عماد موسى

بما إنّو شفنا عفيف...

لدى الحوثيين العميد يحيى سريع مدير دائرة التوجيه المعنوي سابقاً والمتحدث باسم ميليشيا أنصار الله، ولدى حركة حماس نجمها الملثّم المدعو أبو عبيدة، ولدى "الحرس الثوري" علي محمد نائيني.


ولدى الجيش الإسرائيلي (العدو)، أفيخاي أدرعي. ولدينا في لبنان محمد عفيف النابلسي، الوجه الأنيس والصورة الأبهى لإعلام منفتح ومتحرر ومسؤول وموضوعي.


في غياب الغائب الحاضر.


وفي غياب من كان مقدراً له حمل المشعل.


وفي غياب "فظاظة" محمد رعد.


وفي غياب اللؤماء المكابرين.


وفي غياب من يعاون ومن يربط ومن يحل.


يتكفّل الحاج محمد عفيف، بالمداورة، مع الشيخ نعيم، بتظهير الانتصارات الهائلة، وتوجيه الرسائل المسمومة إلى الداخل اللبناني وتحديد المقبول والمرفوض مما هو معروض، ويؤكد قطبا المساندة أن الكلمة الأولى والأخيرة للميدان ولمجاهديه الذين "باعوا جماجمهم وأنفسهم لله تعالى" كما قال أحدهما في حلقة تلفزيونية سُجّلت في مكان مريح.


ما يميز "الحاج" عن "الشيخ" أن الأول يفضّل الـ "لايف" على مخاطره وعثراته. آخر مرة ضاع الحاج بين أسطر كلمته المكتوبة فروكب لسانه لثوان، ثم عاد إلى طلاقته المعهودة متحدثاً أمام باقة من الميكروفونات اللاسلكية الممثّلة للإعلام المحلي والعربي والدولي من فوكس نيوز إلى"العهد". وفي الشكل أيضاً مرة يكون شعر محمد عفيف داكناً ومرة مخططاً بالشيب. اللون يتحوّل "الوهرة" ثابتة. في مؤتمرات عفيف الرهيف لا يُسمع سؤالٌ لمراسل إلّا لماماً. لا يعوز المراسل أن يسأل لأن الحاج يعطي كل الأجوبة على ما يمكن أن يجول في خاطر أي مشاهد من أسئلة وتساؤلات بلغة واضحة تنتمي إلى هذا العصر كقول الحاج في مستهلّ "مونولوغه" الأخير: "تقاتلون فرسان الهيجاء وصناديد العرب وأبطال الرضوان وبدر ونصر وعزيز" تخيلوا ترجمة فورية من العربية إلى الإنكليزية لـ "الهيجاء" و"الصناديد"!


لأسباب لوجستية، وليس لأسباب أمنية، يغيّر الحاج أمكنة مؤتمراته الصِحافية وكلها تنعقد في محيط الضاحية الجنوبية، يعقبها جولة للإعلاميين المُرضى عنهم وطنياً، للإطلاع على حجم الدمار اللاحق بأحياء عاصمة "الحزب".


وبما إنو شفنا عفيف وتابعنا عفيف تعلمنا ونتعلم الكثير منه. الحاج مدرسة. لا بل جامعة كبرى هو. خذوا هذه النظرية وسكروا على الباقي "مفهومنا للانتصار والهزيمة مفهوم أي حركة مقاومة في التاريخ، أي منع ‏العدو من تحقيق أهدافه السياسية والعسكرية، أما عدم المقاومة فهو ‏الهزيمة الكاملة والاستسلام المذل وهذا ما لم يكن ولن يكون".


حسنا مَنعُ العدو من تحقيق أهدافه حصل ويحصل بأروع ملحمة. فماذا عن أهداف المقاومة الإسلامية المبتغاة من حرب الإسناد والمشاغلة وتحرير المسجد الأقصى وإزالة إسرائيل الأوهن من بيت عنكبوت. أيكون العاجز عن تحقيقها في صف المهزومين أو المنتصرين؟