على الرغم من دخول حرب غزة يومها الـ243 أمس، ما زالت الدولة العبرية وحركة «حماس» تتمسّكان بمواقفهما وشروطهما لتحقيق «الهدنة». فقد حسم وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أن الهجوم على غزة «لن يتوقف من أجل أي مفاوضات» مع «حماس»، مشدّداً على أن أي استئناف لمفاوضات إطلاق سراح الرهائن «لا يعني وقف حرب غزة»، بينما أكد رئيس المكتب السياسي لـ»حماس» إسماعيل هنية أن الحركة ستتعامل بجدّية وإيجابية مع أي اتفاق على أساس وقف الحرب بشكل شامل والإنسحاب الكامل وتبادل الأسرى، لافتاً إلى أن «حماس» تُدير المفاوضات «متسلّحة بهذا الموقف الذي يُمثّل إرادة شعبنا ومقاومته الباسلة».
وعلى خطّ المساعي الديبلوماسية، اجتمع رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني ووزير المخابرات المصرية عباس كامل مع أعضاء من «حماس» في الدوحة لبحث «اتفاق هدنة في غزة ومبادلة الرهائن والأسرى»، وفق ما أفاد مصدر مطّلع على المفاوضات وكالة «فرانس برس».
ويتوقّع أيضاً أن يزور مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وليام برنز، قطر، لمواصلة العمل مع الوسطاء للتوصّل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، كما يتوجّه المستشار الخاص للبيت الأبيض للشرق الأوسط بريت ماكغورك إلى القاهرة لتكثيف الضغوط الديبلوماسية بهدف تحقيق اختراق.
وتُسابق المعارك على الأرض الجهود الديبلوماسية، إذ استهدفت إسرائيل أمس بضربات جوية وقصف مدفعي وسط القطاع. وفرّ نازحون فلسطينيون من مخيّم البريج حاملين مقتنياتهم القليلة في عربات أو على كراسٍ نقّالة في مهمّة صعبة للبحث عن مكان آمن. وأسفرت ضربة أصابت منطقة قريبة من مدخل مخيّم البريج وقصف مدفعي على جنوب شرق دير البلح عن سقوط قتلى.
وتلقّى مستشفى «الأقصى» في دير البلح «ما لا يقلّ عن 70 جثة وأكثر من 300 جريح، معظمهم من النساء والأطفال، في أعقاب غارات إسرائيلية على المناطق الوسطى» من القطاع، وفق منظمة «أطباء بلا حدود»، بينما أكد الجيش الإسرائيلي أنه نفّذ عمليات في منطقتَي البريج ودير البلح، مشيراً إلى «القضاء» على عدد من عناصر «حماس».
وفي جنوب القطاع، أكد الجيش الإسرائيلي أنه واصل عملياته في منطقة رفح، حيث وقعت اشتباكات بين القوات الإسرائيلية وفصائل فلسطينية مسلّحة وسط المدينة.
وبالإنتقال إلى القدس، سار آلاف الإسرائيليين وهم يرقصون ويغنّون في شوارع القدس القديمة، حاملين الأعلام الإسرائيلية، وسط أجواء متوتّرة وتدابير أمنية مشدّدة.
وكانت الشرطة الإسرائيلية قد أشارت إلى أن «مسيرة الأعلام التقليدية في الذكرى الـ57 لإعادة توحيد القدس» ستمرّ «من وسط مدينة القدس حتّى حائط المبكى عبر أبواب البلدة القديمة وأزقّتها، من دون المرور عبر الحرم القدسي أو بواباته».
وأغلقت الشرطة عدداً من شوارع القدس الشرقية والغربية من الساعة الثانية بعد الظهر حتّى السابعة مساءً، ونشرت 3000 عنصر في كلّ أنحاء المدينة «للحفاظ على النظام العام والسلامة»، فيما اعتدت مجموعات من المشاركين في المسيرة على صحافيين. وفي باب العمود، جرت مناوشات بين فتيان فلسطينيين وشبّان إسرائيليين، وأُلقيت حجارة من سطح مبنى على المتظاهرين.
وألقى وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير كلمة في المتظاهرين أمام الكنيس الكبير في شارع الملك جورج، قال فيه: «شعب إسرائيل حيّ. في هذا اليوم السعيد نُرسل رسالة لـ»حماس»: القدس لنا. باب العمود لنا، جبل الهيكل (المسجد الأقصى) لنا»، بينما اعتبرت «حماس» أن «مسيرة الأعلام في القدس المحتلّة عدوانٌ على شعبنا ومقدّساته»، محذّرةً «الاحتلال من مواصلة سياساته الإجرامية تجاه المسجد الأقصى»، ودعت الشعب الفلسطيني «في كلّ مكان، خصوصاً في الضفة والقدس والداخل المحتلّ»، إلى «النفير العام والتصدّي لمخطّطات الاحتلال».
إلى ذلك، أقرّ مجلس النواب الأميركي مشروع قانون رمزياً إلى حدّ كبير يدعو إلى فرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية بعدما طلب المدّعي العام للمحكمة كريم خان، إصدار مذكرة اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وغالانت.
ويُعدّ مشروع القانون هذا بمثابة «رسالة»، حيث من غير المرجّح أن يُعتمد من قِبل مجلس الشيوخ الذي يُهيمن عليه الديموقراطيون، وحتّى لو حدث ذلك، قد يُنقض في أي حال من قِبل الرئيس جو بايدن الذي «يُعارض بشدّة» هذه الخطوة.