الخطيب: نحن اليوم اكثر تمسكاً بالجيش

وجه نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الاعلى العلامة الشيخ علي الخطيب رسالة الجمعة في مقر المجلس في الحازمية قال فيها: "لقد عرف اعداء هذه الامة والطامعون بها بعد حروب عديدة شُنّت عليها وحاولت كسر ارادتها وهزيمتها، ولم تفلح في تحقيق هدفها، فاهتدت أخيراً الى معرفة مكمن هذا السر المتجسد في وحدتها فسعت الى التخلص منه. ولقد شهدنا وخصوصا في العصور الاخيرة اولى محاولات الغرب التي نجحت بتحقق هذه الامنية بتفكيك الدولة العثمانية وتقسيم العالم الاسلامي الى وحدات قومية متباينة، لم تنته عند هذا الحد، بل اتبعتها بالدعوات التقسيمية الكيانية، ثم انتهى بنا الأمر الى الدعوات التقسيمية الطائفية والمذهبية التي اخذت اشكالا من الصراعات الدموية اليوم للأسف. ومع عدم وجود إشكال لدينا في الوجودات الكيانية المتعددة لمبررات موضوعية، لكن بشرط ألا يُخلّ بوحدة الامة ويقطع رابطة العقد الالهي بينها، ولكن ويا للأسف ان هذا ما تحقق.



أضاف: "لقد سبق هذا الواقع ان اختلقت السلطة في العصور الاسلامية المختلفة حروب ابادة مذهبية على بعض اخصامها السياسيين، لكن الامة حافظت على وحدتها لأن المعارضة السياسية ادركت خطة السلطة، ولم تنجرّ الى تحقيق ما سعت اليه، ولم تكن تسعى ان يكون لها مشروعها السياسي الانفصالي، ايمانا منها بوجوب الحفاظ على وحدة الامة. وهذا يعود الفضل فيه الى المعارضة، لكن الغرب التقط اللحظة التاريخية بضعف الدولة العثمانية وبث سمومه القاتلة بطرح التجزئة بعناوين مختلفة، وعلى نحو متدرج حتى وصل الى غايته الخبيثة واشعل فيها الحروب المفتعلة القومية والمذهبية في ما بين الكيانات وداخل كل كيان، وهي لاهية بهذه الحروب.. كل كيان وكل مذهب يفتعل حروبه الخاصة، والعدو يسير نحو تحقيق اهدافه دون ان تشعر هذه الكيانات وهذه المذاهب بما يجري، بل يتآمر فيها البعض على البعض الاخر، ويخاف فيها الكلّ الكل متعاونا مع عدوه الحقيقي على اخيه في الدين وفي المصلحة والوجود، بينما العدو الصهيوني يسحق غزة ويشن حربا مدمرة على لبنان، والان يستغل الوضع المؤسف في سوريا ليستكمل ابتلاعه المزيد من الارض السورية وتدمير مقداراتها، والعرب مشغولون بحروبهم الداخلية والخوف من بعضهم يسكن جوانحهم".



وتابع الخطيب: "وفيما العدو يشن حربه على لبنان يتمنى البعض انتصاره على ابناء وطنه، وهمه ان يشن حرب العدو الاعلامية عليه فقط ليشفي غليله وحقده الذي ليس له سبب، الا هذه العصبيات التي أَحياها عدونا في نفوسنا، فأصبح البعض يردد ما يريد له العدو ان يردد، ويتمنى لأخيه الهزيمة خوفا من انتصاره.. يفرح لانتصار عدوه ويحزن لانتصار أخيه، ولا ينبس ببنة شفة اعتراضا على تجاوز العدو، ويطالب المقاومة بتسليم سلاحها، فيما العدو مازال محتلا للارض ويمارس العدوان، ولا يطبق الاتفاق، فأي امة هي هذه الامة واي اوطان هي هذه الأوطان التي تشكك بنفسها وتخاف من خيالاتها".



وقال: "والان، وبعد أن فُرِضَ على العدو وقف اطلاق النار، ويحاول العدو ان يأخذ ما فشل عن اخذه بالحرب، وان يفرض بتجاوزاته أمراً واقعاً، فإن على اللجنة المشرفة على تنفيذ اتفاق وقف اطلاق النار، وقف تجاوزات العدو وقتل المواطنين والاعتداء على السيادة الوطنية، والا فمن حق لبنان بل واجبه الدفاع عن سيادته بكل الطرق المشروعة ووفقا لنص الاتفاق ايضا. وهذا ما يجب ان يكون عليه الموقف الوطني الجامع من اثبات الجدية الوطنية في الدفاع عن سيادة لبنان وكرامة شعبه، من دون الالتهاء بالشعارات التي تنفع العدو وتضر بالوطن.


نحن قبل الجميع من نادى بحضور الدولة في الجنوب لتدافع عن السيادة وعن الوطن، وهذا مطلوب من الجميع، لا ان يكون حضور الدولة حارسا للعدو في وجه الشعب اللبناني كما ربما يريده البعض، وان يكون حضور الدولة مطمئنا للشعب اللبناني في القرى الامامية ليعيش حياته ويمارس اعماله وهو يشعر بالحماية، لا ان يرى الخناجر في ظهره. فشعبنا مصمم على الرجوع الى قراه بأي ثمن، لكنه يريد ان يعود والشعب اللبناني كله سند له، مع الجيش اللبناني الذي كنا اول من طالب بوجوده لحماية السيادة الوطنية، وكانت السلطة السياسية تمانع في ذلك.."


وختم الخطيب: "نحن اليوم اكثر تمسكاً بالجيش لكن على السلطة السياسية الا تطعن الجيش في ظهره، ولا اقصد هذه الحكومة، فهي حتى الآن تقوم بما عليها وبشخص دولة الرئيس نجيب ميقاتي، وكلنا ثقة ان يكمل هذا المسار حتى استعادة آخر شبر وعودة كل مواطن، مع اعادة البناء وترميم ما تهدم بعد بسط الأمن والأمان لأهلنا بكل مسؤولية".