ألين الحاج

فتاة الجامعة الإيرانيّة صراع يتجدّد بين نهجيْن

الجامعيّة الإيرانيّة بملابسها الداخلية

أن تتحدى فتاة أو سيدة إيرانية القوانين القمعية المفروضة من قبل السلطات على ملابسها وحجابها، أمر لم يعد مفاجئاً. لكنه، في كل مرّة يحصل فيها، يثير موجة من الجدل والنقاشات الحادة. وفي حادثة وقعت قبل أيام، انتشرت صور وفيديوات لطالبة إيرانية، لم تُكشَف هويّتها، تجرّدت من ملابسها، ما خلا الداخلية منها، في باحة إحدى الجامعات الكبرى، احتجاجاً على قوانين الحجاب الإلزامي.


اللافت في الفيديو المنتشر أن أحداً من الموجودين في المكان لم يتقدّم باتجاه الطالبة لنهيها عن تصرفّها أو حتى لدعمها، وكأن لامبالاتهم تعكس جمود القمع الذي يتعرّض له المجتمع الإيراني لسنوات. وبعد أن سارت الفتاة بحريّة في ثيابها الداخلية لوقت ليس بقصير، اعتُقلت من قبل رجال أمن الجامعة. 


لكن بعد انتشار الفيديوات التي تمّ تصويرها لها، استدعى تصرّف الفتاة ردود فعل متباينة داخل إيران وخارجها حول حقوق المرأة الإيرانية والقمع الذي تمارسه الحكومة الإيرانية.

فرأى البعض في تصرّفها، مقاومة ضدّ قوانين تعتبرها جائرة، بينما اعتبره آخرون فعلاً متهوّراً، فيما ذهب بعض الناشطين للقول إن تعرّي المرأة ليس الحلّ الأمثل لمشكلة بهذا العمق والتعقيد، بل من شأنه المساهمة في تهميش القضايا الأساسية لحقوق النساء في إيران.


من جهتهنّ رفضت نساء يرتدين الحجاب أن تصبح الفتاة الجامعيّة أيقونة للمرأة الإيرانيّة على غرار مهسا أميني، في مقابل توجيه اللوم لهنّ، وذلك على خلفيّة انتشار صورة رمزيّة للحادثة وفي خلفيّتها إيرانيات يرتدين الحجاب الأسود التقليدي. وعلّقت إحدى السيّدات الإيرانيات بالقول إنهنّ مرغمات على تحمّل هذه الضغوطات دون الحاجة إلى المزيد من الاستعراضات لتسليط الضوء على معاناتهن.


بدورهم، دعا ناشطون حقوقيون إلى الإفراج الفوري عن الفتاة، كما أنّ العديد من الإيرانيين على مواقع التواصل الاجتماعي شكّكوا في صحة ادعاء الجامعة أن الطالبة كانت تعاني من "اضطراب عقلي" وتمّ نقلها إلى مستشفى للأمراض النفسية. حيث ذكرت الناشطة الإيرانيّة في مجال حقوق المرأة عزام جنجرافي، التي فرّت إلى كندا بعد اعتقالها عام 2018 بسبب احتجاجها ضد الحجاب، أن عائلتها تعرّضت لضغوط مماثلة للتصريح بأنها مصابة بمرض عقلي أثناء اعتقالها.


حادثة الفتاة الجامعية ليست الأولى بعد الاحتجاجات الكبرى التي هزّت إيران إثر وفاة مهسا أميني، في أيلول 2022، والتي اعتُبرت بداية لحركة احتجاجية واسعة ضد قوانين الحجاب الإلزامي. وتعكس مثل هذه الحوادث، وإن كانت فرديّة، الصراع المستمرّ بين حرية المواطن في إيران وسلطة الدولة، على خلفيّة الانقسام العميق داخل المجتمع حول حقوق النساء ومستقبل الحريات في البلاد.