إحتلّ مشاهير ومؤثّرون على مواقع التواصل الاجتماعي، صدارة الحملات الإغاثية التي أُطلقت لمساعدة اللبنانيين النازحين إلى مراكز الايواء بعد تصاعد الحرب الإسرائيليّة على لبنان منذ أواخر أيلول الماضي. وكانت سبقتها مبادرات مشابهة أعلن عنها فنانون وإعلاميّون معروفون، قوبلت بهجوم واسع من روّاد مواقع التواصل، فتراجع أصحابها عن التحدّث عنها في العلن. فيما أدرج قسم آخر من الفنانين حراكه تحت غطاء منظّمات غير حكومية، واختار قسم ثالث مدّ يد الدعم بصمت.
الفنان ماهر جاه، ابن حاصبيّا الجنوبيّة، كان من المبادرين الأوائل في هذا المجال، لكنّه نال نصيبه من الانتقادات اللاذعة التي طالته بعد توزيع حصص مساعدات على النازحين طبع عليها عبارة "أهلاً بضيوفنا… الفنان ماهر جاه"، إلى جانب صورة للعلم اللبناني. واعتبر أنّ النازحين من الجنوب هم ضيوف في مناطق الشمال وبيروت وليسوا نازحين، ومبادرته هي "حسن ضيافة وكرم أخلاق"، بحسب تعليقه في فيديو نشره عبر إنستغرام، وأوضح أنّ ما قام به هو دعوة منه لزملائه الفنانين ليحذوا حذوه في تقديم المساعدات.
تساؤلات
جاه برّر تدوين اسمه على الأكياس بأنه نزولاً عند رغبة اللّجنة المنظّمة لتوزيع المساعدات للتأكد أنّ مبادرته ستصل إلى الأشخاص الذين خُصّصت لهم. لكن بعد الهجوم عليه، اكتفى جاه بالتركيز على أعماله الفنيّة، وبينها جولة غنائية في أستراليا، متجنّباً الكشف عن أي مساعدة يقوم بها.
ما جرى مع الفنان ماهر جاه دفع البعض للتساؤل إن كانت الحملات الانتقاديّة التي طالته بريئة وعفويّة، أم أنها أتت في سياق ممنهج بدفع من واحد أو أكثر من منافسيه من "أهل الكار"؟
حماسة ثم تراجع
الإعلاميّة أنابيلا هلال تعرّضت من جهتها للانتقادات نتيجة ظهورها العلنيّ أثناء تقديم المساعدات. هلال ردّت عبر "نداء الوطن" على جميع المنتقدين قائلةً: "من لديه طريقة ثانية لتسليط الضوء على الوجع الذي نمرّ به فأنا مستعدة". مضيفةً: "لم أكتفِ بالمساعدات الشخصية التي قدّمها "مستشفى نادر صعب"، إنما تواصلت مع العديد من المنظّمات والجمعيات الخيريّة في الخارج التي عبّرت عن استعدادها لتقديم المساعدة من أوروبا والخليج، لذلك كان من واجبي التوجّه إليهم بالشكر وتوزيع هذه الأمانة على مراكز اللجوء شخصيّاً". وأشارت إلى أنّها لن تكشف عن المساعدات التي تقدّمها على الصعيد الشخصي. هلال تراجعت عن الظهور بعد انتهاء حملتها، وعادت للتركيز على عملها حيث قدّمت "مهرجان الجونة السينمائي" وحفلات أخرى في دبي، إلى تصوير الإعلانات وسواها من الأنشطة.
حملة شكّلت دافعاً
أما الممثّلة ماغي بو غصن فكرّست حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي لجمع التبرّعات، وبالتعاون مع جمعية "حماية" زارت مراكز تشرف عليها الجمعيّة. كما أطلقت حملة بعنوان "منحبّك يا لبنان" من خلال موقع إلكتروني يشتري من خلاله المتبرّع المواد الأوّليّة والفرش والمخدّات وأدوات التنظيف وغيرها، وإرسالها مباشرةً إلى مراكز الإيواء والمدارس والنازحين. وكشفت مصادر خاصة لـ "نداء الوطن" أنّ هذه الحملة "دفعت العديد من محبّي بو غصن إلى تقديم المساعدات بشكل كبير من مختلف البلدان العربية والخليج وأستراليا والولايات المتحدة الأميركية".
الفنان جوزيف عطيّة توجّه بدوره إلى أحد مراكز الإيواء واستهدف في حملته فئة الاطفال، فغنّى معهم ووزّع عليهم الهدايا، وحاول الترفيه عنهم على طريقته، لكنّه لم يُشر عبر حساباته الخاصة على مواقع التواصل إلى أي مبادرة عينيّة منه، فظلّ ما قام به محور اهتمام الصحافة والإعلام خصوصاً مع نشر النازحين أنفسهم فيديوات لعطيّة في عدد من مراكز الإيواء والاستقبال.
مبادرة النجوم المعروفين لتقديم المساعدة للنازحين ضمن "كادر" الصورة، عرّض بعضهم للانتقادات خصوصاً في بداية مرحلة النزوح من المناطق التي تعرّضت للقصف الإسرائيلي، حين كانت المشاعر ما تزال مرهفة. لكن في المقابل مبادرات البعض جاءت مدروسة بذكاء وعناية، فنالت ترحيب الرأي العام. إنما في جميع الحالات، مبادرات النجوم في هذه الظروف مشكورة، لأنّ كلّاً منهم يسعى على طريقته، لمواجهة الحرب والتخفيف من وطأة التهجير بالغناء والأمل والابتسامة، ومرّات بأكثر.