رمال جوني -

تجّار النبطية إلى العمل... والتعبئة العامة في خبر كان

25 آب 2020

02 : 00

المسؤول الإعلامي في جمعية التجّار عماد ياسين

"كورونا" حاصرنا بالإسم، فحياة الأهالي ظلّت كما هي، يتحرّكون بحريتهم المعهودة من دون كمّامة، غير مُبالين بالأعداد الكبيرة التي تُسجّل يومياً. وكأنّهم إعتادوا الصدمات، فلا شيء يُثنيهم بعد عن متابعة يومياتهم المُثقلة بالمشاكل سوى صدمة أخرى. الفيروس بالرغم من أعداد الإصابات المرتفعة، لم يعد يشكّل صدمة لهم، حتّى أنّ تدهور حالة مُصاب بشكل سريع في بلدة حاروف، وعدم إيجاد مكان له داخل المستشفى لم يُثر الذعر في نفوسهم. مرّ الخبر مرور الكرام. فمشاهد الإزدحام اليومية تتكرّر عند محال الخضار وداخل المتاجر والسوبرماركات، وحتى عند أبواب المطاعم. كلّ ذلك يحدث والرقابة الفعلية غائبة، حتى قرار التعبئة العامة بدا حبراً على ورق، لم يُترجم فعلياً على الأرض.

لم يعد بمقدور المواطن التحمّل أكثر، بات عاجزاً عن المواجهة، فالمعارك الطاحنة الذي يخوضها كبيرة، دخل مرحلة خصام مع كلّ شيء، يتندّر على ما تبقى له، فكلّ مؤشرات الصمود تزعزعت. يرى في نزاعه مع "كورونا" وِحدة حال، يعتبر هذا العدوّ أقلّ خصومة من عداوة الأسعار وتلاشي القدرة الشرائية له، وربّما قد يدخل في حرب ضروس مع من يقارعه في لقمة عيشه أكثر من "كورونا". ربّما هذا ما دفع بأغلبية تجار مدينة النبطية الى فتح أبوابهم بالرغم من قرار التعبئة، فالوضع الإقتصادي لا يرحم.

يتّكئ التجار على نظام الوقاية الصارم، ويتّخذون من التباعد سلاحاً لمواجهة عدوى الفيروس، غير أنّهم عجزوا عن مصارعة الأزمة الإقتصادية، فقرّروا كسر قرار التعبئة مخافة خسارة الموسم، إذ يتّفق الجميع على أنّ موسم عاشوراء يُحرّك عجلة السوق الراكدة، ويعتبر هذا الموسم من أكثر المواسم ربحاً لهم، ما دفع بهم للتحرّك وفكّ قيود الإقفال والعودة الى العمل، ولكن ضمن ضوابط وضعوها بأنفسهم، تقضي بتحديد ساعات العمل وآلية دخول الزبون الى المحل، إذ ينطلقون من قاعدة "إما يُطبّق القانون على الجميع، أو لا يُطبّق".

إستعاد سوق النبطية حركته، لم يدم الإقفال سوى يومين فقط، فالتاجر يُراهن على "موسم السواد" ويعتبره "موسماً ناشطاً". بحسب أحد تجّار الألبسة فإنّ قرار الفتح جاء نتيجة عدم تقيّد أحد بقرار الإقفال. يرى التجّار في قرار الفتح حفظ مصالحهم المُهدّدة، ويعتبرون خطوتهم بمثابة رسالة الوضع المزري.

بالطبع يعتبر كثر أنّ خطوة تجار النبطية خارجة عن القانون في ظل تفشّي "كورونا" والأعداد الكبيرة التي تسجّلها المنطقة، غير أنّه بحسب أحمد، صاحب محلّ للألبسة الرجالية "نحن أكثر الناس التزاماً بأنظمة الوقاية، خِلافاً لما يحصل داخل المولات والسوبرماركات وأمام المصارف، حيث تشهد خرقاً فاضحاً للوقاية، وطالبنا باستثناء مع تحديد ساعات العمل، اسوة بباقي القطاعات، لأنّ لدينا بضائع ويجب تصريفها، وإلا ستذهب "ستوك"، وهذه الخسارة قد تودي بنا الى الإقفال نهائياً". المسؤول الإعلامي في جمعية تجار النبطية عماد ياسين أوضح "أنّ فتح السوق جاء ردّ فعل أسوة بباقي القرى التي تشهد حركة عمل عادية، ويندرج في إطار مواجهة الأزمة المعيشية والإقتصادية لأنّ وضعنا يُرثى له، مُضافاً اليه خسائرنا بسبب الدولار والفلتان، مُعتبراً "أنّ تجّار النبطية أعادوا فتح محالهم نظراً الى تدهور الأوضاع المعيشية مُقارنة مع سعر صرف الدولار الذي شقّ طريقه صعوداً مُجدّداً"، وأنّ "على التجّار تأمين إيجار المحال والعمّال، فإن لم يفتحوا كيف يتدبّرون أمورهم". وبالرغم من تأكيد معظم التجّار أنّهم ليسوا خارج القانون، وأن كورونا تهدد حياة الناس، غير انهم يجزمون بأن الوضع بات لا يحتمل، بحسب قولهم "تُلاحقنا الأزمات، نخرج من واحدة وندخل بأخرى"، ويشدّدون على أنّهم يراهنون على تصريف بضائعهم، علّهم يصمدون حتى نهاية الشتاء، ويطالبون بتوفير دولار تجاري أسوة بدولار دعم القمح والمحروقات، لعلّ الناس تتمكّن من الشراء.


MISS 3