طوني فرنسيس

الإستشارات... تتويج لمسيرة فرط المؤسسات

1 أيلول 2020

02 : 00

توّج الطاقم السياسي الحاكم مسيرته بالقضاء على آخر مكتسبات اللبنانيين التي تحقّقت بُعيد إعلان لبنان الكبير، ثمّ الجمهورية اللبنانية.

كان هذا الطاقم قاد البلد الى الإفلاس، في مناورات التكسّب وتقاسم الجبنة، والسطو على ودائع المواطنين ومدخراتهم. وأرسى نظام الدولتين في دولة واحدة بعد نظرية الأسد عن شعب واحد في دولتين، في بدعة لم يسبقه اليها دينغ شياو بنغ في الصين الشعبية. وهذا الطاقم نفسه كان ليعتبر كارثة بيروت انفجاراً لإطار شاحنة على الرينغ، لو لم يهرع العالم الى التضامن مع المدينة المنكوبة، وكان مُستعدّاً لتأبيد حسّان دياب وحكومته في السراي حتى ينسى الناس البرنامج الإصلاحي الذي وعدت به.

آخر ضحايا طاقم تحالف الميليشيا والفساد كان مجلس "سيّد نفسه". والمجلس أنهى دوره منذ الإنقلاب على نتائج انتخابات 2009، وهو خَبِرَ عملية التطويع في الزمن السوري، ولم يطل به الأمر حتى سقط في خضوع كامل لـ"عصابة الأربعة" حسب التعبير الماوي، فانتظر في الممرّات الخلفية، على رِجْلٍ واحدة، عامين ونصف عام، ليقوم بأبسط واجباته في انتخاب رئيس للجمهورية، ثم انتظر شهوراً إنجاز تكليف وتشكيل الحكومات، الى أن جرى الاستغناء عن خدماته كلّياً في مناسبة تعيين السفير مصطفى أديب رئيساً للحكومة.

جرى تعيين مصطفى أديب في تتويج لمسار فرط المؤسسات وتغييبها عن أدوارها الدستورية المُفترضة. لم تجر الدعوة الى الإستشارات في تخلٍّ من الرئاسة عن صلاحياتها الّا بعدما تبلّغت باسم الرئيس المكلف، وأمضى نواب الكتل ورؤساؤهم أسابيع في التبصير قبل أن تصلهم كلمة السرّ من باريس، فهبّوا هبّة رجل واحد الى زيارة القصر ليحتفلوا جميعاً بعرسٍ لا ناقة ولا حمار لهم فيه.

عشية مئوية لبنان الكبير، وفي ذكرى مرور 94 سنةً على الدستور وقيام الجمهورية ومجلس النواب، أعادنا الطاقم المُخْجِل الى ما قبل الدستور، حيث تولّى "المجلس التمثيلي للبنان الكبير" بقرار نائب المفوض السامي صلاحيات اللجنة الإدارية العثمانية في جبل لبنان.

لم يكن أمام ذلك المجلس سوى أن ينفّذ رغبات المفوّض، وهذا ما يفعله المجلس التمثيلي اليوم بناء على رغبة ماكرون. وإزاء ذلك، لا عتب لنا على الرئيس الفرنسي وتمنّياتنا بالنجاح للرئيس أديب، لكن مع طاقمٍ من هذا النوع، قد تنقلب أطيب التمنيات جحيماً.


MISS 3