بدأت واشنطن تتحصّن أمنياً أمس استعداداً لتولية الرئيس الأميركي المُنتخب دونالد ترامب الإثنين المقبل، عبر إقامة سياج أمني أسود موَقت يمتدّ لمسافة 48 كيلومتراً، فضلاً عن نشر 25 ألف عنصر شرطة ونقاط تفتيش أمنية للتعامل مع مئات الآلاف ممن سيشهدون توليته، خصوصاً بعدما كانت حملة ترامب الانتخابية قد شهدت محاولتين لاغتياله، بالإضافة إلى عمليّتين أمنيّتين هزتا نيو أورليانز ولاس فيغاس في اليوم الأوّل من العام الجديد.
وسيؤدّي ترامب اليمين على درجات مبنى الكونغرس الأميركي المواجهة لنصب واشنطن التذكاري بحضور أعضاء الكونغرس والمحكمة العليا وإدارته المقبلة وعشرات الآلاف من المتابعين، ليتبع ذلك مسيرة احتفالية حتى البيت الأبيض، بعد عطلة نهاية أسبوع ستشهد احتجاجات من المعارضين لترامب اليساريين مقابل تجمّعات واحتفالات لأنصاره اليمينيين.
وأفاد مسؤولون وكالة "رويترز" بأن السياج الأسود الذي يبلغ ارتفاعه مترين سيكون أطول سياج تجري إقامته على الإطلاق في واشنطن، وقد صُمّم ليكون غير قابل للتسلّق. وسيعمل على تكثيف الوجود الأمني نحو 7800 جندي من الحرس الوطني و4000 شرطي مستدعى من أقسام الشرطة الأخرى في أنحاء الولايات المتحدة.
في السياق، أوضح مات ماكول من جهاز الخدمة السرية الأميركي الإثنين أنه "نحن في بيئة يزداد التهديد فيها"، فيما اعتبر قائد شرطة مبنى الكابيتول توماس مانغر أنه "يبقى التهديد من المهاجمين المنفردين هو المبرر الأهم لكوننا في حال تأهب قصوى طوال الأسبوع المقبل". وحذر مكتب التحقيقات الفدرالي ووزارة الأمن الداخلي الشرطة في أنحاء البلاد من خطر وقوع هجمات مماثلة لما حدث في نيو أورليانز.
في الغضون، يواجه فريق عمل ترامب أسبوعاً حافلاً في مجلس الشيوخ، إذ يُسابق أعضاء المجلس الزمن للنظر في الأسماء الكثيرة المطروحة أمامهم والمصادقة عليها، التي تحتاج إلى 51 صوتاً من أصل 100، في حين يتمتع الجمهوريون بـ53 صوتاً، ما يعني أن أي مرشح لا يستطيع خسارة أكثر من 3 أصوات جمهورية، علماً أن لنائب الرئيس جاي دي فانس، الصوت الحاسم في حال التعادل بصفته رئيساً للشيوخ. وجلّ ما يُمكن للديمقراطيين فعله في هذه الحالة هو تأخير موعد التصويت إذا تمكّن الجمهوريون من رصّ صفوفهم.
وتبدو مهمة التصديق صعبة بالنسبة إلى بعض الأسماء، كالمرشح لمنصب وزير الدفاع بيت هيغسيث، الذي يواجه انتقادات بسبب سجله المثير للجدل واتهامات بالتحرش الجنسي، وقد بدا هذا واضحاً في جلسة الاستماع التي عقدتها لجنة القوات المسلّحة للمصادقة عليه في منصبه، فضلاً عن المرشحة لمنصب مديرة الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد، التي تحوم شكوك حول تقييمها للسياسة الخارجية وعلاقتها مع خصوم الولايات المتحدة.
في الأثناء، أفاد تقرير للمدعي الأميركي الخاص جاك سميث نشره الإعلام الأميركي أمس بأن ترامب كان سيُدان على خلفية سعيه المفترض إلى تغيير نتيجة انتخابات عام 2020 لو أنه لم يُنتخب رئيساً، مشيراً إلى أن وجهة نظر وزارة العدل بأن "الدستور يحظر مواصلة اتهام وملاحقة الرئيس قضائياً" قاطعة، بينما ردّ ترامب بالقول إنه "في تعبير عن مدى يأس جاك سميث المختلّ عقلياً، نشر استنتاجاته الزائفة". وكان سميث قد استقال من وزارة العدل الأسبوع الماضي بعد أيام على تقديم تقريره النهائي كمدّع خاص.
إلى ذلك، كشفت مصادر مطلعة لوكالة "بلومبرغ" أن المسؤولين الصينيين يُقيّمون خياراً محتملاً يتضمّن استحواذ الملياردير الأميركي إيلون ماسك على أعمال "تيك توك" في أميركا، في حال الفشل في منع الحظر المثير للجدل على التطبيق، مشيرة إلى أن أحد السيناريوات التي ناقشتها الحكومة الصينية يقترح أن تتولّى شركة "إكس" التي يملكها ماسك السيطرة على "تيك توك" أميركا.
على صعيد آخر، أطلقت كوريا الشمالية صواريخ باليستية عدة قصيرة المدى في اتجاه بحر اليابان أمس، بحسب الجيش الكوري الجنوبي، في عملية رجّح خبراء أن تكون رسالة لترامب للضغط عليه قبيل توليته رئيساً، كما تزامن إطلاق الصواريخ مع زيارة وزير الخارجية الياباني تاكيشي إيوايا إلى كوريا الجنوبية، التي حذر رئيسها بالوكالة تشوي سانغ موك من أن "سيول سترد بقوة أكبر على استفزازات كوريا الشمالية بناء على موقعها الأمني القوي وتحالفها مع الولايات المتحدة".