كشمير معزولة تماماً عن العالم

باكستان تطرد السفير الهندي وتُعلّق التجارة مع نيودلهي

10 : 02

هل تُفجّر قضيّة كشمير حرباً جديدة بين الهند وباكستان؟ (أ ف ب)

خفّضت باكستان أمس مستوى التمثيل الديبلوماسي مع جارتها النوويّة اللدودة الهند، معلنةً طرد السفير الهندي وتعليق التبادل التجاري مع نيودلهي، ردّاً على إلغاء الأخيرة الحكم الذاتي لإقليم كشمير، الذي يخضع لإغلاق شامل تفرضه السلطات الهنديّة، سعياً إلى تجنّب اشتعال الوضع برمّته، حيث قُتِلَ متظاهر واحد على الأقلّ وجرح آخرون خلال تحرّكات الأيّام الماضية.

وقال وزير الخارجيّة الباكستاني شاه محمود قريشي: "سنستدعي سفيرنا من نيودلهي ونُعيد سفيرهم". وجاءت تصريحاته فيما أصدرت الحكومة بياناً أعلنت فيه أن باكستان ستُعلّق التجارة مع الهند، في خفض للعلاقات الدبلوماسيّة بين البلدَيْن الخصمَيْن. كما توعّدت إسلام أباد برفع القضيّة إلى مجلس الأمن الدولي والمحكمة الجنائيّة الدوليّة. وجاء في البيان أن "رئيس الوزراء عمران خان ترأس اجتماعاً للجنة الأمن القومي، لبحث الإجراءات الأحاديّة وغير المشروعة التي اتّخذتها الحكومة الهندية"، في كشمير. وتابع أن "اللجنة قرّرت اتّخاذ الإجراءات التالية: أوّلاً، خفض مستوى العلاقات الديبلوماسيّة مع الهند. ثانياً، تعليق التبادلات التجاريّة معها. ثالثاً، إعادة النظر في الترتيبات الثنائيّة. رابعاً، طرح القضيّة أمام الأمم المتّحدة، ولا سيّما مجلس الأمن". وأوضح البيان أن خان "أمر بتفعيل القنوات الديبلوماسيّة كافة لفضح وحشيّة النظام العنصري الهندي، وانتهاكاته لحقوق الإنسان". ودعا خان الجيش إلى "اليقظة". وأكّد الجيش الباكستاني أمس الأوّل أنّه "يقف بحزم" إلى جانب أبناء كشمير.

وكانت الهند أصدرت الإثنين مرسوماً رئاسيّاً ألغى الحكم الذاتي الذي كان قائماً في هذه المنطقة على مدى سبعة عقود، كذلك صوّت البرلمان الهندي على تقسيم كشمير إلى منطقتَيْن خاضعتَيْن مباشرة لسلطة نيودلهي، وذلك بُعيد فرضها حظر تجوّل صارماً فيها، في خطوة قد تُشعل نزاعاً عسكريّاً مع باكستان التي تتنازع مع الهند السيادة على المنطقة ذات الغالبيّة المسلمة، وتُؤجّج التمرّد الذي أوقع حتّى الآن عشرات آلاف القتلى. وكشمير مقسّمة بين الهند وباكستان منذ استقلالهما في العام 1947، ويتنازع البلدان السيادة على المنطقة الواقعة في جبال الهيملايا. وخاضت القوّتان النوويّتان الجارتان حربَيْن من أصل ثلاث حروب دارت بينهما بسبب هذه المنطقة بالذات. وفي وقت سابق من العام الحالي، أوشكت الحرب الرابعة بين البلدَيْن على الاندلاع بعد هجوم دموي وقع في الشطر الهندي من كشمير واستهدف قافلة شبه عسكريّة هنديّة متسبّباً بنحو 40 قتيلاً، وتبنّته مجموعة متمرّدة مقرّها باكستان، ما أدّى إلى غارات جوّية متبادلة. وتتّهم نيودلهي منذ أمد بعيد، إسلام أباد، بدعم مجموعات إسلاميّة متطرّفة في كشمير، الأمر الذي تنفيه باكستان.

وبعدما كانت كشمير تتمتّع بحكم ذاتي ويقتصر حق شراء العقارات وتولّي الوظائف الحكوميّة فيها على أبناء الإقليم، أصبحت المنطقة تحت سلطة نيودلهي المباشرة. وتخضع المنطقة لإغلاق شامل فرضته السلطات الهنديّة، سعياً إلى تجنّب اشتعال الوضع. وأُوقف أكثر من مئة شخص بينهم مسؤولون سياسيّون محلّيون في الأيّام الأخيرة. وبدت سريناغار، التي تُعتبر أحد أبرز مراكز الاصطياف في الإقليم، مدينة أشباح، بعد فرض إجراءات أمنيّة مشدّدة فيها وانتشار الجنود المسلّحين على كلّ التقاطعات وعند الحواجز المدعّمة بالأسلاك الشائكة واقتصار الحركة في طرقاتها على قلّة قليلة من المارة. وباتت المنطقة معزولة تماماً عن العالم بعدما قطعت فيها وسائل الاتصال كافة. ورغم الانتشار الأمني الكثيف ومنع التجوّل والتجمّعات، تحدّث سكّان مدينة سريناغار عن تظاهرات متفرّقة.

وكشف مسؤول أمني لوكالة "فرانس برس" في وادي سريناغار أن "كشمير تغلي وستنفجر بعنف، لكنّنا لا نعرف متى"، مضيفاً: "لا أعرف كيف يُمكن رفع حظر التجوّل من دون حصول تظاهرات عنيفة"، في حين أشار مسؤول في الشرطة إلى وفاة متظاهر شاب "قفز في نهر جيلوم"، فيما كانت تُلاحقه الشرطة. ووقع الحادث في البلدة القديمة في سريناغار، التي تُعتبر بؤرة للتظاهرات المناهضة للهند. وتابع المسؤول الأمني: "لم نتوصّل إلى جمع تفاصيل كافية عن معظم مناطق وادي كشمير"، موضحاً أن الهواتف التي تعمل بالأقمار الاصطناعيّة والتي يستخدمها حوالى 300 مسؤول في الإدارة والشرطة، بالكاد كانت تعمل. وأردف: "كما لو أن كارثة طبيعيّة غير مرئيّة قد حلّت بنا". ولفت مسؤول أمني آخر إلى أن "جميع الزعماء السياسيين للأحزاب الكشميريّة تقريباً، سواء من الانفصاليين أو الموالين للهند، مسجونون.

توازياً، عبّر وزير الخارجيّة البريطاني دومينيك راب عن قلقه لنظيره الهندي من الوضع في إقليم كشمير. وقال راب: "تحدّثت مع وزير الخارجيّة الهندي وعبّرنا عن بعض من بواعث قلقنا في شأن الوضع ودعونا إلى الهدوء"، مضيفاً في الوقت ذاته: "لكن كانت لدينا أيضاً قراءة واضحة للوضع من منظور الحكومة الهنديّة".


MISS 3