في سباق مع الوقت كانوا لإنقاذ طفلين من قدرٍ محتم. إنه فريق "MTV"، المحطة التي تثبت كل يوم أنها "إلك" لا بل "إلنا كلنا". هذه المرة ليس لنقل الخبر بل لتجسيد روح العطاء المنبثقة من ميلاد يسوع.
أمسية يوم الإثنين الماضي على القناة، اخترقت وجدان المشاهدين حيث امتزجت دموع أم، تراقب ذوبان فلذتَي كبدها، بدموع مقدِّمة الحلقة نادين كفوري، التي أكّدت في حديث لـ "نداء الوطن" أنّ رئيس مجلس إدارة المحطة ميشال المرّ لم يتوانَ عن فتح الهواء لـ "تيليتون حكاية وأمل" لإنقاذ طفلين باتت أيامهما معدودة.
وبغصة أمّ تشعر بمعاناة فرنسواز، والدة الطفلين، تتابع كفوري "الطفلان وصلا إلى التيليتون وهما يصارعان الموت ولم يتبقَّ لهما سوى أيام، لم أتمكن من قول ذلك على الهواء لأنّ الكاميرا كانت في غرفتهما داخل المستشفى، إنما حاولت إيصال الواقع إلى المشاهدين بطريقة ما".
في غياب الدولة، لا تقصّر "MTV" في تقديم المساعدة بشكل مستمر، خصوصاً عندما يلجأ إليها أفراد يعجزون عن تأمين الرعاية الصحية اللازمة. وهذا ما حصل مع عائلة عوّاد التي قصدت القناة لمساعدتها في إنقاذ ولديها سافيو (10 سنوات) وستيفن (8 سنوات) اللذين يحتاجان مبلغ 600 ألف يورو لإجراء عملية عاجلة لزراعة نقيّ العظم في إيطاليا، تُبعد شبح الموت عنهما.
كفوري أشارت إلى أنّ الأهل، بعد تشخيص مرض الطفلين، بذلا جهداً كبيراً لتأمين دواء تبلغ تكلفته نحو 60 ألف دولار من الولايات المتحدة، في محاولة لإعطائهما المزيد من الوقت ريثما تتوفر تكلفة العملية، فيما خسرا 4 كيلوغرامات هذا الأسبوع. علماً أن للعائلة خمسة أولاد.
روح العطاء
تجلّت روح العطاء بشكل لافت خلال الحلقة، وفي هذا السياق، تشير كفوري إلى أنّ المساهمات التي أحدثت الفارق لم تكن مقتصرة على المبالغ الكبيرة فقط، بل شملت أيضاً التبرعات البسيطة التي لم تتجاوز في بعض الأحيان العشرين أو العشرة دولارات، والتي رغم محدوديّتها، حققت الهدف المنشود، داعية الجميع إلى عدم التردّد في التبرع بأي مبلغ مهما كانت قيمته.
تجدر الإشارة إلى أنّ منسوب التوتّر ارتفع خلال اللحظات الأخيرة من الحلقة، بسبب عدم تأمين المبلغ الكامل. وإذ بلغ السباق مع الوقت ذروته، انعكس القلق على ملامح وجه كفوري التي لم تُنكر في حديثها أنها شعرت بالخوف، لكنها تابعت قائلة "قبل الانتقال إلى نشرة أخبار منتصف الليل، رجوت المشاهدين التبرّع بما تبقى من المبلغ، حيث كان المجموع 570 ألف دولار من أصل 600 ألف يورو، وبالفعل ما إن انتهى بث الحلقة حتى جاء اتصال من أحد المشاهدين ليتبرع بمبلغ 50 ألف دولار واستمر فريق العمل بتلقّي الاتصالات حتى الواحدة صباحاً ليكتمل المبلغ المطلوب".
ولم تنسَ كفوري الإشارة إلى أنّ عدداً من المشاهدين، ولشدّة تأثرهم، توجهوا إلى المحطة للتبرّع شخصياً. وأحدهم قدّم بطاقات سفر للأم والولدين، وآخر سيارة تاكسي تنقل أفراد العائلة إلى المستشفى، علماً أن الجميع سيقيم في المستشفى وأنّ مدّة العلاج من المتوقع أن تمتد حتى الشهرين.
وضع الطفلين الصحي
شرحت كفوري المزيد حول حالة الطفلين الصحيّة والمعوّقات أمام طريق شفائهما "مرض الطفليْن جيني وليس وراثياً، وكانا يمرضان كثيراً في السابق لكنّ أحداً لم يتمكن من تشخيص مرضهما، إلى أن انتقلا منذ أشهر قليلة إلى مستشفى النيني في طرابلس، بعد تفاقم وضعيهما، وهناك اكتشفت الطبيبة المعالجة أدليت عيناتي أنهما يعانيان "الورم الحُبَيبي المزمن (CGB)" الذي يضرب كل جهاز المناعة، مؤكدةً أن لا أمل لهما سوى في الخضوع للعملية الجراحية.
وكشفت كفوري أنّ اختيار إيطاليا جاء بناءً على تجارب سابقة، حيث تضمن مستشفياتها إعادة إجراء العملية في حال فشلها بنفس المبلغ المطلوب، أي دون الحاجة لدفع أي مبلغ إضافي. وأضافت أنّ المحطة تعاونت في حالات أخرى مع هذا المستشفى وأرسلت إليه مرضى خضعوا لزراعة نقي العظم، جميعهم تماثلوا للشفاء بشكل كامل، علماً أنّ هذه العملية يخضع لها مرضى السرطان أيضاً. ومع ذلك، تتابع كفوري، يرفض المستشفى استقبال أي مريض ما لم يتم تأمين المبلغ كاملاً.
وختمت كفوري بالطلب مجدداً من كل من تبرّع المسارعة في إرسال المبلغ في أسرع وقت ممكن، لأنّ السفارة الإيطالية لن تمنح الطفلين "الفيزا" ما لم يتأمن المبلغ كاملاً، والوقت ليس في صالحهما.
وبذلك، تكون "MTV" قدّمت أجمل هدية بمناسبة عيد الميلاد، حيث منحت عائلة عوّاد أملاً جديداً، وساهمت في استمرار حياة طفلين وُلِدت أمانيهما من جديد.