منذ إعلان إدراج لبنان في اللائحة الرمادية من قبل منظمة العمل المالي الدولية FATF والتساؤلات تتعاظم حول ما إذا كان تمّ وقف التحويلات من لبنان إلى الخارج عبر المصارف المراسلة رغم التأكيدات أنّ ذلك لن يحصل.
لم تنفع التطمينات التي جاءت سابقاً على لسان حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري بالنسبة إلى تداعيات إدراج لبنان في اللائحة الرمادية السلبية، وتأكيداته لن تشمل التحويلات عبر المصارف المراسلة وأنه لن يتمّ عزل لبنان عن سائر الدول. وقد عمل منصوري والمصارف جاهدين قبل فترة من الإعلان الرسمي عن إدراج لبنان في اللائحة الرمادية للتخفيف من وطأة الأضرار على القطاعين المالي والمصرفي.
صحيح أنّ لبنان ليس البلد الوحيد الذي يُدرج في تلك اللائحة، ولكن حرص مصرف لبنان والمصارف التجارية على العمل ضمن المعايير العالمية المعتمدة، وهو ما أثنت عليه "فاتف"، أثمر عدم إقدام المصارف المراسلة على منع التحويلات إلى الخارج، واستمرار التعاون مع القطاع المالي بشكل طبيعي. ورغم ذلك، سرت أخبار بعد مرور أسبوع على إدراج لبنان رسمياً في اللائحة الرمادية، مفادها أن هناك عراقيل تحول دون التحويل إلى الخارج وفتح اعتمادات لرجال الأعمال والصناعيين، الأمر الذي أثار القلق في أوساط الأعمال.
"نداء الوطن" تحقّقت من ذلك الخبر، فأكّد لها مصدر مصرفي أنه "لم يتغيّر شيء منذ إعلان "فاتف" رسمياً أن لبنان بات مدرجاً في اللائحة الرمادية".
وقد تواصلت عمليات التحويل إلى الخارج، "ولا يوجد أية عوائق تحول دون إنجازها"، كما أكّد المصدر نفسه، ولكن قد يكون ترتّب على المصارف أو مؤسسات التحويل طرح المزيد من الأسئلة على زبائنها ضمن سياسة Know your customer التي يلتزم لبنان بتطبيقها، منذ سنوات ومن شأنها أن تحدّ من تبييض الأموال الذي نشط مع تفشّي الاقتصاد النقدي في السنوات الخمس الأخيرة، وهي من الأسباب الأساسية التي جعلت "فاتف" تدرج لبنان في اللائحة الرمادية.
وكان منصوري أكّد خلال مشاركته في اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في واشنطن خلال الشهر الجاري، أن وضع لبنان على اللائحة الرمادية لا يتوافق مع منطق حثّه على اتخاذ التدابير للخروج من الـcash economy لا سيما أن مجموعة العمل المالي كما قال وقتها تدرك جيداً ما قام به المصرف المركزي والقطاع المصرفي للحدّ من هذا التوجّه ومكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب. وبذلك حاول تقليل الأضرار عن لبنان نتيجة وضعه على اللائحة الرمادية للحفاظ على التعاملات مع المصارف المراسلة، الأمر الذي تمّ الالتزام به.
لبنان إذاً قادر على الامتثال في مكافحة تبييض الأموال والالتزام بالحوكمة وهو الأمر الذي أكّدته الوقائع وهي النقطة الإيجابية التي حالت دون عزل لبنان عن سائر الدول من خلال المصارف الأجنبية المراسلة التي لم تعد تثق بالحكومة اللبنانية غير القادرة على إقرار خطة إصلاحية من شأنها أن تخرجه من محنته المالية والاقتصادية، وتعيد بموجبها القطاع المصرفي إلى مزاولة عمله الطبيعي.