أعلنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان أن ّما يقارب %70 من قتلى حرب غزة الذين تحققت منهم هم من النّساء والأطفال، وندّدت بما وصفته بانتهاك ممنهج للمبادئ الأساسية للقانون الإنساني الدّولي.
ولا يشمل الإحصاء، الذي تجريه الأمم المتحدة منذ بداية الحرب ولا يزال مستمرّاً، سوى القتلى الذين تمكنت من التّحقق منهم من ثلاثة مصادر.
ويدور الصّراع بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة منذ أكثر من عام.
وعدد القتلى، الذين تحققت منهم المفوضية ويبلغ 8119 شخصاً، أقل بكثير عن الأعداد التي قدمتها السّلطات الصّحية الفلسطينية وتجاوزت 43 ألف قتيل منذ بدء الحملة العسكرية الإسرائيلية على القطاع في أكتوبر تشرين الأول 2023.
لكن التفاصيل التي قدّمتها الأمم المتحدة عن أعمار القتلى وجنسهم يتفق مع التّأكيد الفلسطيني على أن النّساء والأطفال يشكلون نسبة كبيرة من قتلى الحرب.
وذكرت المفوضية في بيان يرافق تقريراً من 32 صفحة أن هذه النتائج تشير إلى "انتهاك ممنهج للمبادئ الأساسية للقانون الإنساني الدّولي بما في ذلك التّمييز والتّناسب".
وقال المفوض السّامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك "من الضّروري أن تكون هناك محاسبة مستحقة بالنّظر إلى الادعاءات بارتكاب انتهاكات خطيرة للقانون الدولي عبر جهات قضائية ذات مصداقية وحيادية، وفي هذه الأثناء، يتم جمع وحفظ جميع المعلومات والأدلة ذات الصّلة".
وذكرت البعثة الدبلوماسية الإسرائيلية لدى الأمم المتحدة في جنيف إنها ترفض تماماً التّقرير.
وأضافت: "مرة أخرى، تفشل المفوضية السّامية لحقوق الإنسان في عكس الحقائق على الأرض بدقة، وتتجاهل الدّور الواسع النّطاق الذي تلعبه حماس والمنظمات الإرهابية الأخرى في التّسبب عمداً في إلحاق الضّرر بالمدنيين في غزة".
وتقول إسرائيل إن مقاتلي حماس يندسون عمداً وسط المدنيين ويستخدمونهم كدروع بشرية، وبالتّالي فإن المسلحين يتحملون المسؤولية عن مقتلهم.
وقالت إسرائيل إن مدنياً واحداً تقريباً قُتل مقابل كل مسلح، وهي نسبة تتهم حماس بالمسؤولية عنها قائلة إنها تستخدم المنشآت المدنية. وتنفي الحركة الفلسطينية استخدام المدنيين دروعاً بشرية.
وشنت إسرائيل حملتها على القطاع رداً على هجوم لحماس في السّابع من تشرين الأول 2023 والذي تشير إحصاءات إسرائيلية إلى أنه أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص واحتجاز أكثر من 250 رهينة. ويقول الجيش الإسرائيلي إنه حريص على تجنب إلحاق الأذى بالمدنيين في غزة.
وقال الجيش الإسرائيلي إن هناك عمليات شاملة تكفل امتثال القوات لقانون الصّراع المسلّح عبر عملية منظمة متعددة المستويات للموافقة على الهجمات بهدف منح القادة "كل المعلومات المتاحة المعقولة".
وأضاف الجيش في بيان "يتم تنفيذ كل عمل عسكري وفقا لمبادئ التّمييز والتّناسب، ويسبقه تقييم دقيق لاحتمال إلحاق الضرر بالمدنيين".
قال أجيث سونجاي رئيس مكتب المفوضية في الأراضي الفلسطينية المحتلة خلال إفادة صحفية في جنيف إن المفوضية تحققت من الوفيات الواردة في التقرير من ثلاثة مصادر مثل الجيران وأفراد الأسرة والمنظمات غير الحكومية المحلية وسجلات المستشفيات أو موظفي الأمم المتحدة هناك.
وأضاف "الأرقام ضخمة بالطّبع مقارنة بالسّنوات السّابقة، وبالتالي نحتاج إلى وقت للمتابعة والتحقق"، معبّراً عن اعتقاده بأن الإحصاء النهائي للأمم المتحدة سيكون مماثلا على الأرجح للأرقام التي تعلنها السلطات الفلسطينية.
وكشف التّقرير أن أصغر قتيل تحقق مراقبو الأمم المتحدة من وفاته كان طفلا يبلغ من العمر يوماً واحداً، فيما كان أكبر قتيل امرأة تبلغ من العمر 97 عاماً.
والأطفال الذين يبلغون من العمر 18 عاماً أو أقل يمثلون إجمالاً 44 بالمئة من القتلى، لكن الفئة العمرية التي سقط منها أكبر عدد من القتلى هي الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين خمس وتسع سنوات، يليها من تتراوح أعمارهم بين 10 و14 سنة، ثم الأطفال الذين تصل أعمارهم إلى أربع سنوات أو أقل.
ويعكس هذا بوضوح التّركيبة السّكانية للمنطقة، والتي جاء في التّقرير أنها تعكس تقاعسا واضحا عن اتخاذ التدابير الاحتياطية اللازمة لتجنب الخسائر في صفوف المدنيين.
وأظهر التقرير أن في 88 بالمئة من الحالات، قُتل خمسة أشخاص أو أكثر في الهجوم نفسه وهو ما يشير إلى استخدام القوات الإسرائيلية لأسلحة ذات تأثير على مساحة واسعة، رغم أن بعض الوفيات قد تكون ناجمة عن مقذوفات من جماعات فلسطينية مسلّحة سقطت بالخطأ".