رمال جوني

من مدينة المفروشات إلى أرض محروقة

"ميس الجبل"... 70% دمار وخسائر بملايين الدولارات

ميس الجبل

يكاد لا يمرّ يوم على بلدة "ميس الجبل"، من دون أن يفجّر الجيش الإسرائيلي منازلها ومحالها ومؤسساتها الصحية والتربوية. إذ بلغ حجم الدمار حوالى 70 في المئة من بنيتها التحتيّة. تقع "ميس الجبل" في القطاع الأوسط، وتعدّ واحدة من أكبر البلدات الحدودية. منذ اندلاع الحرب، نزح أهلها ولم يبق فيها سوى أربعة مسنين في العقد الثامن من العمر، حيث فُقد الإتصال بهم منذ الثاني من تشرين الأول الماضي، رغم الجهود التي بذلها رئيس بلدية ميس الجبل عبد المنعم شقير مع قيادة الجيش اللبناني وقوات الطوارئ الدولية للكشف عن مصيرهم التي باءت بالفشل، مؤكّداً لـ"نداء الوطن" أنه لن "يألوَ جهداً قبل الكشف عن مصيرهم".



منذ بداية الأزمة، سعى الإسرائيليون إلى إقامة منطقة عازلة بعمق 5 كلم داخل الأراضي اللبنانية، ويسعى اليوم إلى تحقيق مسعاه عبر تحويل القرى الحدودية إلى أرضٍ محروقة كما يحصل في "ميس"، غير أنّ شقير يشدّد على "أن العدوان الإسرائيلي لن ينجح، لأن أبناء "ميس" سيعودون إليها ريثما تنتهي الحرب، ولو تطلب الأمر نصب خيمة عند أعتاب المنازل".



تصدرت "ميس الجبل" في الأيام القليلة الماضية واجهة الأحداث، لا سيّما بعد عمليات تفجير أحياء بكاملها، حتى وصل بهم الأمر إلى تفخيخ "مستشفى ميس الجبل الحكومي"، فهل يفعلها الإسرائيلي ويفجّره؟ لا يستبعد شقير الأمر، فنحن "أمام عدو مجرم وقاتل لا يميّز بين حجر وبشر، ودور العبادة ومؤسسات صحيّة".



قبل الحرب كانت "ميس الجبل" العاصمة الاقتصادية الأولى للقرى الحدودية، حيث تتربع على عرش صناعة السجاد والمفروشات، ويقدّر مردودها المالي بملايين الدولارات، وفق شقير. مرّ موسمان من دون أن يتمكن أبناء "ميس" من تصريف بضائعهم ومنتجاتهم التي كانت مُخزّنة في المستودعات. بعض التجار نقل بضائعه خارج المنطقة قبل اندلاع الحرب بالتنسيق مع الجيش و"اليونيفيل".



قد تكون المرة الأولى التي تُدمّر فيها "ميس الجبل" بهذه الطريقة منذ أكثر من 76 عاماً. الحرب الدائرة حاليّاً غير مسبوقة في خسائرها، إذ يعتقد رئيس البلدية أنها بلغت ملايين الدولارات، ومع ذلك ينتظر أبناؤها انتهاء الحرب للعودة إلى أرضهم.

نزح أبناء "ميس" على مرحلتين، في المرّة الأولى، توجه قسم كبير منهم نحو النبطية وصور، ومع توسّع الحرب البريّة والجويّة، قبل شهر ونيّف، نزح الجميع نحو مناطق جبل لبنان والشمال.



في هذا السياق يُشير شقير إلى أنّ "أبناء ميس لم يختبروا معاناة النزوح، فمعظهم أصحاب مصالح ومزارعون يهتمون بتربية الماشية والنحل، ويبلغ مدخول الفرد منهم سنويّاً حوالى 50 ألف دولار، غير أن ما يعانون منه اليوم، هو ضرب مصالحهم المتوقفة منذ 13 شهراً ولا مدخول لهم، فيما الدولة غائبة أو عاجزة".

في الختام، يشدّد شقير على أنّ "ما يحصل في "ميس الجبل" هو نموذج، عما تعيشه باقي القرى الحدودية، غير أنّ أهداف العدو لن تنجح مهما تعاظم حجم الدمار وتدمير الحياة فيها".