمامهم أفراد آخرون وهم يتفاعلون مع الفيديوات نفسها، فخضعت مستويات تعاطفهم للقياس مجدداً.

كانت رؤية تعاطف الآخرين مع ما يشاهدونه تزيد مؤشرات التعاطف لدى المشاركين في التجارب، لكن تراجعت تلك المؤشرات عند رؤية ردود أفعال متناقضة. بعبارة أخرى، يحمل التعاطف الذي نُعبّر عنه طابعاً مرناً على ما يبدو، وقد يتأثر بالأشخاص والبيئة في محيطنا.

شملت إحدى التجارب استعمال تقنية التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي كي يتمكن الباحثون من قياس النشاط العصبي في مناطق دماغية محددة. لوحظت تغيرات معيّنة في منطقة الفص الجزري الأمامي التي ربطتها الدراسات سابقاً بالتعاطف. وبفضل عدد من النماذج الرياضية، أثبت الباحثون أن التحولات في شعور التعاطف تشتق على الأرجح من عملية التعلّم بدل أن ترتبط بسلوك التقليد أو إرضاء الناس.

توضح هاين: «تكشف دراستنا أننا نملك الوسائل اللازمة لتوجيه قدرات التعاطف لدى الراشدين عبر اتخاذ تدابير مناسبة في الاتجاهَين».

التعاطف ميزة معقدة، فهي تُسهّل إقامة الروابط مع الآخرين وتبني العلاقات الاجتماعية، تزامناً مع إعطاء تفوّق معيّن للأصدقاء والجيران. حتى أن تفهّم وجهات نظر الآخرين قد يكون أساس الحضارة المعاصرة وفق بعض الأبحاث.

هذه ليست الدراسة الأولى التي تستنتج أن التعاطف قد يكون مُعدِياً، وقد تنعكس هذه النتائج إيجاباً على جميع أنواع السيناريوات، لا سيما في أماكن العمل. قد يصبح الموظفون أقل مراعاة للآخرين وأقل ميلاً إلى التفكير بهم مثلاً إذا كانت البيئة المحيطة بهم تفتقر إلى التعاطف.

في النهاية، تقول هاين: «لتطوير التعاطف على المدى الطويل، يجب أن يتواجد الناس في بيئة مبنية على الاحترام المتبادل. يصعب أن يتطور شعور التعاطف إذا كان الطرف الآخر لا يحظى بالاحترام أو إذا أصبحت قلة الاحترام مقبولة في المجتمع».

MISS 3