بري "يستلّ" أرنباً جديداً

تمديد بالجملة لا يستثني أحداً

جلسة التمديد الأولى... هل تتكرّر الصورة؟



على جاري عادته، سحب رئيس مجلس النواب نبيه بري "أرنباً" جديداً من كمِّه، معتمداً على أحد النواب المحسوبين عليه، من غير كتلته، هو النائب جهاد الصمد. ماذا في الأرنب الجديد؟ 



الأرنب الجديد هو اقتراح قانون معجّل مكرّر من مادة وحيدة، من سطرين، تنصّ على الآتي:

"بصورة استثنائية وخلافاً لأي نص آخر يمدّد لمن يرغب من العاملين في القطاع العام، إدارات ومؤسسات عامة ومختلطة وأجهزة قضائية والجامعة اللبنانية وعناصر وضباط الأجهزة الأمنية والعسكرية الذين لا يزالون في الخدمة الفعلية لتاريخ صدور هذا القانون، وذلك لمدة سنة من تاريخ إحالتهم على التقاعد".



مصادر سياسية اعتبرت أنّ اقتراح القانون المقدَّم من النائب الصمد شكلاً، ومن الرئيس بري، عملياً، هو لقطع الطريق على اقتراح القانون الذي تقدّمت به "القوات اللبنانية" بشخص رئيس لجنة الإدارة والعدل النيابية النائب جورج عدوان، والذي يحصر التمديد بقائد الجيش العماد جوزاف عون، كما أن اقتراح القانون من النائب الصمد أكثر شمولاً من اقتراح القانون الذي ستقدّمه "كتلة الاعتدال" النيابية والذي يتضمّن التمديد لقادة الأجهزة الأمنية والعسكرية من رتبتَي لواء وعماد.



وهناك الاقتراح الذي تقدّم به النائب في كتلة "اللقاء الديموقراطي" بلال عبداللّه والذي ينصّ على التمديد لجميع العسكريّين في الأسلاك كافةً، لعامين إضافيين، على أن يستفيد منه قائد الجيش بعامٍ واحد باعتباره ممدّداً له سنة سابقاً.



الجدير ذكره أن حكومة الرئيس نجيب ميقاتي نأت بنفسها عن إعداد مشروع قانون التمديد لقائد الجيش، وتركت الموضوع، كما في التمديد الأول، للكتل النيابية لتفادي طعن وزير الدفاع موريس سليم في التمديد بذريعة أنه لا يحمل توقيعه.



هكذا يكون التمديد لقائد الجيش قد دخل مجدداً في البازار السياسي، ويتزامن مع حملة الاستهداف التي تطاوله انطلاقاً من عناوين ثلاثة: 

عملية البترون التي بدأ التصويب على العماد عون من باب "التقصير" في ضبط الشاطئ اللبناني. 



المساعدات العينية التي تصل إلى لبنان وتوجَّه "اتهامات" إلى الجيش بأنه يضع يده على قسم منها، وبلغت الاتهامات حدّ وصف ما يقوم به الجيش بأنه عملية "فرض خوة".



مَن يقف وراء هذه الحملات؟ مصادر سياسية تحصر العملية بثلاثة أطراف، هي بالترتيب: رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الذي أسرَّ لقريبين أنه مستعد أن يرسِل وزراءه، لمرة واحدة، إلى جلسة لمجلس الوزراء، لتعيين قائد جديد للجيش. رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي، على سبيل الدعابة، نُقِل عنه أنه لا يعرف ما إذا كان نواب "التنمية والتحرير"، أي كتلته النيابية، سيحضرون جلسة التمديد! الطرف الثالث، غير المنظور، هو "حزب اللّه" الذي يُقرأ موقفه من خلال إعلام الممانعة التابع له والذي يشنّ حملات يومية على قائد الجيش. 



في المقابل، يلقى خيار التمديد دعماً من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، كما أن الرئيس السابق "للحزب التقدمي الاشتراكي"، وليد جنبلاط، لا يمانع في أن يكون التمديد محصوراً بقائد الجيش، وأن اقتراح النائب بلال عبداللّه هو لاعتبارات مناطقية خصوصاً أن مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان هو من إقليم الخروب، الخزان الانتخابي في الشوف، والذي لا يريد جنبلاط خسارته. 



أياً يكن الخيار الذي سيسير فيه مجلس النواب في موضوع التمديد للعماد عون، فإنّ هناك خطاً أحمر يضعه جنبلاط على تولي رئيس الأركان مهام قائد الجيش، ويعتبر جنبلاط، كما يقول مقربون منه، أنه يتحاشى تلقّف كرة النار العسكرية في ظرف بالغ الدقة والخطورة، باعتبار أن أي حادثة ستقع ستُراجَع المختارة، باعتبارها مرجعية رئيس الأركان، وليس اليرزة أو السراي. 



يبقى عاملٌ أخير، لكن الأول في الأهمية، وهو الموقف الأميركي من التمديد لقائد الجيش، وتقول المعلومات إن السفيرة الأميركية في بيروت تُرسِل رسائل في اتجاه عين التينة مفادها أن التمديد للعماد عون هو الخيار الأنسب، خصوصاً مع المهام التي ستوكَل إلى المؤسسة العسكرية في الجنوب بعد وقف إطلاق النار وتطبيق القرار الرقم 1701 بصيغته المحدَّثة.