بعدما تزايد التأييد داخل حلف «الناتو» للسماح لأوكرانيا باستخدام أسلحة غربية لضرب أهداف داخل روسيا، خصوصاً إثر موافقة واشنطن وبرلين على ذلك وبالتالي تخفيفهما لقيودهما السابقة، اعتبر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال زيارة إلى ستوكهولم أمس أن الأمر «خطوة إلى الأمام في اتجاه تحقيق الهدف الذي يقوم على توفير إمكان الدفاع عن أبناء شعبنا المقيمين في بلدات تقع على طول الحدود»، مؤكداً أنه «فقط معاً يُمكننا وقف الجنون الآتي من موسكو».
ويأتي ذلك بعدما أكد المتحدّث باسم المستشار الألماني أولاف شولتز، شتيفن هيبستريت، أن كييف لها «الحق بموجب القانون الدولي في الدفاع عن نفسها» ضدّ الهجمات القادمة من داخل روسيا بالقرب من الحدود مع أوكرانيا، لافتاً إلى أنه «لتحقيق هذه الغاية، يُمكنها أيضاً استخدام الأسلحة الموردة لهذا الغرض، بما في ذلك الأسلحة التي زوّدناها بها».
وجاء الموقف الألماني المستجد بعد «الضوء الأخضر» الأميركي لكييف في هذا الخصوص. وأكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن الرئيس جو بايدن سمح لأوكرانيا باستخدام الأسلحة الأميركية لضرب أهداف عسكرية داخل روسيا تُشنّ منها ضربات على أهداف في خاركيف، لافتاً إلى أن خطوة واشنطن كانت من ثمار استراتيجية بلاده للتكيّف مع المتغيّرات في ساحة المعركة. وأوضح أن الولايات المتحدة تستجيب في الوقت الراهن لما تراه يحدث في منطقة خاركيف وما حولها.
وشدّد بلينكن على أن بلاده ستواصل تعديل قراراتها المتعلّقة بالأسلحة لأوكرانيا على أساس احتياجات كييف. كما حذّر من أن دول «الناتو» ستردّ «فردياً وجماعياً» على تزايد الهجمات الهجينة التي تشنّها روسيا ضدّ العديد منها، كان أبرزها أخيراً إزالة موسكو العوامات التي ترسم حدودها مع إستونيا على نهر نارفا الأسبوع الماضي.
ولكن رغم التغييرات التي طرأت على الموقفين الأميركي والألماني، ظهرت انقسامات حول القضية بين دول «الناتو»، إذ أكد وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني أنه «من المستحيل استخدام أسلحتنا خارج أوكرانيا»، فيما شدّد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان على أن بلاده ترفض أن «يُشارك» الحلف في الحرب في أوكرانيا.
من ناحيته، اعتبر الكرملين أنه «نعرف أنه بالمجمل، تستخدم أسلحة أميركية الصنع في محاولات شنّ هجمات على الأراضي الروسية، وهذا دليل واضح على حجم انخراط واشنطن في هذا النزاع»، فيما حذّر رئيس لجنة الدفاع في مجلس النواب الروسي أندريه كارتابولوف من أن بلاده ستردّ في شكل «غير متكافئ» على الهجمات التي تشنّها أوكرانيا على أراضيها باستخدام أسلحة زوّدتها بها الولايات المتحدة.
في الأثناء، واصل زيلينسكي الضغط على الحلفاء الغربيين للحصول على مزيد من الدعم، بحيث أعرب عن امتنانه للحلفاء لإمداداتهم بالأسلحة، لكنّه تذمّر من التأخير المتكرّر في تسليمها. ووقّع زيلينسكي اتفاقاً أمنيّاً ثنائيّاً مع السويد، وهو واحد من ثلاثة اتفاقات مزمعة مع دول الشمال، والاتفاق الثالث عشر الذي توقعه كييف مع دولة غربية.
ديبلوماسيّاً، أكدت الصين أن حضورها مؤتمراً للسلام في شأن أوكرانيا تستضيفه سويسرا في 15 و16 من الحالي، لم تُدع إليه موسكو، سيكون «أمراً صعباً»، بحسب المتحدّثة باسم الخارجية الصينية ماو نينغ. وأكد الكرملين أن «الصين قالت منذ البداية إنّ عقد مثل هذه القمم من دون مشاركة روسيا ليس له مستقبل على الإطلاق».
وخلال المحادثات التي جرت بين وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن ووزير الدفاع الصيني دونغ جون في سنغافورة، كرّر الأخير «موقف بكين الموضوعي والمحايد» في شأن الحرب في أوكرانيا، مؤكداً لنظيره الأميركي أن الصين «تعتمد ضوابط صارمة على صادرات المعدّات العسكرية»، بحسب المتحدّث باسم الدفاع الصينية وو تشيان.
في الغضون، أعرب وزراء خارجية دول مجموعة الـ7 عن «قلقهم البالغ» حيال تعميق التعاون بين روسيا وكوريا الشمالية، خصوصاً إرسال الأسلحة من بيونغ يانغ إلى موسكو لاستخدامها في مهاجمة أوكرانيا. ودعا الوزراء في بيان صدر أيضاً باسم وزراء كوريا الجنوبية وأستراليا ونيوزيلندا والاتحاد الأوروبي، بيونغ يانغ وموسكو، إلى «وقف عمليات إرسال الأسلحة بطريقة غير قانونية».
ميدانيّاً، ذكر الجيش الأوكراني أن قواته البحرية قصفت بصواريخ «نبتون» المحلّية الصنع، مستودعاً للنفط في ميناء كافكاز (قوقاز) الروسي في منطقة كراسنودار، فيما ادّعى الجيش الروسي إسقاط 29 مسيّرة أوكرانية كانت تستهدف مدينة نوفوروسيسك ومستودعاً للنفط في تمريوك.
وزعم وزير الدفاع الروسي أندري بيلوسوف أن قوات بلاده سيطرت على 880 كيلومتراً مربّعاً في أوكرانيا منذ بداية 2024، مشيراً إلى أن «التقدّم يتحقّق في كلّ الاتجاهات التكتيكية». وبينما تستعر الحرب، أكدت كلّ من روسيا وأوكرانيا أنهما تسلّمتا 75 أسير حرب من الطرف الآخر عبر وساطة من الإمارات.