بدأت الحكاية في باريس، ربما في المخبز صاحب "الباغيت" الشهي أو المكتبة التي يقصدها مثقفو باريس وفي الشارع نفسه الذي يقطنه رجل الأعمال عمر حرفوش ورئيس مجلس إدارة الـ MTV ميشال المر.
بدأت الشراكة بين المر وحرفوش وكانت الكيمياء ثالثهما. سنوات من الصداقة والعمل المحترف والتجربة جمعت الرجلين، حتى أصبحا يفكّران في الأمر ذاته بالوقت نفسه، وكأنّهما أصدقاء منذ الطفولة.
خلال الأحاديث في شوارع باريس، ولد مشروع إعادة إحياء "نداء الوطن"، يقول حرفوش إنّ المرّ هو من اقترح الفكرة لضرورة وجود صحيفة لبنانية تعطي توازناً إعلامياً في لبنان بين فريقين مختلفين، فرحّب حرفوش بالفكرة.
وبنظر حرفوش كان لا بد من منقذ للجريدة الورقية قبل أن تنتهي كلياً وتدفن في قبور التاريخ، إذ أراد حرفوش منح أمل للبنانيين بأنّ الصحافة الورقية لم ولن تنتهي، كذلك بالنسبة لباقي المشاريع التي يحتاجها لبنان وشعبه، وهذا الأمر ممكن من خلال مبادرات كمبادرة "نداء الوطن".
ويروي حرفوش مسار العمل لتنفيذ المشروع، وأنه أصرّ أن يكون الشريك الوحيد للمر في "نداء الوطن" رغم كثرة الطامحين، وهو لم يكن في باله التحكّم في سياسة الصحيفة بقدر ما أراد إدخال أكبر عدد ممكن من الصحافيين والكتّاب لإصدار عدد كبير من المواضيع التي تهمّ القارئ في لبنان وخارجه.
ويعطي حرفوش مثلاً كيف أنّه ساهم ورمّم ودعم مدرسة "كروم عرب" الرسمية لدعم الطلاب وتأمين احتياجاتهم التربوية من دون أن يشرط امتلاك المدرسة أو يفكر في إنشاء مدرسة خاصة به.
وبحسب حرفوش، كان لا بد من الاستعجال في إطلاق "نداء الوطن" إلكترونياً خلال فترة الحرب على لبنان، خصوصاً وأنّ التحضيرات كانت شبه منجزة، واليوم شهد لبنان إصدار أوّل عدد ورقي بعد توقّف لسنوات في مؤشر واضح على جدية المشروع وخبرة أصحابه وإصرارهم على إنجاحه.
ويؤكد حرفوش أنّ مهمّته التحريريّة في "نداء الوطن" لم تبدأ بعد، وربما تحتاج لأشهر قليلة إلى حين انتهاء تصميم الموقع الإلكتروني الجديد ذات المواصفات العالمية بدعم من خبراء أجنبيين، كما يجري العمل على تدريب صحافيين لتقديم مواضيع وتحقيقات تشمل عدة مجالات مختلفة بجميع لغات العالم لنشر الأخبار التي تهمّ اللبنانيين المنتشرين في جميع أنحاء العالم.
ويعبّر حرفوش عن فرحته في أنّ العدد الورقي لـ "نداء الوطن" صدر قبل يوم من موعد انتخاب رئيس للجمهورية، وهو يأمل أن يتم انتخاب رئيس توافقي ليدخل لبنان في مرحلة جديدة وتتشكّل حكومة إصلاحية تواكب تطلّعات المجتمعين الدولي والعربي.
يبقى أنّ لنداء الوطن "حكاية" أراد حرفوش أن يواصل كتابتها رغم كل الصعاب والأزمات، وهو المحب للإعلام والإعلاميين وتاريخه يشهد له أنه انتشل العديد من الصحف والمجلات من قعر الهاوية، وليس آخر ما أنجزه كان انقاذه لمجلة "انترفيو" الفرنسية التي وصلت اليوم إلى حدود الأربعة ملايين متابع بفترة زمنية قصيرة بعد أن كانت تعاني من الإفلاس.