مسألة تواقيع السياسيين في لبنان على وثائق ومبادرات واتفاقات وتفاهمات أصبحت مدار تندر عند الرأي العام، فهؤلاء الذين لا تحترم أكثريتهم الدستور والقانون، لن يلتزموا بالتأكيد بتواقيعهم على أي وثيقة.
الجديد في هذا السياق يأتي من خلال المبادرة الرئاسية الجديدة التي يطرحها رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، وهو وبحسب ما فُهم من تصريحه في بكركي أنه يرغب بتواقيع على وثيقة تقول إنّ القبول بالحوار في هذه المرحلة هو أمر إستثنائي ولن يكون عرفاً وسيحاول جمع تواقيع القيادات السياسية على هذه الوثيقة وتحديداً توقيع الثنائي الشيعي «أمل» و»حزب الله».
قد يوفق باسيل في الحصول على هذه التواقيع وقد لا يوفق، وقد يقول له رئيس مجلس النواب نبيه بري إجمع تواقيع الآخرين وإن حصل ذلك فسأكون آخر الموقعين، ولكن وفي كل الحالات من يضمن أنّ الموقعين أو قسماً منهم سيلتزمون بتواقيعهم في مراحل لاحقة؟
في 6 شباط من العام 2006 وقع «التيار الوطني الحر» و»حزب الله» تفاهماً لم يؤد الغاية التي وقع من أجلها وشهدت العلاقة بين الجانبين وعلى فترات متقطعة توترات ومقاطعة.
وفي 11 حزيران 2012 جرى التوقيع على إعلان بعبدا بعد حوار في قصر بعبدا برئاسة الرئيس ميشال سليمان وهو إعلان ينأى بلبنان عن مشاكل المنطقة ولكن مفعول توقيع «حزب الله» لم يستمر سوى ساعات ليسقط بعدها الإعلان لبنانياً وليبقى في المقابل وثيقة معتمدة في الأمم المتحدة والمحافل الدولية.
وفي 18 كانون الثاني من العام 2016 تم التوقيع على اتفاق معراب بين «القوات اللبنانية» و»التيار الوطني الحر» ولكن هذا التفاهم لم تتجاوز مفاعيله جلسة انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية في 31 تشرين الأول 2016، فسقط وسقط معه أي تفاهم مستقبلي بين الطرفين.
لن يكون مصير أي وثيقة يدعو إلى توقيعها النائب باسيل أو غيره أفضل من مصير ما سبق التوقيع عليه، فالمشكلة بين الأطراف اللبنانية لا تختصر بتوقيع من هنا وتوقيع من هناك، بل هي مشكلة تتعلق بهوية لبنان ودوره. وهنا بيت القصيد والخلاف.