مع ترقب العالم بحذر تصاعد الدخان الأبيض من الدوحة، أكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال كلمة حول الشرق الأوسط أمام "المجلس الأطلسي" في واشنطن أمس أن اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة وإطلاق سراح الرهائن بات "أقرب من أي وقت مضى"، مشيراً إلى أن الأطراف المشاركة في صياغته تنتظر الموافقة النهائية من "حماس". وكان لافتاً حديثه عن "اليوم التالي" بعد وقف الحرب، بحيث كشف أن خطة إدارة غزة عندما تضع الحرب أوزارها، تتضمّن وجود مهمّة أمنية موَقتة تضمّ قوات دولية وفلسطينيين، مشدّداً على ضرورة "ضمان عدم قدرة "حماس" على حكم قطاع غزة".
وفي ما يتعلّق بالتطورات الأخيرة في صفقة وقف إطلاق النار وتبادل الرهائن، لفت بلينكن إلى أن مصر وقطر توصلتا إلى صيغة نهائية لاتفاق وقف النار، معتبراً أن الكرة الآن في ملعب "حماس"، في حين أفاد مصدر مسؤول في الحركة لوكالة "رويترز" بأن "حماس" لم تسلّم حتى الآن ردّها على مسودة اتفاق وقف النار المقترح، لأن إسرائيل لم تسلّم حتى هذه اللحظة الخرائط التي ستوضح المناطق التي ستنسحب إليها قواتها. وهذه الخرائط تشمل الانسحاب من محورَي "نتساريم" و"فيلادلفيا" ومن جباليا في شمال القطاع ورفح في جنوبه.
وبالنسبة إلى "اليوم التالي"، شدّد بلينكن على أنه يتعيّن على إسرائيل القبول بوجود غزة والضفة الغربية موحدتين تحت قيادة السلطة الفلسطينية بعد إصلاحها، التي ستدعو الأمم المتحدة والشركاء الدوليين إلى المساعدة في إنشاء وإدارة موَقتة للقطاع بموجب الخطة، مؤكداً حق الفلسطينيين في أفق سياسي واضح، لكنه أشار أيضاً إلى أنه "لا يُمكن لأحد أن يُجبر إسرائيل على قبول دولة فلسطينية تحكمها "حماس" أو أي منظمة متطرّفة أخرى". وذكر أنه سيُسلّم خطة "ما بعد الحرب في غزة" إلى إدارة الرئيس الأميركي المُنتخب دونالد ترامب.
في الأثناء، استأنف المفاوضون في الدوحة عملهم، حيث أكدت الحركة "استمرار التواصل والتشاور حتى إتمام اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى الذي وصل إلى مراحله النهائية"، معربة عن أملها في "أن تنتهي هذه الجولة من المفاوضات باتفاق واضح وشامل"، فيما أرسلت حركة "الجهاد الإسلامي" وفداً رفيع المستوى إلى الدوحة "للمشاركة في التفاصيل النهائية لاتفاق وقف إطلاق النار".
وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري أن مفاوضات غزة تجري حالياً في الدوحة حول التفاصيل النهائية لاتفاق وقف النار، معرباً عن أمل بلاده في الوصول إلى اتفاق. وأكد أنه جرى تجاوز العقبات الأساسية أمام الاتفاق، لكنه شدّد على أنه "من المهمّ ألّا نبالغ في التوقعات"، في حين بحث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع نظيره الأميركي جو بايدن خلال اتصال هاتفي، جهود الوساطة التي تجريها القاهرة والدوحة وواشنطن للتوصّل إلى اتفاق، بحسب الرئاسة المصرية التي كشفت أن الرئيسَين "أكدا أهمية التزام الأطراف المعنية بتذليل العقبات وإبداء المرونة اللازمة للتوصل إلى الاتفاق".
توازياً، كشف مسؤول إسرائيلي لـ "رويترز" أن المرحلة الأولى من الاتفاق ستتضمّن إطلاق سراح 33 رهينة، بينهم أطفال ونساء ومجندات ورجال فوق الـ 50 وجرحى ومرضى، وانسحاباً تدريجياً جزئياً للقوات الإسرائيلية، بينما أفاد مصدر فلسطيني للوكالة بأن إسرائيل ستفرج في المقابل عن 1000 سجين فلسطيني خلال المرحلة الأولى التي ستستمرّ لمدّة 60 يوماً. ونقلت "القناة 12" الإسرائيلية عن وزير الخارجية جدعون ساعر قوله إن "صفقة التبادل ليست جزئية، بل ستكون صفقة تدريجية".
وفي تفاصيل الاتفاق، نقلت شبكة "سي أن أن" عن مسؤول إسرائيلي قوله إنه "سنفرج بموجب الاتفاق عن مئات السجناء الفلسطينيين ومنهم من دينوا بقتل إسرائيليين، وسيُسمح للمدنيين الفلسطينيين بالعودة إلى شمال قطاع غزة بحرية، والجيش سيبدأ انسحابه من المراكز السكانية خلال المرحلة الأولى وسيبقى في محور فيلادلفيا، وسنحتفظ بمنطقة عازلة داخل غزة على طول حدود القطاع مع إسرائيل"، مشيراً إلى أن "المفاوضات في شأن المرحلتين الثانية والثالثة من الاتفاق تبدأ في اليوم الـ 16 لتنفيذ الاتفاق".
أمّا على مستوى الحملة الأمنية التي تشنها السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، فقد كشفت "كتيبة جنين" التابعة للذراع العسكري لحركة "الجهاد الإسلامي" أنها وافقت على مبادرة "تهدف إلى حقن الدم الفلسطيني" كانت قد تقدّمت بها لجان الإصلاح في جنين، التي ذكرت أن قوات أمن السلطة وافقت على المبادرة كذلك.