رمال جوني

الحرب "تزرع" سهل مرجعيون والحصاد رزمة خسائر

21 أيار 2024

02 : 00

سهل مرجعيون

لم يقوَ عدد من أبناء برج الملوك في قضاء مرجعيون على النزوح. أكثر من 115 عائلة قرّرت العودة إلى البلدة في الآونة الأخيرة، وفق رئيس البلدية إيلي سليمان الذي يرى أن هذه الخطوة تندرج في سياق فقدان القدرة على تحمّل تبعات النزوح. تكاد تكون حركة السير باتجاه البلدة شبه معدومة، الطريق محفوفة بالمخاطر، إذ يتحيّن بعض الأهالي تحرّك «القوات الدولية» للسير خلفها. أمّا داخل البلدة فتبدو الحياة شبه طبيعية، المتاجر مشرّعة الأبواب وإن كانت حركة العمل خجولة. وحده صوت الغارات التي تهزّ كفركلا والخيام ما يُخيف الأهالي، الذين يشاهدون بأمّ العين كيف تُدمّر إسرائيل جاراتها، بحسب سليمان.

يتابع الأخير شؤون البلدية، وتحديداً ملفّ النفايات، حيث تعرّض فريق عمال النّظافة لأكثر من اعتداء خلال رمي النفايات في مكبّ البلدة الواقع في تلة الحمامص، ما دفعه للبحث عن مكان آخر لأنّه «لا يمكننا تعريض حياة عمّالنا للخطر».

صحيحٌ أن برج الملوك لم تتعرّض للغارات المباشرة، ولا للتدمير على غرار الدمار الكبير الذي حلّ بالخيام وكفركلا، إلّا أنّها تعيش واقع القصف، عدا تعرّض أطرافها للغارات المكثّفة وتحديداً تلة الحمامص. عند مثلث برج الملوك - كفركلا - القليعة، نتّجه نزولاً نحو الخيام ومنها إلى تلة الحمامص المطلّة على مستوطنة المطلّة، والتي تفصل سهل مرجعيون عن سهلي الوزاني وسردة. لم يجرؤ أحد من المزارعين زرع الأراضي الممتدّة على طول السهل المشترك بين قرى الخيام، مرجعيون، إبل السقي، القليعة وبرج الملوك.

في هذا السياق، يُشير سليمان إلى أنّ خسائر السهل تُقدّر بملايين الدولارات، مردفاً أنه «لا يمكن إحصاء الخسائر نظراً لفداحتها».

منذ بداية الحرب، يتعرّض السهل لوابل من القصف الفوسفوري، والغارات المتلاحقة، وآخرها الغارة التي استهدفت ثلاث رعاة كانوا يرعون ماشيتهم في السهل. يقول سليمان إنّ «هؤلاء الرعاة يقطنون في المطار الإنكليزي الذي بني عام 1948 المحاذي مباشرة للمطلّة، وعادة ما يخرجون لرعي ماشيتهم، غير أنّ العدوّ قرّر استهدافهم ما أدّى إلى إصابتهم بجروح مختلفة».

واللافت أنه كيفما ولّيت نظرك من سهل مرجعيون لناحية القرى ترى الدمار الذي لم يأتِ على الحجر وتدمير القرى فحسب، بل طال القطاع الزراعيّ، وتحديداً سهل مرجعيون، الذي يُعدّ ثاني أكبر السهول الزراعية بعد البقاع، ويرفد السوق المحلية بشتّى أنواع الخضار والفاكهة الصيفية تحديداً البطّيخ والشمّام، إضافة إلى احتوائه العديد من مراعي النحل والزيتون. كلّ ما فيه قد دُمّر، حتى المناحل التي كانت تُنتج كميّات كبيرة من العسل، قضت عليها الحرب»، بحسب سليمان.

إذاً حلّت المصيبة على كلّ المزارعين، ومعظمهم من قرى: حولا، مركبا والعديسة الذين يزرعون التبغ والبندورة والخيار، هؤلاء كلّهم نزحوا بسبب الحرب، فتحوّل السهل إلى أرض بور. يضيف سليمان أنّ «لبنان خسر أحد أهم سهوله الزراعية، وليس معروفاً بعد متى تنتهي الحرب». ما يخشاه هو موسم الحرائق فـ»العشب يحتلّ حقول الزيتون داخل السهل، وإذا لم يتمّ نزعه سيتسبّب في حرائق متعدّدة ونخسر موسم الزيتون للعام الثاني على التوالي».

«إنها أطول حرب يشهدها لبنان، لا بل الأفظع. حرب تدميريّة بامتياز. والأخطر هي قذائف الفوسفور التي تعرّض لها السهل»، يقول سليمان. ويأمل ألّا تكون أضرارها كبيرة، معوّلاً على تدخّل المجتمع الدولي والمؤسسات المعنية لمعالجة آثار هذه الحرب لا سيما على التربة، لأنّ السهل يعدّ شريان الحياة الاقتصادي لأهالي المنطقة، ويشكّل تلوّثه تهجيراً ثانياً للأهالي بعد انتهاء الحرب». في الختام، تبقى العين على الدور الذي ستلعبه وزارة الزراعة في دعم المزارعين والوقوف إلى جانبهم في أصعب ظروفهم المصيريّة.

أمّا ميدانيّاً، فشنّت الطائرات الحربية الإسرائيلية غارتين متتاليتين على حيّ سكنيّ وسط الناقورة وأطلقت عدداً من الصّواريخ. ودمّرت الغارات منزلين، وألحقت أضراراً بمنازل أخرى. ثمّ أغارت مسيّرة على محيط تواجد فريق من الدفاع المدني في الهيئة الصحية، كما أفيد عن إصابة أحد المدنيين والذي نقلته «كشافة الرسالة الإسلامية» إلى أحد مستشفيات المنطقة. واستهدف الجيش الإسرائيلي أيضاً أطراف الناقورة (حامول) بالقذائف المدفعية. واستهدف الطيران الحربي بلدة ميس الجبل. وأفيد عن سقوط 4 قتلى وعدد من الجرحى في الغارتين الإسرائيليّتين على بلدتي ميس الجبل والناقورة. وشنّ الطيران الحربي غارة على بلدة العديسة في محيط «البانوراما» وعلى حولا أيضاً. واستهدف القصف المدفعي أطراف بلدتي راشيا الفخار وكفرشوبا - قضاء حاصبيا، كما استهدف القصف وادي هونين وأطراف مركبا.

إلى ذلك، نعى «حزب الله» في بيان «عباس مهدي مهدي «أبو الفضل» مواليد عام ١٩٩٧ من بلدة الناقورة في جنوب لبنان ورائف عبد النبي مليجي «ربيع» مواليد عام ١٩٥٧ من بلدة الناقورة في جنوب لبنان، و»الشهيد حسين علي علي حسين من بدنايل». وأعلن أنه «ورداً على ‏‏الاعتداءات الإسرائيلية على القرى الجنوبية الصامدة والمنازل الآمنة وخصوصاً الإعتداء على بلدة ‏‏الناقورة، استهدف مقرّ الفرقة 91 في ثكنة برانيت بصاروخ بركان ثقيل ‏‏ما أدى إلى تدمير جزء منها وإصابة عدد من جنود العدو واشتعال النيران فيه». وقصف أيضاً «موقع الراهب بالأسلحة المناسبة وحقّق فيه إصابات مباشرة». واستهدف «ثكنة زبدين في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة بالقذائف المدفعية وأصابها إصابة مباشرة».