رفيق خوري

أزمة الهرب من "قانون" الأزمات

10 آب 2019

11 : 28

هل وصل التصعيد السياسي إلى الذروة في عملية الأخذ والرد حول حادثة قبرشمون؟ ما هي وظيفة الغلو في التصعيد: خدمة الحقائق أم خدمة "أجندات" غير عادية؟ هل كان الدخول الأميركي المباشر على الخط خارج المألوف في لبنان، بصرف النظر عن المواقف منه، أو واردًا لو أننا عالجنا الحادثة في الأطر الثلاثة التي حددها المسؤولون منذ البدء، سياسيًا وقضائيًا وأمنيًا؟ وهل في لبنان شيء خارج "الأقلمة والتدويل"؟

مهما يكن، فإن ما يمكن أن يسمى "قانون" الأزمات يتحكم بنا، وإن كنا قادرين على تجاوز الدستور والقوانين. فالتصعيد في الأزمات مصمم عادة لكي يقود إلى واحد من أمرين: صدام أو تسوية، وربما إلى صدام ينتهي بتسوية. ونحن، في حادثة قبرشمون كما في مشاكل كثيرة سواها، نمارس عمليًا ما ينطبق عليه قول الرئيس أيزنهاور: "إذا أردت أن تحل مشكلة، اجعلها أكبر".

ولا أحد يعرف إن كان هناك مجال لمزيد من التكبير في مشكلة قبرشمون، التي جرى ربطها بنوع من "التهديد الوجودي" لفريق ومن "الإغتيال الجسدي" لممثلي فريق آخر. لكن التكبير لم يؤدِ إلى صدام، ولا إلى تسوية. فكل المخارج التي حاول الوسطاء عرضها اصطدمت بجدران الرفض. والسؤال هو: هل المطلوب مشكلة أكبر، لا حل؟

لا شيء اسمه غداء مجاني، يقول المثل. ولا شيء اسمه مشكل مجاني، يقول الواقع. ولا مشكل من طرف واحد. وحين يلعب الأقوياء داخل السلطة وعلى الأرض الدور الأول في تعطيل السلطة وشل البلد على مدى أكثر من شهر، فإن عنوان اللعبة هو ثمن المشكلة. أي ثمن ومن أجل ماذا؟ لعبة سلطة؟ لعبة نظام؟ لعبة مفتوحة على تطورات دراماتيكية في الصراع الجيوسياسي الدائر في المنطقة وعليها، حيث الفصل الأوّل في حرب المشروع الأقليمي الإيراني والفصل الأخير في حرب سوريا؟ أم مجرد عناد وحسابات شخصية؟

الملموس، بصرف النظر عن أي جواب، هو أننا نتصارع في مرحلة من "تلازم مسارين" انحداريين سياسي واقتصادي، بأقل قدر من الإلتفات إلى هموم الناس واهتمامات البلد. فلا قضايا الحاضر لها أولوية، ولا تحديات المصير على الصفحة الأولى، ولا إرادة التحكم بالسلطتين التشريعية والتنفيذية تنقصها الرغبة في تحكّم القدر بالقضاء.

مستقبل لبنان؟ لا حديث حتى عن مستقبل الدين العام. و"الماضي لا يموت، إنه ليس حتى ماضيًا" كما قال وليم فولكنر.


MISS 3