جاد حداد

سم نحل العسل يقتل خلايا سرطان الثدي العدائي

10 أيلول 2020

02 : 00

في دراسات مخبرية، نجح عنصر ناشط من سم نحل العسل في قتل نوعَين من خلايا سرطان الثدي سريعاً. حتى أن المادة السامة لم تُضرّ بالخلايا السليمة!

منذ آلاف السنين، يستعمل البشر العسل والعكبر وسم نحل العسل الأوروبي كأدوية. اكتشف الباحثون حديثاً أن عنصر الميليتين الناشط في سم نحل العسل يسمم مجموعة واسعة من الأورام على مستوى الجلد والرئة والمبيض والبنكرياس. تنتج جزيئة الميليتين شعور الألم الذي يرافق لدغة النحل، لكن لا يفهم العلماء بالكامل بعد ما تفعله للقضاء على الخلايا السرطانية.

للمرة الأولى، حلل الباحثون أثر الميليتين وسم نحل العسل على مجموعة من أمراض سرطان الثدي، بما في ذلك نوعان عدائيان يصعب معالجتهما.

استنتج علماء من معهد "هاري بيركينز" للأبحاث الطبية في "بيرث"، أستراليا، ومن جامعة غرب أستراليا في المنطقة نفسها، أن جزيئة الميليتين وسم نحل العسل يقضيان سريعاً على هذين النوعين من السرطان، من دون ترك آثار بارزة في الخلايا الطبيعية. تقول المشرفة الرئيسة على الدراسة سيارا دافي: "كان السم قوياً جداً. اكتشفنا أن جزيئة الميليتين قادرة على تدمير أغشية الخلايا السرطانية بالكامل خلال 60 دقيقة".

تذكر الدراسة أيضاً أن سم نحل العسل الذي يخلو من الميليتين لم يقتل الخلايا السرطانية رغم استعمال كميات كبيرة منه. نشر العلماء نتائجهم في مجلة "علم الأورام الدقيق".

تستطيع جزيئة الميليتين أن تقضي على الخلايا خلال أقل من ساعة عبر إحداث ثقوب في الغشاء الخارجي. لكن بعد 20 دقيقة على تلقيها، تبين أنها تعيق أيضاً مرور الرسائل الكيماوية التي تحتاج إليها الخلايا كي تنمو وتنقسم. توضح دافي: "حللنا طريقة تأثير سم نحل العسل والميليتين على مسارات الإشارات السرطانية والرسائل الكيماوية الأساسية لنمو الخلايا السرطانية وتكاثرها ولاحظنا أن تلك المسارات تنغلق بسرعة فائقة".

اكتشف العلماء أن الميليتين تعطي هذا المفعول عبر منع تنشيط مستقبلات عوامل النمو في غشاء الخلايا. تنمو الخلايا السرطانية المُخصّبة HER2 وأنواع معينة من سرطان الثدي الثلاثي السلبي وتخرج عن السيطرة لأنها تشمل أعداداً كبيرة من تلك المستقبلات. من خلال منع مرور إشارات النمو، تكبح الميليتين تكاثر الخلايا.

تعليقاً على النتائج الجديدة، يقول البروفيسور بيتر كلينكن، عالم مرموق في جامعة غرب أستراليا لم يشارك في البحث الأخير: "من اللافت أن تنجح جزيئة الميليتين، وهي مادة مهمة من سم نحل العسل، في كبح نمو خلايا سرطان الثدي القاتلة، لا سيما سرطان الثدي الثلاثي السلبي. تثبت هذه الدراسة أن الميليتين تؤثر على مسارات الإشارات داخل خلايا سرطان الثدي لتقليص تكاثر الخلايا. إنه مثال مدهش آخر على كيفية استعمال عناصر الطبيعة لمعالجة الأمراض البشرية".





علاج مختلط

بما أن جزيئة الميليتين تنتج ثقوباً في أغشية الخلايا، قد تسمح أيضاً لأدوية العلاج الكيماوي باختراق الخلايا السرطانية وتدميرها.

لاختبار هذه الفرضية، عالج الباحثون نموذجاً من الفئران المصابة بسرطان الثدي الثلاثي السلبي فأعطوها خليطاً من الميليتين ودواءً اسمه دوسيتاكسيل. تبيّن أن هذا الخليط ينجح في تقليص حجم الأورام أكثر من الميليتين أو الدوسيتاكسيل وحده.

قد يتمكن الأطباء من استعمال هذه الاستراتيجية لزيادة فاعلية أدوية العلاج الكيماوي أو تخفيف جرعتها، ما يعني احتمال تراجع الآثار الجانبية الضارة.

يذكر المشرفون على الدراسة الجديدة أن سم نحل العسل يُعتبر رخيصاً نسبياً ويسهل الحصول عليه، ما يجعله خياراً جيداً لمعالجة السرطان في البلدان التي تعاني من ضعف الموارد في خدماتها الصحية: "سم نحل العسل متاح عالمياً بكلفة مقبولة، وهو يشكّل جزءاً من الخيارات العلاجية التي يسهل الحصول عليها في المناطق البعيدة أو الأقل تطوراً. لا بد من إجراء أبحاث إضافية لمعرفة ما إذا كان هذا السم في بعض الأنماط الجينية لدى النحل يعطي مفعولاً أقوى ضد السرطان، ويمكن استكشاف ذلك المفعول في المراحل اللاحقة".

لا يزال هذا الخط البحثي في بدايته ولم يطلق العلماء بعد تجارب عيادية على البشر لتقييم سلامة الميليتين وفاعليتها في مجال معالجة سرطان الثدي. ربما لم ترصد هذه الدراسة أدلة واضحة حول تضرر الخلايا غير السرطانية، لكن توصلت دراسات أخرى إلى نتيجة معاكسة. لهذا السبب، يجب أن يتوخى خبراء الرعاية الصحية الحذر عند استهداف الأورام بجزيئـــة الميليتين لمنع أي أضرار جانبيــــــة في الأنسجة الصحية.


MISS 3