Skyscraper... لحظات تخطف الأنفاس!

02 : 00

في فيلم Skyscraper (ناطحة السحاب)، يجرّب الكاتب والمخرج راوسون مارشال ثيربر خليطاً شائكاً يجمع بين الأحاسيس الإيجابية التي ترافق مواقف الشجاعة وقوة التحمّل من جهة، ومشاعر البرود تجاه أشلاء الجثث التي تتطاير بعد تبادل إطلاق النار من جهة أخرى. يموت عدد كبير من الناس بلا مبرر في هذا الفيلم المُصنّف لمن هم فوق عمر الثالثة عشرة. ربما تهدف هذه المقاربة إلى رفع منسوب التشويق أو تطوير الشخصيات. من الواضح أن فريق المجرمين الدولي الذي يسيطر على ناطحة سحاب في هونغ كونغ (أطول بناء في العالم يفوق حجمه مبنى "إمباير ستيت" بثلاث مرات) يحمل جميع الصفات الشريرة التي يمكن توقعها. لكن كان يمكن الاستغناء عن مشهد اقتحام المكاتب وتدميرها بالكامل، فيما تُغيّر الكاميرا وجهتها وتبتعد عن تفاصيل سفك الدماء تماشياً مع توجيهات "جمعية الفيلم الأميركي".

هذا الفيلم لا يطلب من المشاهدين التفكير بالأحداث بل يكفي أن يستمتعوا بوقتهم. إنه عمل ممتع فعلاً بفضل مشاهد الحركة الآسرة حيث يتحدى بطل القصة الموت. لكنّ الفواصل بين المشاهد الجريئة تبدو رديئة أحياناً.

قبل بلوغ هذه المرحلة من القصة، سنشاهد أحداثاً حصلت منذ 10 سنوات. كان "ويل سوير" (دواين جونسون) جندياً محترفاً في البحرية الأميركية وعميلاً في مكتب التحقيقات الفدرالي، ثم يُكلّف بإجراء المفاوضات لإطلاق سراح الرهائن، لكن تتخذ هذه العملية منحىً مريعاً (إنه مبرر آخر لوضع الشخصيات في بيئة عنيفة بامتياز!). حين يخسر "ويل" الجزء الواقع تحت الركبة من ساقه اليسرى خلال تفجير كبير، يصبح مستشاراً أمنياً. تقوده مهمّته الأخيرة مع زوجته "سارة" (نيف كامبل) وولدَيهما التوأم (ماكينا غرايس ونواه كوتريل) إلى هونغ كونغ حيث يُطلَب منه تقييم الوضع الأمني في مبنى "ذي بيرل" قبل افتتاحه. هذا المكان هو عبارة عن مُجمّع لامع ومستقل فيه أكثر من 200 طابق ويحمل توقيع الملياردير "تشاو لونغ جي" (تشين هان). تقف الشخصيات هناك وتتبادل حوارات تفسيرية ثقيلة لكنها مهمة للأحداث اللاحقة وتفصّل خصائص المبنى المتطور.





لن تدوم هذه المماطلة طويلاً ولا يهتم ثيربر ببناء أجواء التشويق بطريقة تصاعدية، بل يسرّع الأحداث فوراً ويحافظ على هذا الإيقاع. يقتحم فريق من الأشرار، بقيادة الخطير "كوريس بوثا" (رولاند مولر)، المبنى وهو يحمل موادّ كيماوية قابلة للاشتعال (كان يُفترض ألا يأخذوا عناء تفسير طبيعة المواد لأن هذا التفصيل غير مهم مقارنةً بالفوضى التي يُسبّبها). لكن عند إضرام النار في المبنى، لا يدرك أحد في البداية أن زوجة "ويل" وولدَيه لا يزالون داخل إحدى الوحدات السكنية. وفيما تتصاعد النيران بعدما بدأت على شكل حريق صغير في الطابق السادس والتسعين، تزداد المخاطر والأجواء الجنونية معها.

وبما أن جونسون هو بطل القصة، سيبذل طبعاً قصارى جهده لإنقاذهم وتشكّل جميع العوائق المتلاحقة تحديات أسخف من سابقاتها. لكن ثمة جانب جديد في هذا الدور، إذ لا يبدو "ويل" غير قابل للتدمير بالكامل. تستعمل شخصيته ساقاً اصطناعية ويستفيد الفيلم من هذا الجانب بدل اعتباره عائقاً أمام الأحداث.

اللحظات الفردية هي الأكثر تميّزاً، فيصطحبنا المصور السينمائي البارع روبرت إيلسويت (يتعامل معه المخرج بول توماس أندرسون دوماً) إلى عالم جنوني ومشوق، ويقدم مشهد صعود "ويل" إلى الرافعة على علو مئة طابق وقفزته نحو المبنى الشاهق ليلاً عبر نافذة مكسورة بأفضل أساليب التشويق. تستمر الأجواء نفسها حين يستعمل شريطاً لاصقاً لمداواة جروحه أولاً ثم إلصاقه على يديه وقدميه لاختراق الواجهة الزجاجية على طريقة "سبايدرمان" (إذا كنت تشعر بالدوار أو تخاف من المرتفعات، قد لا يكون هذا الفيلم الخيار المناسب لك!). على غرار السلسلة الشهيرة Die Hard (الموت الصعب)، تتعلق أكثر الجوانب متعة في Skyscraper بإشراك المشاهدين في اكتشاف تفاصيل الخطة خطوة تلو الأخرى مع بطل القصة القوي على الشاشة، لكننا قد لا نصدّق أحياناً أن هذه الأحداث كلها حصلت في يوم واحد.

أخيراً، يقدم الفيلم فرصة قيّمة ومفاجئة للممثلة نيف كامبل، فلا تظهر بصورة المرأة التعيسة التي تواجه المصاعب بل تؤدي دور جرّاحة متدرّبة على القتال، ما يعني أنها تستطيع محاربة الآخرين وحدها تزامناً مع الاعتناء بولدَيها. كما أنها تجيد لغات آسيوية عدة وتستفيد من هذه الميزة على مر الفيلم. لو كُلّفت هي بالعملية وتولّت بنفسها إنقاذ عائلتها والمبنى كله، كان الفيلم حينها ليتخذ بُعداً مشوقاً آخر!