كتب يوسي يهوشع في صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية اليوم مقالاً بعنوان "اتفاق سيّئ لكن لا مفرّ من قبوله"، جاء فيه:
لا حاجة لتجميل الواقع: الاتفاق المرتقب لوقف النار وتحرير المخطوفين والمخطوفات هو سيّئ لإسرائيل، لكن لا مفرّ من قبوله. دولة تورّطت عميقاً في حدث خطر ومركب جدّاً في 7 تشرين الأول مدينة بدين أخلاقيّ لمواطنيها ومواطناتها الذين سُحبوا من أسرّتهم أو للمجنّدات والجنود الذين تركهم الجيش الذي تجنّدوا فيه لمصيرهم. هذا لا يُعفينا من التصدّي للمستقبل القاتم الذي ينتظرنا من الجانب الآخر، في ضوء الثقوب الواسعة في المنحى المتحقق.
الحادثة القاسية أمس في بيت حانون وفي عموم المعارك المريرة في جباليا يُمكنها أن تدلّ على مشكلة مركزية في الاتفاق ترتبط بالعودة إلى القتال. فقدنا 55 ضابطاً وجندياً في هذه الجبهة منذ تشرين الأول، 15 منهم فقط في الأسبوع الأخير في بيت حانون. كلّ هذا يقع في منطقة يُقاتل فيها الجيش الإسرائيلي منذ الآن ويدّعي أنه حقق الحسم ومعظم السكّان نزحوا. غير أن المقاتلين والضباط يشهدون بأن الحملة لا تجري كما ينبغي: حجم القوات كان أصغر من المطلوب وهي ليست مزوّدة بما يكفي من الآليات الثقيلة.
في "لواء ناحال"، يعترفون أيضاً بموضوع لا يجري الحديث عنه بشكل كافٍ: المقاتلون متعبون جداً. هم يُقاتلون على نحو متواصل منذ 7 تشرين الأول وقليلاً ما يعودون إلى بيوتهم. الآثار واضحة. مثلما تدار الحرب، فإنها لم تجلب ما يكفي من نتائج.
من هنا يُثار السؤال: إذا كان الاتفاق يسمح بعودة السكّان إلى شمال القطاع (ليس فقط مواطنين أبرياء سيستغلّون الفرصة)، فكيف بالضبط ستضمن إسرائيل القدرة على العودة للقتال إذا ما قرّرت "حماس" بأنها لن تلتزم بالاتفاق؟ الأثمان ستكون أعلى بأضعاف ممّا دفعناه حتى الآن. بالمناسبة، الانسحاب بالذات من "محور فيلادلفيا"، الذي كان حتى قبل بضعة أشهر صخرة وجودنا حسب رئيس الوزراء، يبدو أقل خطراً. أما إغراق المنطقة بسكّان مدنيين، فسيجعل استئناف القتال كابوساً.
في المقابل، فإن الأخطاء القاسية في بيت حانون تدلّ على أن الجيش بحاجة عاجلة إلى الانتعاش وكذلك إلى تبديل القادة ممن اعترفوا بمسؤوليتهم عن 7 تشرين الأول. قائد المنطقة الجنوبية يرون فينكلمان، أخطأ بشدة في توزيع المسؤولية على الجبهات. تبيّن أن "فرقة غزة" مسؤولة أيضاً عن المنطقة العازلة على طول كل خط الحدود، عن رفح في جنوب القطاع وعن المعارك في بيت حانون. هذا حجم غير معقول من مهام من أنواع مختلفة تماماً، ما خلق الفجوة الفتاكة في الانتباه وفي الوسائل لدى الفرقة وفي قدرتها على التصدّي لحجم المقاومة من "حماس". وكيف نعرف أنه حتى في الجيش يفهمون الإخفاق؟ بعد بضع ساعات من الحادثة القاسية، نقلت المسؤولية عن بيت حانون إلى "الفرقة 162" التي تقاتل في جباليا المجاورة.
وبالتالي، بعد 15 شهراً من بداية الحرب، الجيش لم ينجح حقاً في تقويض الذراع العسكرية لـ "حماس"، على الرغم من أن ذلك من مسؤوليته. المستوى السياسي، في المقابل، لم يعمل على خلق سلطة بديلة في غزة. وهكذا، نحصل على اتفاق ندفع فيه ثمناً باهظاً يفترض أن ندفعه على صفقة شاملة وليس على صفقة جزئية، بعدها ستختفي رافعات الضغط التي تستهدف ضمان المراحل التالية.
يبقى الأمل في أن الرئيس الأميركي المُنتخب دونالد ترامب على الأقل أعطى وعوداً، والأهمّ أنه يقصد أيضاً الإيفاء بها.