قيود صارمة في أوروبا... ونيوزيلندا تكسب المعركة

02 : 00

اجتماع بين سانشيز وأيوسو في مدريد أمس لبحث استراتيجيّة مواجهة تفشّي الوباء (أ ف ب)

بينما لا يزال "عدوّ البشريّة" يُهدّد حياة الملايين ويُحطّم أحلامهم ويخطف أحبابهم ويسلب سعادتهم في حياة طبيعيّة، خضع نحو مليون من سكّان مدريد ومحيطها مجدّداً اعتباراً من يوم أمس لتدابير صارمة على تنقّلاتهم لمدّة أسبوعَيْن، في محاولة لاحتواء الارتفاع الكبير الجديد في أعداد إصابات "كوفيد 19" في العاصمة الإسبانيّة ومحيطها.

وفي حي بوينتي دي فاليكاس، الواقع في جنوب العاصمة والمشمول بالتدابير الجديدة، كانت آليّات الشرطة توقف عشوائيّاً السيّارات الداخلة والخارجة منه للتحقّق ممّا إذا كان أصحابها يحملون وثيقة تُبرّر تحرّكهم، إذ بموجب التدابير الجديدة، يمنع على نحو 850 ألف شخص من أصل 6.6 ملايين شخص يقطنون مدريد ومحطيها، الخروج من أحيائهم إلّا لأسباب محدّدة، كالذهاب إلى العمل أو الدراسة أو زيارة الطبيب، وتلبية استدعاء قانوني، أو تقديم العون لأشخاص يحتاجون للمساعدة.

وفي المقابل، لسكّان تلك الأحياء التي باتت مصنّفة حمراء من حيث الخطر الوبائي، حقّ التحرّك داخله وهم بالتالي غير مرغمين على البقاء في بيوتهم. وتهدف الحكومات المحلّية التي تملك الصلاحيّة الحصريّة في القضايا المتعلّقة بالسياسات الصحية، وكذلك الحكومة المركزيّة الاشتراكيّة برئاسة بيدرو سانشيز، من هذه التدابير، إلى تفادي إصدار إغلاق عام جديد مماثل لما فرض الربيع الماضي والذي كان أثره الاقتصادي مدمّراً.

ومع ذلك، يعتبر العديد من الخبراء أن الاجراءات الجديدة جاءت متأخّرة جدّاً ويُشكّكون في أنّها ستتمكّن من الحدّ من ارتفاع عدد الإصابات. وسجّلت أحياء العاصمة والضواحي المجاورة لها الخاضعة للتدابير، معدّل إصابات يفوق ألف حالة بين كلّ مئة ألف نسمة خلال الأسبوعَيْن الأخيرَيْن، وهو معدّل اعتبرته رئيسة الحكومة المحلّية إيزابيل ديار أيوسو "بالغ الخطورة".

أمّا في المملكة المتحدة، فقد رفعت الحكومة البريطانيّة مستوى الإنذار المتّصل بالوباء من ثلاثة إلى أربعة ليعكس الزيادة في الحالات، مع تحذير السلطات الصحية من أنّه يتعيّن على البلاد "تغيير التوجّه" تحت طائلة موجة وبائيّة ثانية قد تُفضي إلى 200 وفاة يوميّاً في تشرين الثاني. وبريطانيا، الأكثر تضرّراً بالوباء في أوروبا مع 42 ألف وفاة، تُسجّل حاليّاً ضعف عدد الحالات كلّ أسبوع.

وكشف المستشار العلمي للحكومة باتريك فالانس خلال حديث متلفز أنّه "إذا واصل الوباء هذا المنحى فسنصل إلى 50 ألف حالة يوميّاً بحلول منتصف تشرين الأوّل، مقابل ستة آلاف حاليّاً، وقد يُفضي هذا الوضع إلى 200 وفاة يوميّاً أو أكثر منتصف تشرين الثاني"، في حين تتكثّف القيود المحلّية لمكافحة تفشّي الفيروس التاجي خصوصاً في 4 مناطق في ويلز، بينما أعلنت رئيسة وزراء اسكتلندا نيكولا ستورجن تأييدها لـ"توحيد جهود الكيانات الأربعة المكوّنة للمملكة المتحدة"، معربةً عن استعدادها للاستغناء عن ذلك في حال لم ترَ قرارات لندن مناسبة.

ويبدو الوضع مقلقاً أيضاً في بلجيكا، حيث تجاوز عدد الإصابات 100 ألف الأحد، وفي فرنسا حيث سجّلت أكثر من 10 آلاف إصابة جديدة في غضون 24 ساعة، فيما تراجعت كبرى أسواق المال الأوروبّية بنسبة 3 في المئة أمس وسط قلق المستثمرين إزاء تصاعد المخاوف من موجة وبائيّة ثانية، وغياب خطط تحفيز ماليّة جديدة، بحسب مضاربين.

توازياً، فرضت حكومة كيبيك قيوداً مرتبطة بالتجمّعات، خصوصاً في مونتريال، بهدف منع موجة وبائيّة ثانية، بحيث أوضح وزير الصحة والخدمات الاجتماعيّة كريستيان دوبي أن عدد الأشخاص الذين يُسمح لهم بالتجمّع في قاعات مستأجرة أو أماكن عبادة أو احتفالات أو زيجات، سيخفض من 250 إلى 50 اعتباراً من أمس، مشيراً إلى أنّه "في ثلاث مناطق من المقاطعة حيث باتت مدينتا مونتريال وكيبيك في مستوى "إنذار برتقالي" من انتشار الوباء، ستحصر هذه التجمّعات بمعدّل 25 شخصاً".

وفي الأثناء، قرّرت رئيسة وزراء نيوزيلندا جاسيندا أرديرن تخفيف القيود المرتبطة بالفيروس القاتل في معظم المناطق إلى أدنى مستويات الإنذار، مؤكدةً أن البلاد تتّجه نحو "القضاء على كوفيد 19"، فيما انضمّت أكثر من 60 دولةً غنيّة، باستثناء الولايات المتحدة والصين، إلى الآليّة التي وضعتها منظّمة الصحة العالميّة لتسهيل وصول الدول الفقيرة إلى لقاح ضدّ فيروس "كورونا المستجدّ".

تزامناً، أظهرت دراسة جديدة أجراها المجلس النروجي للاجئين أن للوباء تداعيات مدمّرة على الأشخاص النازحين والمتضرّرين من الصراعات، ما يدفع الكثيرين نحو الجوع والتشرّد. ويستند التقرير الذي يحمل عنوان "دوامة هبوط" إلى تقويمات واستقصاءات في 14 دولة، من بينها أفغانستان والعراق وليبيا ومالي والصومال واليمن. ووفق المجلس، قال ما يقرب من ثلاثة أرباع الأشخاص الذين شملهم الاستطلاع (حوالى 1400) إنّهم واجهوا تدهوراً واضحاً في ظروفهم منذ بدء تفشّي الوباء.


MISS 3