لم يكن منتظراً من "محادثات جنيف" النووية أمس بين دبلوماسيين أوروبّيين وإيرانيين أي نتيجة ملموسة، إذ يحسم محلّلون أن "الكلام الجدّي" حول الملف النووي الإيراني سيبدأ بعد تسلّم الرئيس الأميركي المُنتخب دونالد ترامب مقاليد الحكم في واشنطن، واصفين الاجتماع الذي حصل بأنّه "لقاء عابر" عمد خلاله كلّ طرف على "جسّ نبض" الطرف الآخر، والتعبير عن الهواجس والمخاوف، والتأكيد على "الخطوط الحمر"، فضلاً عن تبادل "المجاملات الدبلوماسية"، بانتظار عودة ترامب إلى البيت الأبيض.
والتقى نائب وزير الخارجية الإيراني والمفاوض النووي البارز مجيد تخت روانجي مع الدبلوماسي الأوروبي الذي يُتابع الملف النووي الإيراني إنريكي مورا مساء الخميس، فيما أجرى محادثات أحيطت بالتكتم أمس مع دبلوماسيين كبار من دول "الترويكا الأوروبّية" التي تتشكّل من بريطانيا وألمانيا وفرنسا.
وأوضح مورا أن المحادثات كانت "صريحة" وركّزت على الدعم العسكري الذي تقدّمه إيران لروسيا والوضع في الشرق الأوسط والملف النووي، فيما كشف مسؤول أوروبي أنه لم يكن هناك شيء جدير بالملاحظة في الاجتماع، لكن طهران أبدت حرصها على استكشاف كيفية عمل الدبلوماسية في الأسابيع القليلة المقبلة.
في المقابل، أفاد مسؤول إيراني كبير لوكالة "رويترز" بأن طهران توقعت أن تكون المحادثات "صعبة وجادة"، مشيراً إلى أن بلاده ستُطلع روسيا والصين على نتائجها الأسبوع المقبل. واعتبر أن القضايا الثلاث "مترابطة"، في إشارة إلى تلك التي تحدّث عنها مورا، لافتاً إلى أنّه "إذا انتهينا من وضع خارطة طريق مع فرنسا وبريطانيا وألمانيا حول كيفية حلّ النزاع النووي، فإن الكرة ستكون في ملعب الولايات المتحدة لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015 أو القضاء عليه".
في السياق ذاته، أكد نائب وزير الخارجية الإيراني كاظم غريب آبادي تفضيل طهران "طريق الحوار والمشاركة"، موضحاً أنّه "اتُّفق على مواصلة الحوار الدبلوماسي في المستقبل القريب"، في حين كان اجتماع بصيغة مماثلة قد عُقد في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول.
وكان لافتاً "التحذير الاستخباراتي" الصادر من السفارة البريطانية في باريس في شأن خطورة "النووي الإيراني"، إذ حذّر رئيس الاستخبارات الخارجية الفرنسية نيكولا ليرنر في تصريحات علنية نادرة بحضور نظيره البريطاني ريتشارد مور، من أن الانتشار النووي الإيراني المحتمل يُمثل تهديداً خطراً في الشهور المقبلة، مؤكداً أن فرنسا وبريطانيا تعملان على وضع استراتيجيات للاستعداد لمثل هذا الأمر.
وشدّد ليرنر على أن "الاستخبارات ستكون شديدة الأهمية كي يتسنى للسلطات اتخاذ القرارات الصحيحة وتحديد الاستراتيجيات الصحيحة"، فيما أيّد مور الذي يرأس جهاز "أم آي 6"، تصريحات ليرنر، وقال: "الطموحات النووية لهذا النظام تواصل تهديدنا جميعاً، لا سيّما الأصدقاء في فرنسا والمملكة المتحدة ومنطقة الخليج"، على الرغم من أن "الميليشيات الموالية لإيران في أنحاء الشرق الأوسط تعرّضت إلى ضربات كبيرة"، محذّراً من أن نظام الملالي يُبقي على "جهوده الرامية للقضاء على المعارضين في الداخل والخارج".
كما كانت معبّرة نتيجة استطلاع نشرته صحيفة "معاريف" أمس، إذ أظهر أن 57 في المئة من الإسرائيليين يؤيّدون تصريحات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو التي هدّد فيها بشن هجمات ضدّ إيران، بينما عارض 20 في المئة فقط ذلك. وفي ما يتعلّق باتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و"حزب الله"، أبدى 57 في المئة اعتقادهم أنه لن يصمد، في حين رأى 25 في المئة فقط أنه سيصمد.