أحمد عياش

سنوار لبنان وهنية البرلمان

13 حزيران 2024

02 : 00

كم من شبه بين قطاع غزة وبين لبنان. والشبه ليس فقط على مستوى الصراع مع إسرائيل فحسب، وإنما على مستوى إدارة الكيان. ولا مبالغة في القول، إنّ قائد حركة «حماس» في القطاع يحيي السنوار، هو نظير الأمين العام لـ»حزب الله» حسن نصرالله في لبنان. وفي موازاة ذلك يسري التناظر على رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية ورئيس مجلس النواب نبيه بري.

لا يضير نصرالله أن تجري مقارنته بالسنوار. بل على العكس، فهو يفتخر بمقارنته بزعيم «حماس» في الداخل والذي صار رمزاً لكلّ التنظيمات الإسلامية بعد أدائه في حرب غزة التي اندلعت في 7 تشرين الأول الماضي في أعنف مواجهة بين فصيل فلسطيني وإسرائيل منذ نشأة الدولة العبرية عام 1948.

لكن أن تجري مقارنة بري بهنية فمسألة مختلفة. ويقع الاختلاف بين الرجلين على مستويات عدة أبرزها، المنصب الذي يتبوّؤه بري والامتيازات التي يتمتّع بها داخل الوطن. بينما يعيش نظيره الفلسطيني خارج أرضه منفياً إلى عدد من أقطار المنطقة.

كيف تبدو مقارنة نصرالله بالسنوار؟ ما يتسارع إلى الأذهان، أنّ الأخير يمتلك حصرياً حق اتخاذ القرار في استمرار الحرب في غزة أو وقفها. تماماً، كما هو حال الجنوب الذي قرّر نصرالله فتح جبهته «نصرة» للقطاع. ومنذ أكثر من 8 أشهر مرّت على اشتعال هذه الجبهة، يمسك نصرالله بزمام الموقف فلا يأبه بكل المطالبات في لبنان وخارجه بوقف المواجهة وترك الأمر بيد الدولة تطبيقاً للقرار 1701.

في موازاة ذلك، تدور مسؤوليات هنية الموجود في قطر حول التواصل مع السنوار للوقوف على موقفه من عروض تسوية النزاع. ولا يمكن لهنية أن يتخطى السنوار مهما كانت الظروف، لأنّ حرب غزة هي حرب السنوار والتسوية لوقف هذه الحرب هي بيد السنوار أيضاً.

بالانتقال إلى لبنان، يعود قرار إجراء الانتخابات الرئاسية إلى نصرالله على الرغم من أنه زعيم منظمة مسلحة. أما بري، الذي هو المعنيّ مباشرة بالاستحقاق فلا يعطي أي إشارة إلى أن قراره مختلف عن قرار حليفه الشيعي.

لا أفق لنهاية حرب غزة. كما أنه ليس من أفق لنهاية إمساك «حزب الله» بمصير رئاسة لبنان.

تتحدث المعلومات عن «تطوّر» في موقف بري من الانتخابات الرئاسية. ويقول أصحاب هذه المعلومات، إن بري جاد في إنجاز هذه الانتخابات. وما يطلبه من معارضي الحوار الذي يدعو اليه، هو أن يجرّبوه هذه المرة كي يثبت أنه سيصل إلى فتح أبواب البرلمان بصورة لا عودة بعدها إلى إقفاله. وهو أبلغ من يعنيه الأمر أنه سيتمايز عن «حزب الله» في حضور الجلسات حتى لو قرّر الأخير الانسحاب منها.

إذا كانت هذه المعلومات تعني أنّ بري قد انتقل من ضفة تعطيل الاستحقاق إلى ضفة إنجازه فهذا تطوّر لا بدّ أن يكون قد بلغ أسماع من هم الأطراف الأساسيون في البرلمان وفي مقدمهم رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع. فهل يعني أن الأخير يدرك هذه المعلومات ولكنه لا يأبه لها؟

في أي حال، يتصرّف بري علانية في الانتخابات الرئاسية كما يتصرف هنية في مفاوضات غزة. والسبب أن نصرالله هنا والسنوار هناك يقولان ما يريدان ويفعل بري وهنية كما يقول نصرالله والسنوار.