في 15 كانون الأول 2023، أقرّ مجلس النواب التمديد سنة لقائد الجيش وقادة الأجهزة الأمنية الذين يحملون رتبة لواء أو عماد ولا يزالون في وظائفهم. في الأسابيع المقبلة، متى تسمح الظروف الأمنية بذلك، سيتكرّر هذا السيناريو في نسخة العام 2024 في الجلسة التشريعية الأولى التي سيعقدها مجلس النواب. ويُظهر "البوانتاج" النيابي أن اقتراح التمديد بات محصّناً بالعدد الكافي من الأصوات النيابية، ليتحوّل إلى قانون، يشمل العماد جوزاف عون والألوية عماد عثمان والياس البيسري وطوني صليبا.
الخطوة الأولى في هذا السياق، أتت من معراب. إذ تقدّم النائب جورج عدوان باسم "الجمهورية القوية" باقتراح التمديد لقائد الجيش. وقد أثارت الخطوة ردود فعل كتل أخرى، لا سيّما "كتلة الاعتدال"، التي كانت تفضّل تقديم صيغة موحّدة تشمل جميع قادة الأجهزة الأمنية من رتبة لواء وعماد، لا يزالون في وظائفهم الفعلية.
وفي حين اعتبر رئيس مجلس النواب أمام زوّاره، أن اقتراح القوات "قابل للطعن لعدم شموليته"، يشير داعمو "اقتراح القوات" إلى أنه "لم يفصّل على قياس شخص، بل جميع القادة الذين سيتولّون قيادة الجيش، ما يجعل الاقتراح محصّناً دستورياً".
في الساعات الماضية، انضمّ رئيس لجنة الدفاع النيابية جهاد الصمد إلى العاملين على خط التمديد، مقدّماً اقتراح قانون معجّلاً مكرّراً لا يقتصر فقط على الأجهزة الأمنية والعسكرية، إنما يشمل كذلك "العاملين في القطاع العام، إدارات مؤسسات عامة ومختلطة وأجهزة قضائية والجامعة اللبنانية، وعناصر وضباط الأجهزة الأمنية والعسكرية، والذين لا يزالون في الخدمة الفعلية".
ويقول الصمد لـ"نداء الوطن" إن الاقتراح "لعدم القدرة على تأمين بدائل الشواغر التي تحصل وانعكاسها على الإنتاجية نتيجة عدم التوظيف".
لا شكّ أن اقتراح الصمد سيخضع للأخذ والردّ، لعدم اقتصاره على العسكريين، ولمتطلّباته المالية الأوسع. وفي الأيام المقبلة، من المفترض أن تنجز "كتلة الاعتدال" صيغتها للتمديد. وستكون مشابهة للصيغة التي أعدّت في العام 2023، بطرح تمديد السن القانونية مرة أخرى "لكافة رؤساء الأجهزة الأمنية أو العسكرية الذين لا يزالون في الخدمة، لسنة واحدة فقط، من تاريخ إحالتهم على التقاعد".
وتتشاور الكتلة في هذا الإطار مع الكتل الأخرى والنوّاب المستقلّين المؤيّدين لمبدأ "عدم جواز ترك الشغور يتسلّل إلى الأجهزة الأمنية في هذا الظرف الحساس الذي يمرّ به لبنان".
أما "اللقاء الديموقراطي" الذي سبق له وأن طرح اقتراحاً مقدّماً من النائب بلال عبد الله يطول كل الفئات، فموقفه النهائي من الصيغة التي سيسير بها متروك للتشاور داخل اللقاء، ومع الكتل الأخرى. علماً أن مصادر "اللقاء" تؤكد أن "القرار متّخذ بالسير بالتمديد، والإخراج رهن المشاورات". ما يعني أن مجلس النواب سيكون أمام "خلطة" تجمع الاقتراحات المختلفة، والنتيجة واحدة: التمديد حاصل.
لا تعيين لقائد جديد
قبل سنة، خرج "تكتل لبنان القوي" عن اعتراضه على انعقاد حكومة تصريف الأعمال، مسوّقاً عبر وزير الدفاع موريس سليم لتعيين قائد جديد للجيش. وقد استبق الجلسة التشريعية في حينه، بزيارات "على عجل" إلى السراي الحكومي، لعرض التعيين على جدول أعمال مجلس الوزراء. لكن مجلس الوزراء لم ينعقد، لعدم توافر النصاب، بعدما حال تحرّك العسكريين المتقاعدين التصعيدي تحت عنوان "الرواتب والمستحقات" دون وصول الوزراء إلى الجلسة.
طارت "لعبة" التيار الوطني الحر السياسية في قطع الطريق على بقاء العماد عون في منصبه، إذ كان التيار يأمل أن يَقطع طريق الرئاسة على قائد الجيش. فانعقد مجلس النواب بعد ساعات، مُقرّاً التمديد.
لا تبدو الظروف هذه المرة ملائمة لمحاولة مشابهة. يغرّد التيار شبه وحيد في رفض التمديد. ويسانده في ذلك نواب "الوفاء للمقاومة". أما أجواء "كتلة التنمية والتحرير" فتميل إلى السير "بما يتوافق عليه النواب". قد يتّجه "الوطني الحر" إلى مقاطعة جلسة التمديد عند الدعوة إليها بحجة "عدم التشريع في غياب رئيس للجمهورية". أما نواب الكتائب، كما نواب "كتلة تجدد"، فسيضعون ملاحظاتهم على "رفض التشريع في ظل الشغور الرئاسي" جانباً، "لأن المصلحة الوطنية العليا تحتّم الحفاظ على رأس المؤسسات العسكرية والأمنية في ضوء الحرب الدائرة والمخاطر الأمنية المحدقة".
إذاً، سيبقى قائد الجيش في موقعه في أول جلسة تشريعية. وهي "خيبة أمل" بحسب نائب معارض "لمن يحاول إخراجه من السباق الرئاسي".