جوزيفين حبشي

التغيير السياسي لِمَ لا ينسحب على الفن؟

جوائز "Joy Awards": لبنان يطالب بالاستقلال

"بيقولوا زغيَّر بلدي"… نعم، بلدي لبنان "زغيَّر" بمساحته وبعدد سكانه مقارنة بدول عربية أخرى، مثل سوريا ومصر والسعودية. لكنّه كبير جدّاً بطاقاته البشرية في كافة المجالات وخصوصاً الفنية (إخراج، كتابة، تمثيل، غناء…)، التي لا تقاس بالأعداد الكبيرة، إلا إذا كانت مرتهنة بتصويت الجمهور. مناسبة هذا الطرح، حفل جوائز صنّاع الترفيه "Joy Awards"، وهو من أضخم الاحتفالات المندرجة ضمن فعاليات "موسم الرياض"، ويحتفي بصنّاع الترفيه في العالم العربي، في مجالات الفن والسينما والدراما والموسيقى والرياضة.


هذه المسابقة ترتكز على اختيار الجمهور للفائزين، من خلال التصويت على 5 فئات، هي: السينما، الموسيقى، المؤثّرون الاجتماعيّون، الرياضة والمسلسلات الدرامية، ولكلّ فئة 4 مرشّحين.


إذاً، في "Joy Awards" الارتكاز في الاختيار يقع بشكل تام على عاتق الجمهور الذي لا يزال يصوّت غالباً وفقاً لانتمائه الجغرافي، لا لحكمه العادل على القيمة الفنية، عملاً بالمثل القائل "زيوان بلادك ولا قمح الصّليبي". الكلمة الفصل في النتيجة للجمهور، من دون الاعتماد (ولو جزئيّاً) على لجان تحكيم متخصصة وقادرة على الحكم على جودة العمل الذي قدمه الفنان، من دون أي تأثير للبلد الذي يأتي منه. والجمهور الذي يصوّت، يتخطّى 100 مليون شخص في حال كان من مصر، و 20 مليوناً في السعودية وسوريا ، و "أنجأ" 3 ملايين في لبنان.


ألا يشكّل هذا الارتكاز على الجمهور وحده غبناً وظلماً لمرشّحين من لبنان، يقفون على قمة الإبداع الفني، لكنّ مصيرهم مرهون بجمهور سيظلّ وفياً لمرشّحي بلدانهم، و يُعَدّ لبنان نقطة في بحرها عددياً؟



دعوة إلى الإنصاف

صحيح أنّ الهيئة العامة للترفيه، بالتعاون مع مجموعة "MBC"، المنظّمين للحفل، احتاطتا للأمر من خلال تقسيم المسلسلات الدرامية إلى 3 فئات: المسلسل الخليجي والمصري والمشرقي. والفئة الأخيرة تضمّ السوري، واللبناني السوري المشترك، والمعرّب عن التركي.


لكن هذا القسم المشرقي كما سُمّي، ليس منصفاً بحقّ الدراما اللبنانية والفنانين اللبنانيين، فمن غير العادل جمعهم مع الدراما السورية، طالما أنّ الحكم للجمهور، والجمهور السوري، كما تعلمون ونعلم، يفوق بعدده عشرات المرات الجمهور اللبناني. والدليل عمّا نقول، غياب أعمال ناجحة جداً وممثلين لبنانيين رائعين من اللائحة النهائية للترشيحات.


مع انبثاق فجر التغيير في المناخ السياسي للمنطقة، ومع سقوط النظام الأسديّ الذي لطالما هيمن على القرار اللبناني، ومع فصل مسار سوريا عن لبنان، نأمل أن يتمّ فصل الدراما اللبنانية عن السورية في جوائز "Joy Awards"، طالما أنّ الكلمة الفصل للجمهور. فمع صدور الترشيحات النهائية للجائزة، لا يسعنا سوى إبداء أسفنا واستغرابنا لغياب مسلسل "ع أمل" الذي كان يحقّق نجاحاً كبيراً خلال مراحل التصويت، ويستوفي كذلك الأمر كافة شروط الإبداع الفنّي برسالته ونصّه وإنتاجه وإخراجه وأداء كلّ ممثليه، خصوصاً بطلته ماغي بو غصن التي غاب اسمها هي الأخرى، رغم فوزها والمسلسل بمعظم الجوائز التي رُشِّحا لها في مهرجانات تعتمد على اختيارات لجان تحكيم متخصصة. نأسف أيضاً لغياب اسم الممثل اللبناني وسام فارس الذي نافس بقوة كلّاً من الممثّلين أيمن زيدان، وسامر اسماعيل بأدائه الرائع والمميّز في المسلسل المعرّب "العميل". الأسف يطال أيضاً غياب اسم المخرج اللبناني إيلي سمعان الذي حقّق نجاحاً جماهيرياً كبيراً مع فيلم "شهر زي العسل".


الجمهور اللبناني لم يشعر بالـ "Joy" مع هذه الترشيحات النهائية، "ع أمل" أن تأخذ الهيئة العامة للترفيه بعين الاعتبار هذا التمني بتخصيص قسم خاص بلبنان في الدورات اللاحقة، خصوصاً أنّ الدراما اللبنانية بدأت تحقّق استقلالية، وفي رمضان 2025 نحن على موعد مع مسلسل لبناني بحت هو "بالدّم" من إنتاج "إيغل فيلمز".