أثارت الحادثة التي شهدتها رعية مزرعة يشوع خلال قداس الميلاد، حيث امتشق كاهن الرعية سلاحاً من نوع كلاشينكوف وألقى به على الأرض في رسالة رمزية حول أهمية نبذ العنف واعتماد المحبة فقط، جدلاً واسعاً في الأوساط الدينية والاجتماعية. فتدخل المركز الكاثوليكي للإعلام ومطرانية أنطلياس المارونية لتوجيه إنذار للكاهن، يفتح الباب أمام تساؤلات عن الخطوات التي يجب أن تتخذها الكنيسة لتجنب مثل هذه المواقف مستقبلاً.
التنشئة الروحية ودورها في ضبط العظات
كشف رئيس الإكليريكية المارونية المونسنيور جورج أبي سعد لـ "نداء الوطن" أن الكهنة يتلقون خلال فترة التنشئة الروحية التدريب اللازم حول جميع الجوانب المتعلقة بالخدمة الكهنوتية، بما في ذلك اللباس الخاص بالقداس وكيفية تقديم العظات. وأوضح أن هناك خطوطاً أساسية تضعها الكنيسة لضبط إطار العظة، مثل مدتها والشكل العام الذي يجب أن تسير عليه، مع الأخذ بالاعتبار الاحتياجات الوطنية والمحلية لكل رعية.
على الرغم من هذه التوجيهات، تبقى لكل كاهن حرية توسيع عظة القداس بأسلوبه الخاص، وهو ما يمكن أن يؤدي أحياناً إلى مواقف حساسة نابعة من خلفياتهم الثقافية والتربوية. وفي ظل هذا التحدي، يؤكد المونسنيور أبي سعد أن الكنيسة لا تراقب بشكل مسبق جميع العظات التي يلقيها الكهنة، لكنها تتدخل فقط عند تلقي شكاوى من الرعايا، كما حصل في حادثة كاهن رعية مزرعة يشوع.
خطوات لتجنب الجدل مستقبلاً
ولضمان عدم تكرار مثل هذه الحوادث، من المهم أن تتخذ الكنيسة خطوات واضحة لضبط المحتوى الذي يقدمه الكهنة في عظاتهم، مع الحفاظ على مساحة الحرية اللازمة للتعبير الروحي. فأوضح مصدر كنسي رفيع أن عدداً من الخطوات تعمل عليها الكنيسة لتجنب تكرار مثل هذه الحوادث تتمثل بتعزيز التوجيهات المركزية، كإصدار كتيّبات إرشادية محدثة تتضمن أمثلة واضحة لما يجب وما لا يجب تضمينه في العظات، بالإضافة إلى تقديم تدريبات دورية وتنظيم ورش عمل للكهنة لتذكيرهم بالمبادئ الأساسية للعظة وتأثير كلماتهم في المصلّين، مضيفاً أن الأهم يبقى المراجعة الاستباقية في المناسبات الكبرى مثل عيدَيْ الميلاد والفصح، فيمكن للكنيسة أن تطلب من الكهنة تقديم ملخصات للعظات لضمان توافقها مع الرسائل الكنسية.
يبقى على الكنيسة مسؤولية تحقيق التوازن بين الحفاظ على روحانية الرسالة وضمان عدم خروج الكهنة عن إطار الخدمة الدينية. الحادثة الأخيرة يجب أن تكون درساً للجميع حول أهمية ضبط الخطاب المذهبي في خدمة القيم الدينية السامية بعيداً عن أي تصرفات قد يُساء فهمها أو تؤدي إلى إثارة الجدل.
الرسالة واضحة: المحبة هي السلاح الأقوى، لكن التعبير عنها يجب أن يكون حكيماً وموزوناً يعكس الروح الحقيقية للكنيسة.