ألين الحاج

الاعتداء على داوود رمّال

ماذا عن حملات التخوين الرقميّة؟

الصحافي داوود رمّال

منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، تصاعدت التحذيرات من ارتداد "حزب اللّه" على الداخل اللبناني، ليكتشف اللبنانيون أنّ أول تداعيات هذا الهدوء تمثّل في استهداف حريّة التعبير عبر تعرّض عدد من الصحافيين لاعتداءات من عناصر تابعة "للحزب"، آخرهم الصحافي داوود رمّال عند زيارته مسقط رأسه "الدوير".



إثر الكشف عن الحادثة، انطلقت أصوات مستنكرة ترفض ما حصل. لكن، ما كان لافتاً هذه المرة هو الأصوات المقابلة التي بدت خافتة جداً.



ففي السابق، استخدم "حزب اللّه" الفضاء الرقمي كأداةٍ للهجوم والتخوين عبر مناصريه، وخصوصاً على منصة "إكس"، التي تحوّلت إلى ساحة مفتوحة لشن حروب إلكترونية ممنهجة، هدفها خنق أي صوت معارض "للحزب" وإخماد كلّ محاولة للوقوف في وجه هيمنته.



كانت أوركسترا الهجوم تتحرّك بتنظيم مُحكم، عبر أيادٍ خفيّة، لتنهال على الشخص المستهدَف بوابل من التنمّر والشتائم يصل حدّ التّهديد بالقتل، حتى صعُب على كثيرين من مستخدمي المنصة احتمالها.



الإعلامي مارسيل غانم، على سبيل المثال، اضطرّ إلى إغلاق حسابه الشخصي تحت وطأة فظاعة الهجمات التي تعرّض لها، بينما آثرت الإعلامية ديما صادق، التي طالتها حملات مماثلة لسنوات، الإبقاء على حسابها، متحديةً كل محاولات الإسكات والتشويه، ورافضةً حظر أي مهاجم.



فما الذي تغيّر بعد الاعتداء على الصحافي داوود رمّال؟



هذه المرة، خفت صوت "المعركة الرقمية" بشكل ملحوظ، وهدأت معها حملات التخوين التي لطالما شكّلت جزءاً من المشهد، وهو ما أمكن رصده بوضوح على منصة "إكس" من خلال الوسم الخاص بالصحافي.



فعلياً، نشط وسمان هذه المرة، كلاهما يحمل اسم الصحافي المستهدف #داود_رمال و #داوود_رمال، وكان اسمه أيضاً ناشطاً بطريقتي الكتابة كلتيهما.


لكن المثير للاهتمام تمثّل بصمت معظم الحسابات التابعة "للحزب" مقابل نشر عدد ضئيل منها منشورات أيّدت الاعتداء على الصحافي الجنوبي، ومعظمها صدر عن حسابات وهمية.



وإليكم عيّنة من المنشورات الضئيلة المحرّضة على رمّال: 










وتجلّى التغيير اللافت هذه المرّة، في محاولة "حزب اللّه" احتواء حادثة الاعتداء عبر بيان صادر عن العلاقات الإعلامية التابعة له، حاول فيه التنصل من أي علاقة بالواقعة، واصفاً إياها بأنها "حادثة فردية". البيان أشار إلى أنّ "حريّة التعبير حرية مقدسة طالما أنها لم تنتهك القيم الاجتماعية والقوانين المرعية الإجراء"، في محاولة لتهدئة الرأي العام وامتصاص الغضب المتصاعد.



وفي هذا السياق، يبرز سؤال من المرجّح أن يتضح جوابه في المراحل المقبلة: هل يعكس هذا التحوّل في خطاب "حزب اللّه" تحوّلاً جوهرياً في نهجه تجاه الانتقادات، أم أنه مجرد مناورة موقتة تهدف إلى تجنّب تداعيات مع الرأي العام ليس وقتها الآن؟