رماح هاشم

بلبلة حول مضامينه وتأثيره على المودعين

ترحيل تعديل قانون النقد والتسليف

قانون يثير التساؤلات

في بداية العام الماضي عندما كانت الحكومة ناشطة من أجل الاستعانة بصندوق النقد الدولي في إطار الإصلاحات من أجل خطّة التعافي والحصول على قرض بحوالى 3 مليارات دولار لتطبيقها، كان أحد الشروط هو تعديل قانون النقد والتسليف ليُواكب تنفيذ الخطّة بكل شفافيّة. وانكبّ المعنيّون على تعديله إلّا أنّه لم يرَ طريقه إلى مجلس الوزراء إلّا أمس حيث وُضع على جدول أعمال الجلسة، لكن تمّ ترحيله إلى جلسة أخرى. 

الجدير ذكره، أنّ المشروع استفزّ بعض المودعين الذين اعتبروه يضرّ بمصالحهم وودائعهم، إلّا أنّ هذا الرأي يُناقضه خبراء اقتصاديّون مُعتبرين أنّه قانون مُنصف للجميع، فما هي الأسباب المُوجبة له؟ وهل حقّاً لا تترتّب عليه مخاطر تضرّ بمصلحة المودعين؟


تمّ تحديد نطاق التعديلات على قانون النقد والتسليف ضمن 7 نقاط، كما جاء في الأسباب المُوجبة للمشروع، وهي تُركّز على تعزيز الشفافيّة والحوكمة والرقابة وتشديد الضوابط على تمويل المركزي للدولة والقطاع العام وتحديد دوره في التعامل بالودائع الأجنبية، وهي على الشكل التالي:


تعزيز الشفافيّة والاستقلاليّة والمراقبة في المصرف المركزي.

تعزيز الحوكمة في مهام الحاكم والمجلس المركزي، وتوسيع إطار الشفافيّة لجهة نشر المحاضر والقرارات.

تعزيز استقلاليّة المجلس المركزي وصلاحياته.

تعزيز الرقابة على أجهزة المصرف المركزي وتفعيلها.

تشديد الضوابط على تمويل مصرف لبنان للدولة والقطاع العام.

تحديد دور المصرف المركزي في التعامل بالودائع الأجنبية.

تحديث بعض المواد القانونيّة التي مرّ عليها الزمن.

وقد تمّ الإبقاء على هيكليّة القانون وترقيم مواده تسهيلاً لقراءته.



مضمون المشروع:

وأبرز ما تضمّنه مشروع القانون، هو الآتي:


أوّلاً، سعر الصرف القانوني لليرة اللبنانية، وهو تحديد سعر الصرف القانوني لليرة اللبنانية وفق العرض والطلب في الأسواق، مع اقتراح حلول مرحلية يحدّدها وزير المالية بناءً على اقتراح مصرف لبنان.


ثانياً، الحوكمة والشفافية في إدارة مصرف لبنان ومهامه، من خلال:

توضيح مواصفات تعيين الحاكم ونوابه، وشروط التمانع وتضارب المصالح، كما والتشديد على وجوب تنفيذ قرارات المجلس المركزي، ونشر قراراته ومحاضره ضمن حدود القانون، وفرض العقوبات على عدم التقيّد بهذه المبادئ.


تحديد آلية تشكيل المجلس المركزي، وتنظيمه واجتماعاته، وتعيين أعضائه.


وضع السياسات والقواعد المحاسبية وفق الممارسات الفضلى من قبل المصارف المركزية حول العالم، على أن يكون اعتمادها متّسقاً مع السنوات السابقة.


إلغاء اللجنة الاستشاريّة، وإنشاء لجنتين مختصتين أساسيتيْن هما: لجنة السياسة النقدية (Risk Committee) ولجنة إدارة المخاطر (Monetary Policy Committee).


ثالثاً، الرقابة على أجهزة مصرف لبنان، من خلال:

استحداث جهاز رقابي جديد في المصرف المركزي يتمثّل في إنشاء هيئة تدقيق مستقلة عن الإدارة التنفيذية للمصرف المركزي لمراقبة تقيد أجهزة المصرف المركزي بالقوانين وقواعد السلوك المعمول بها لديه، والإشراف على سلامة البيانات المالية وإجراءات الضبط الداخلي، وعلى أعمال التدقيق الداخلي، والتنسيق مع مفوّضي المراقبة الخارجيين.


تعيين مفوّضي مراقبة خارجيين، وتفعيل دور دائرة التدقيق الداخلي (Audit Committee) التي تعاون هيئة التدقيق وتتبع لها.


وجوب تحديث المرسوم المتعلق بمفوضية الحكومة لدى المصرف المركزي.


رابعاً، تمويل مصرف لبنان للدولة والقطاع العام، من خلال:

تكريس مبدأ عدم إمكانية تمويل الدولة إلّا في حالات استثنائية وضمن ضوابط صارمة، على ألّا يتمّ التمويل إلّا من أموال المصرف الخاصة، وألّا يتعدّى الحد الأقصى لعمليات الإقراض أو التمويل نسبة خمسين بالمئة من رصيد أموال المصرف المركزي الخاصة بناء لآخر ميزانية سنويّة مدققة ومعتمدة من المجلس المركزي.


تعديل شروط منح تسهيلات الصندوق إلى الخزينة، مع عدم إمكانية تعدّي قيمتها 5 بالمئة من متوسط واردات موازنة الدولة العادية في السنوات الثلاث الأخيرة المقطوعة حساباتها، وعدم إمكانية تجاوز مدة هذه التسهيلات أربعة أشهر.


خامساً، تعامل المصرف المركزي بالودائع الأجنبية، أي:

قبول المصرف المركزي الودائع بالليرة اللبنانية، فقط لقاء فوائد يحدّدها المصرف.


تحديد وجهة استعمال الاحتياطي الإلزامي بالليرة اللبنانية وبالعملات الأجنبية لاستقرار القطاع المصرفي والتأثير على سيولته فقط، مع وجوب فصل الحسابات التي تتضمن الاحتياطي الإلزامي عن سائر الحسابات لدى مصرف لبنان، وإبرازها بشكل واضح في البيانات المالية وميزانية المصرف المركزي المعدّة للنشر .


سادساً، الرهونات، من خلال إخضاع تنفيذها للقواعد العامة في القوانين المرعية الإجراء وإلغاء الأحكام المخالفة.


سابعاً، تحديث المواد القانونية التي مرّ عليها الزمن، المواد المتعلقة بالنقد، المواد المتعلقة بإصدار النقد، المواد المتعلقة بحالات شغور مناصب نائبي الحاكم الأربعة، وغيابهم ووضعية استحالة توقيع نائب الحاكم المعني، والمواد المتعلقة بقيمة الغرامات المفروضة على المصارف المخالفة.


وكان قد عُقِد لقاء في مكتب وزير المهجّرين في حكومة تصريف الأعمال عصام شرف الدين، وحضر اللقاء ممثلو جمعيّات وروابط المودعين.


وبعد اللقاء، تمّ "رفض أي اقتراح أو مشروع قانون يرمي إلى تعديل قانون النقد والتسليف راهناً، والتزام نصوصه ومواده التي تحمي حقوق المودعين في استعادة أموالهم بالكامل وبعملة الحساب دون أدنى اقتطاع وخلال مدّة زمنيّة قصيرة".


كما تمّ "الطلب من الحكومة الحاليّة سحب مشروع تعديل قانون النقد والتسليف من التداول والسعي إلى اتخاذ خطوات جدية تؤدّي إلى حلّ أزمة المودعين بدلاً من إلهائهم بتعديلات لا تخدم حقّهم المقدس في استعادة ودائعهم، فالمشكلة في النفوس وليست في النصوص".



لا يضرّ بمصالح المودعين

وحول ما يُمكن أن يتضمّنه مشروع التعديل من "محاذير وأفخاخ" على حدّ تعبير البعض، أكدت مصادر اقتصاديّة متابعة للملف، لـ "نداء الوطن"، أن "لا علاقة للمودعين بالتعديلات المُقترحة"، مُشدّدة على أنّ "خلفيّة التعديلات هي خلق رقابة إضافيّة على مصرف لبنان، تمنع تكرار ما حصل في السابق وساهم في الانهيار، وبالتالي وصلت الأمور إلى ما هي عليه اليوم"، كما توضح المصادر بأنّه "من المُقترحات تشكيل لجنة أو هيئة مهمّتها التدقيق في قرارات ووضعيّة مصرف لبنان وحاكميّة المصرف المركزي".


وتعليقاً على اعتراض البعض من قبل ممثلي جمعيّات وروابط المودعين، تُشير المصادر هنا إلى أنّ "مُطلق الكلام هذا لم يستوعب حقيقة وضع قانون النقد والتسليف وبالتالي التعديلات المقترحة"، لافتةً في هذا السياق إلى أنّه "إذا كانت التعديلات هذه لها علاقة بالمُودع فهي تتعلّق بالمودع المُستقبلي على اعتبار أنّها تحميه من خلال حماية الأموال في مصرف لبنان".