أصدرت نقابة محرّري الصّحافة اللبنانيّة البيان الآتي: "تنعى النقابة الزميلة منى جورج بشارة، رئيسة تحرير مجلة "الماغازين" الفرنسية المحتجبة منذ سنوات، وهي بدأت العمل الصحافي في هذه المجلة العام 1965، وتدرجت فيها من مراسلة، كاتبة، سكرتيرة تحرير إلى أن تسلمت إدارة التحرير على رأس فريق من الصحافيات والصحافيين المحترفين.
وانتسبت إلى نقابة محرري الصحافة اللبنانية في العام 1968.
انتخبت في مطالع الثمانينات عضواً في مجلس النقابة لدورتين وهي كانت أول إمرأة تدخل المجلس منذ تأسيس النقابة في الاربعينات.
وهي حائزة على إجازة في الحقوق من جامعة القديس يوسف وتتقن العربية، الفرنسية، الانكليزيّة نطقاً وكتابةً.
وقال النقيب جوزف القصيفي في نعيها:
"تغيب منى بشارة، بعدما غيبها المرض عن زملائها واصدقائها، وتطوى معها صفحة زاهية من كتاب الصحافة اللبنانية عموماً، والفرنكوفونيّة خصوصاً. إنّها الماهدة الشّجاعة التي إختارت المهنة، وما تحفّ بها من صعوبات ومشقات متحدية التقليد السائد، لاسيما وأنّها ابنة محام كبير هو جورج بشارة الذي تخرج من مكتبه العديد من القامات القانونية والقضائية، ومنهم من إحتلّ مواقع متقدّمة في الدولة كالوزير فؤاد بطرس.
كانت الطريق معبدة أمامها لتكون محامية ناجحة، لكنها لاذت إلى الصحافة شاهرة انحيازها إليها. وخاضت معتركها بنجاح سلاحها الموقف، قوة الشخصية، الحضور الطاغي والآسر في آن،إلى ثقافة واسعة وأسلوب راق في الكتابة.
كانت لديها انفة وكبرياء من دون أن تعرف التكبر. عشقت الحرية ودافعت عنها، وواجهت اي محاولة للانتقاص منها، أو التعرض لكرامة صحافي. واذكر واقعة شهدتها عندما كان مجلس نقابة المحررين في زيارة لاحد رؤساء الجمهورية تمثلت في رفضها بصوت عال ونبرة حادّة انتقادات قاسية جداً ساقها هذا الرئيس ضد مجلتها وإحدى العاملات فيها لنشرها ريبورتاجا معززاً بالصّور، اعتبر أنّه يُسيء إلى الدولة وهيبتها.
وجاهرت بأنّ حرّية الصحافة مقدسة ويجب أن تُصان والا تخضع لتهديد او وعيد. كانت رأس حربة في الدفاع عن حرية الصحافة، وعن القيم الديموقراطية، لأنها صورة لبنان وجوهره.
وهي كانت عضداً وسنداً للعنصر النسائي لكي يدخل معترك الصحافة، وساعدت الكثيرات من الزميلات، ووجهتهنَّ ووضعت خبرتها الواسعة في تصرفهنَّ. وما زال من ثبت منهنَّ في المهنة يذكرنها بالخير، ويقرّ بفضلها عليهن.
منى بشارة التي زاملتها في مجلس نقابة المحررين، وهي أول إمرأة تنتخب لهذا المنصب زمن النقيب ملحم كرم، كانت إلى شراستها في الدفاع عن قناعاتها، وخياراتها، وصون قيم الحرية، صديقة تتمتع بحس إنساني مرهف، وغيرة على الزميلات والزملاء، الصديقات، الاصدقاء، ولم تبخل يوما بتقديم النصح، أو مد يد العون لهم.
كانت جريئة حتى العظم، هادرة كشلالات جزين في عز الشتاء، ورقيقة كالنسيمات المتسللة من صنوبرات بكاسين. وفي وداعها نبكي وجها من وجوه الصحافة اللبنانية، ونستذكر برحيلها زمنا جميلا لن يعود. لكن منى ستظلّ راقدة في ذاكرتنا نستعيدها مع كل اشراقة لشمس الحرية والحب على لبنان.