رمال جوني -

القطاع التجاري والسياحي في النبطية يئنّ و"كورونا" ليس في الحساب

29 آب 2020

02 : 00

محالّ النبطية مُهدّدة بالإقفال

يبدو أنّنا نتّجه نحو مناعة القطيع، فالوضع الإقتصادي مترهّل، لا يمكن لأحد تحمّله، حتى الدولة مُفلسة وتبدو عاجزة عن دعم أي مواطن، ما اضطرّها لإعادة فتح البلد على مصراعيه، تاركة لوعي الناس مواجهة وباء "كورونا" في أخطر مراحله. عاود تجّار النبطية مزاولة نشاطاتهم المعتادة، فتحوا محالهم، رفعوا على أبوابها "ممنوع الدخول من دون كمّامة"، باتت الأخيرة جواز السفر لكلّ مواطن يرغب في مزاولة حياته كالمعتاد. غير أنّ لا زبون حضر، ولا حركة نشطة سُجّلت في الأسواق. فالأزمة المعيشية سيطرت على كل قطاعات البلد، شلّتها، وتركت التجّار يقارعون الصمود، فكيف بدا الحال؟

في أحد المقاهي يجلس أبو أحمد، يرمي بورقة "الكبّا" على الطاولة، يُطلق العنان لدخان نرجيلته كما لو كان يحارب أزمته المعيشية، يرتّب أوراقه كمن يرتّب أولويّاته، فالأزمة دقّت كل الأبواب، لن يسلم منها أحد، يحاول أن يربح جولته على شركائه، يُدَوِّر الأوراق، يقلبها علّها تتواءم مع بعض من دون جدوى، تماماً كقرارات الدولة التي لم تثمر سوى عن مزيد من الأزمات التي خنقت البلد. برأيه، قرارات الإقفال والفتح متل "الطرّة والنقشة"، "ما حدا عارف شو بدّو"، وباعتقاده، "أننا نفتقد للنظام، إذ يسير الجميع بين ألغام السياسة الجائرة". يضحك من حال فتح البلد، ينظر في محله، أين الناس، لا يوجد أحد، أزالوا الطبقة المتوسّطة بقراراتهم التعسّفية، وولّدوا مزيداً من طبقات الفقر المدقع، وفي القريب العاجل لن يبقى لنا مرقد عنزة".

قبالة مقهى أبو أحمد، يقف يوسف، صاحب محل لبيع الأحذية في مدينة النبطية. تسلّح الأخير بكمّامته، فالأخيرة غدت جواز سفر مواجه لـ"كورونا". ينتظر منذ ساعات الصباح دخول زبون ما يرغب في شراء حذاء، غير أنّ إنتظاره خاب. يردّ السبب الى الضائقة المعيشية، ويُردّد "بالكاد نرى زبوناً، وإن حضر فللفرجة". برأيه، "خلّفت قرارات الإقفال خسائر فادحة في صفوف التجّار، تركتهم يستسلمون للإقفال"، فالأزمة دفعته لخسارة موسمه الصيفي والعاشورائي، وقد يخسر موسم الشتاء، نتيجة كساد البضائع ولعبة الدولار، وفقدانه رأسماله لشراء البضائع.

مئات المحال التجارية والسياحية في منطقة النبطية مهدّدة بالإقفال، وتتأرجح اليوم بين الصمود والإفلاس، فحوالى 75 بالمئة منها أقفلت، والـ 25 الباقية تواجه خطر الإفلاس، وهذا يراه عماد ياسين من جمعية التجّار "كارثة خطيرة تهدّد تجّار النبطية"، ويخشى "أن يتكرّر سيناريو القطاع السياحي معنا، ونخسر آخر القطاعات الحيوية". ليس القطاع التجاري وحده يئنّ من سوء الحال، أيضاً قطاع المطاعم الذي إستعاد نشاطه، يقف على شفير الإنهيار وِفق صاحب مطعم ديوان العزّ الذي لفت الى أنّ "القطاع يواجه أزمة خانقة منذ ما قبل ثورة 17 تشرين، وأتت جائحة "كورونا" لتقضي على ما تبقّى منه". وبحسبه، "فإننا نفتح على مضض، فالزبون شبه مفقود، والهمّ المعيشي حال دونه والرفاهية". لا يُخفي خشيته من الإقفال، غير أنه يؤكّد "نفتح لنحافظ على بقائنا، فالأزمات التي تسقط على لبنان لا تنتهي، وكلّ يوم أزمة، وربّما لن نتمكّن من الصمود أكثر".

بالمحصّلة، ما يطلبه الناس إصلاحات تعالج أزماتهم لا مزيداً من تعقيدات وخلافات وتأزّمات تزيده فقراً على جوع.


MISS 3