أمل شموني

تعدّديتهم تطرح تحدّيات في مقاربة الشرق الأوسط

المبعوثون الأميركيّون وتعقيدات الأدوار المتداخلة

ويتكوف مقرّب جدّاً من ترامب (رويترز)

واشنطن - مع استعداد إدارة الرئيس الأميركي المُنتخب دونالد ترامب لتسلّم مهامها، يتداخل المشهد السياسي بعالم مشحون بالصراعات المتصاعدة، خصوصاً في الشرق الأوسط، ما يعكس مخاوف حقيقية في شأن احتمال تورّط الولايات المتحدة بشكل أكبر في هذه المنطقة. وسلّطت الاستطلاعات الأخيرة التي أجراها مجلس العلاقات الخارجية الضوء على أن الاضطرابات المستمرّة في الشرق الأوسط هي مصدر قلق أساسي لكثير من الناشطين في المجال السياسي.


وتساهم الأحداث الحالية، مثل الحرب المستمرّة بين إسرائيل و"حماس" في غزة، والمواجهات المتزايدة بين القوات الإسرائيلية والفلسطينيين في الضفة الغربية، والتوترات المتزايدة بين إيران وإسرائيل، والصراع المستمرّ الذي يشمل "حزب الله" في لبنان، والتطورات السياسية بُعيد سقوط نظام الأسد في سوريا، في خلق جو من عدم الاستقرار.


غير أن العديد من الباحثين اعتبروا أن قرار الإدارة المقبلة بتعيين مبعوثين خاصين متعدّدين قد يُضيف تعقيدات إلى نهج السياسة الخارجية الأميركية، خصوصاً أن أدوارهم المتداخلة قد تخلق ارتباكاً. فقد تمّ تخصيص شخصيات عدة لمناصب الشؤون الخارجية، فهل سيترجم ذلك معارك محتملة على النفوذ؟ قال مصدر مطّلع على التعيينات لـ "نداء الوطن": "هناك ازدحام مبعوثين"، لافتاً إلى التحدّيات التي تفرضها هذه الأدوار المتداخلة.


ومن المثير للاهتمام أن العديد من المبعوثين الخاصين يُمكنهم بدء عملهم من دون الحاجة إلى تأكيد مجلس الشيوخ لمدّة عام تقريباً، شرط أن يخطر ترامب اللجان الرئيسية في الكونغرس حول مهامهم. وأوضح مساعد وزير الخارجية السابق لسياسة الشرق الأدنى ديفيد شينكر لـ "نداء الوطن" أنه "قد يسمح هذا باستجابة أسرع في شغل هذه الأدوار. لكن هذا يعني أيضاً أن حدود السلطة قد تكون ضبابية". ومع تقادم الإدارة، قد تصبح وظائف هؤلاء المبعوثين الخاصين أكثر وضوحاً. مع ذلك، قد تكون بعض الأدوار شرفية، وبمثابة مكافآت سياسية للموالين.


لكن ما يزيد الأمور تعقيداً بالنسبة إلى وزير الخارجية المُعيّن ماركو روبيو، هو الحاجة إلى التنقل في مشهد مليء بالمسؤوليات المتنافسة. وأشار مسؤول أميركي يُراقب الديناميكيات عن كثب إلى أن ترامب "يُنشئ متاهة من الحقائب المتنافسة"، لذا "سيكون من أصعب التحديات التي يواجهها روبيو تحديد خطوط واضحة لسلطة المسؤولين في وزارته لمنع أي تضارب مصالح مع المبعوثين الرئاسيين". فالتعاون بين المبعوثين الخاصين ووزير الخارجية أمر بالغ الأهمية وسط شبكة المسؤوليات المتداخلة هذه. و"السؤال الرئيسي للبيت الأبيض هو ما إذا كان المبعوثون سيُنسّقون جهودهم مع وزير الخارجية لتجنب المفاجأة أثناء أي مفاوضات حاسمة"، وفق شينكر.


تاريخياً، العديد من قضايا السياسة الخارجية كانت تُدار من قِبل البيت الأبيض، وتميّزت إدارة ترامب الأولى بمبادرات مهمّة، مثل "اتفاقات أبراهام"، والتي غالباً ما قادها كبار المسؤولين في البيت الأبيض. ومع ذلك، هذه المرّة، قد يؤدّي العدد الكبير من التعيينات إلى نهج أكثر تجزئة للسياسة الخارجية الأميركية. ومع استعداد ترامب لتولّي منصبه، تقدّم الديناميكيات المعقدة فرصاً وتحدّيات. وسوف يُراقب العالم عن كثب كيف سيتطور نهج الدبلوماسية الأميركية في الشرق الأوسط في السنوات المقبلة.



مبعوثو ترامب

من بين الشخصيات الرئيسية في الإدارة الجديدة التي تركز على أزمة الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف ومسعد بولس.


يُعرف ويتكوف بموقفه المؤيّد لإسرائيل وارتباطه القوي بترامب، وقد كُلِّف بمعالجة الحرب في غزة، وتطبيع العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل، وإحياء جهود السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وعلى الرغم من أنه يفتقر إلى الخبرة الرسمية في السياسة في الشرق الأوسط، فإن علاقته الوثيقة بترامب قد تعزز صدقيّته في المحادثات مع القادة الإقليميين.


أمّا بولس، الذي تربطه علاقات عائلية بترامب، فمكلّف بملاحقة المبادرات الدبلوماسية في كلّ أنحاء العالم العربي. وتسلّط مشاركاته السابقة مع المجتمعات العربية خلال حملة 2024 الرئاسية ودوره في تسهيل المحادثات مع بعض المسؤولين العرب، الضوء على التزامه بتعزيز العلاقات الدبلوماسية في المنطقة.


بالإضافة إلى ذلك، فإن عمل ويتكوف وبولس سيتقاطع مع عمل مايك هاكابي الذي عُيّن سفيراً للولايات المتحدة في إسرائيل، خصوصاً أن موقف الإدارة من المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية واستراتيجيّتها الدبلوماسية الأوسع نطاقاً، لا يزال يتبلور، فيما يعتبر التقدّم في إقامة دولة فلسطينية شرطاً مسبقاً للتطبيع السعودي مع إسرائيل. ومع استعداد الإدارة المقبلة لاتخاذ خطواتها الأولى في معالجة هذه القضايا الحرجة، فإن هذه المقاربات المعقدة قد تجسّد نهج الولايات المتحدة في الشرق الأوسط لسنوات مقبلة.